ربّي أدمها علينا نعمة

نشر في 14-09-2022
آخر تحديث 14-09-2022 | 00:07
 د. منيرة سعد السلطان السالم سنتان من البلاء عاشهما العالم أجمع، ليكون فيروس كورونا المستجد هو القاسم المشترك بينهم، عاش تفاصيلها الفقير مثل الغني ليتساوى الناس في تنفيذ الشروط والقوانين التي كانت تَحكُم حريّاتنا خوفاً من انتشار الوباء، وهناك أسئلة كانت لا إجابة واضحة المصدر لها!

كورونا علمني أنّ هناك نِعماً لم أشعر بها من قبل، أو هي موجودة بشكل طبيعي في حياتنا اليومية فتعودنا عليها بطريقةٍ لا إرادية أو بشكل عفوي، أبسطها الشعور بالأمان عند الوقوف عند باب المنزل أو زيارة الأهل، فهي نِعمٌ بسيطة بنظرك وموجودة كأنها فرضٌ وليست نعماً من الله عزّ وجل.

عندي ذاكرة مكانيّة لزمنٍ عشتُ فيه الحرمان من أبسط حقوقي الإنسانيّة، ومن غير اعتراض قدمت الطاعة والالتزام بسبب الخوف من هذا البلاء المجهول في ذاك الزمان المشؤوم، فالصّبر كان صفة البطل المنتصر في نهاية كل قصة، سواء عاش البطل أو مات فهذا أمر الله عزّ وجل ولا اعتراض، فهو ابتلاءٌ من ربّ العالمين.

لنستذكر النّعم التي حُرمنا منها في فترة الوباء، فلكم أن نسترجع الممنوعات مثل إغلاق المدارس، ووقف العمل للموظّفين في كل القطاعات الحكوميّة والخاصّة، وحظر التجوال، وإغلاق المساجد والمجمعات والأماكن الترفيهية، وأيضاً المطارات.

القسم الآخر وبشكل مبسّط هو الحياة الحزينة والصعبة التي عاشها كل شخصٍ أصيب بالمرض وشُفي منه أو توفاه الله، فكم من أسرٍ عانت المرض أو خسارة شخصٍ عزيز عليها، فالمستشفيات كانت كابوساً مظلماً غامضاً تنتظر فيها مصيرك! والأطباء كانوا يعملون على قدمٍ وساق مثل خليّة النّحل متلاحمين حتى لا يسقط جدار المقاومة من هذا المرض، وحتى لا ننسى كلّ شخص ساهم في حماية هذا البلد الحبيب من هذا الوباء فلكم كلّ الشُّكر الجزيل والاحترام.

وكُلّي فخر بحكومتنا التي قدّمت الغالي والنفيس لحماية شعبها، فقامت بتأمين جميع احتياجات الشعب خارج دولة الكويت وداخلها بشكلٍ سريع، ودراسة كل ما يستجّد عن المرض وإصدار القوانين والاشتراطات والتعليمات الصحية بشكل يومي لحماية شعبنا الحبيب بكل وسائل التواصل السمعي والمرئي لبثّ الطمأنينة للشعب، فحكومتنا كانت هي الداعم الأول والأخير من بعد الله عزّ وجل، عشتَ يا بلد الأمان، عشتَ يا بلدي الحبيب.

لنستذكر بالذّاكرة الفوتوغرافية زمناً عشناه ومازلنا أحياء محظوظين خرجنا بسلامٍ من هذا المرض اللعين بصحةٍ وعافية، نعّمٌ كثيرة كانت ترافقنا، وأثناء الجائحة فقدنا كل هذه النّعم بلمح البصر بشكل لا يستوعبه عقل البشر، والآن ولله الحمد بدأت تعودُ الحياة تدريجياً الى الوضع الطبيعي، ليعود الموظف إلى عمله، والطالب إلى مدرسته، أو مشاهدة فيلم في السينما، أو الذهاب إلى مطعمه المفضّل.

سافر، زُر أهلك، اذهب لمناسباتك، اذهب لصلاة الجماعة بالمسجد، ففي يوم من الأيام كانت ممنوعة، فكلها نعم ترسم أقدارنا، ما أجملها من نِعم.

والآن وبعد عودة كلّ هذه النعّم بدأت طبيعة البشر تتعوّد على النعّم الموجودة كالعادة وتتناسى أنّها كانت بلحظة مسلوبة بشكلٍ يفوق الخيال ومن غير أيّ مُبررات، فلنكن حامدين شاكرين لكل شيء، على نعمة الحرية ونعمة الصّحة وغيرهما من النّعم التي لا تُعد ولا تُحصى، فعليك الإحساس بقيمة النّعمة والمحافظة عليها، وألا تتمرّد كأنّها ستكون ملكك، وأحِب النّعمة واستشعر بها واشكر الله لتدوم، وها هو 2022 بداية عامٍ دراسيٍ جديد وعودة طبيعيّة للحياة، فكُن شكوراً وممتناً لله عزّ وجل على كل النعم، والحمدُ لله على نعمة الحياة الطبيعية.

د. منيرة سعد السلطان السالم

back to top