مسار الحرب الدموية بين واشنطن وبكين يمرّ عبر تايوان

الصين تنهي أوسع مناوراتها مقابل الجزيرة... وأسطولها يمارس لعبة القط والفأر في أعالي البحار

نشر في 08-08-2022
آخر تحديث 08-08-2022 | 00:04
تايوانيون يراقبون مقاتلة تقلع من قاعدة هزينشو، وفي الإطار آخرون يتسوقون بالعاصمة تايبيه أمس (رويترز)
تايوانيون يراقبون مقاتلة تقلع من قاعدة هزينشو، وفي الإطار آخرون يتسوقون بالعاصمة تايبيه أمس (رويترز)
اختتمت الصين أكبر مناورات عسكرية تنفّذها في محيط تايوان، ردّاً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي للجزيرة، وهو ما هوى بالعلاقات الأميركية - الصينية إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.
مارست السفن الحربية الصينية والتايوانية لعبة «القط والفأر» في أعالي البحار، أمس، في ختام تدريبات عسكرية صينية لم يسبق لها مثيل انطلقت الخميس الماضي وانتهت أمس، رداً على زيارة رئيسة مجلس النواب الأميركي نانسي بيلوسي لتايوان الأسبوع الماضي، وأثارت غضب بكين التي ردت بتجارب إطلاق صواريخ بالستية فوق عاصمة الجزيرة للمرة الأولى، وقطع روابط الاتصال مع الولايات المتحدة.

وأبحرت نحو 10 سفن حربية من كل من الصين وتايوان على مسافة قريبة من بعضها البعض في مضيق تايوان، حيث عبرت بعض السفن الصينية «الخط الفاصل»، وهو حاجز غير رسمي يفصل بين جزيرة تايوان والبر الرئيسي للصين، هو خط سيطرة غير رسمي لا تعبره عادة الطائرات العسكرية والبوارج من أي من الجانبين.

وأفادت وزارة الدفاع التايوانية، في بيان، بأن العديد من السفن العسكرية والمقاتلات والطائرات المسيّرة الصينية أجرت تدريبات مشتركة قرب الجزيرة لمحاكاة هجمات على تايوان وعلى سفنها. وأضافت أنها أرسلت طائرات وسفناً للرد «بشكل مناسب».

وقال مصدر مطلع، إنه بينما «ضغطت» القوات الصينية باتجاه خط الوسط‭ ‬ الفاصل، مثلما فعلت، أمس الأول، ظل الجانب التايواني قريباً لمراقبة الوضع، وحيثما أمكن، حُرم الصينيون من القدرة على العبور، واصفاً المناورات بأنها مثل لعبة «القط والفأر» في أعالي البحار.

وأوضح أن «أحد الجانبين يحاول العبور، والآخر يقف في طريقه ليحرمه من التقدّم ويجبره على العودة في النهاية إلى الجانب الآخر».

الرحلات الجوية

وبينما ذكرت وزارة النقل التايوانية، أمس، أنها ترفع تدريجياً القيود المفروضة على الرحلات الجوية عبر مجالها الجوي، موضحة أن إشعارات التدريبات لم تعد سارية، قال رئيس الوزراء التايواني، سو تسينغ تشانغ، أمس، إن الصين استخدمت بـ «غطرسة» العمل العسكري لزعزعة السلام، وأضاف: «لن نخضع أبداً للضغط. نحن نلتزم بالحرية والديموقراطية، ونعتقد أن التايوانيين يرفضون أعمال الصين المتنمرة باستخدام القوة وقعقعة السيوف على أبوابنا».

تدريبات «منتظمة»

في المقابل، أعلن الجيش الصيني أن المناورات البحرية والجوية المشتركة، إلى الشمال والجنوب الغربي والشرق من تايوان، ركزت على قدرات الضربات البرية والهجمات البحرية، في سياق ما اعتبره محلّلون «محاكاة لحصار تايوان واجتياحها مع قطع السبيل أمام وصول مساعدة أميركية».

ومن المفترض أن تكون هذه التمارين قد انتهت أمس، حتّى لو أعلنت بكين أن مناورات جديدة بـ «الذخيرة الحيّة» ستقام حتى 15 الجاري في البحر الأصفر الذي يفصل بين الصين وشبه الجزيرة الكورية.

وكشفت القيادة الشرقية للجيش الصيني أن الغرض من هذه المناورات هو «اختبار القوة النارية في الميدان والضربات الجوية الطويلة المدى».

ولاحقاً، نقل التلفزيون الرسمي الصيني، أمس، عن أحد المعلّقين، بأن الجيش الصيني سيجري من الآن فصاعدا تدريبات «منتظمة» على الجانب الشرقي من الخط الفاصل في مضيق تايوان.

مسار الحرب

من ناحيته، يرى الأستاذ بكلية هارفارد كيندي، المدير السابق لمركز بيلفر بجامعة هارفارد، الكاتب وعالم السياسة الأميركي، غراهام أليسون، أن المسار الأسرع لحرب دموية بين الصين والولايات المتحدة يمرّ عبر تايوان، وإذا أدت الأزمة الحالية التي فجّرتها رحلة بيلوسي في وقت غير مناسب، وردّ عسكري قوي من جانب الصين إلى صدام بين السفن أو الطائرات الصينية والأميركية، وحتى مجرد «حادث» يمكن أن يكون بمنزلة الشرارة التي تشعل حريقاً هائلاً.

وقال أليسون، في تقرير نشرته مجلة ناشيونال إنترست الأميركية، إنه لحُسن الطالع، تدرك الحكومتان الأميركية والصينة أن حرباً ساخنة ستكون بمنزلة كارثة بالنسبة لهما، ولا يريد أي شخص رزين في أي من الحكومتين اندلاع حرب.

«مصير أوكرانيا»

وفي واشنطن، انتقد السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام طريقة تعامل الرئيس جو بايدن «الضعيفة» مع التوترات المتصاعدة مع الصين بشأن تايوان.

وأوضح في لقاء له مع قناة فوكس نيوز، أن «أهمية تايوان تكمن في أنه يتم فيها تصنيع 90 بالمئة من الرقائق المتطورة في العالم»، مضيفاً أن «الصين تريد أن تستولي على تايوان، وأن تحتكر سوق الرقائق».

واعتبر غراهام أن «الصين تستعرض عضلاتها، لأن إدارة بايدن ضعيفة».

وقارن الوضع في تايوان مع الوضع في أوكرانيا قائلاً: «في كل مرة هدد فيها (الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين أوكرانيا كنّا ضعفاء. وبدلاً من فرض عقوبات عليه عندما كدّس جيشه على الحدود، لم نرغب في استفزازه. وبدلاً من تدفّق الأسلحة إلى أوكرانيا قبل الغزو، لم نكن نريد استفزاز بوتين».

وتساءل: «إذاً ماذا نفعل في تايوان الآن؟ لديّ اقتراح قانون مع السيناتور الديموقراطي رئيس لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس، بوب مينينديز، لتقديم المزيد من المساعدات الاقتصادية والعسكرية لتايوان، لكن الإدارة تعمل على إفشال مشروع القانون».

وأكد العديد من المراقبين أن الصين تراقب الوضع في أوكرانيا، حيث شنّت روسيا عملية عسكرية في 24 فبراير، لمعرفة ما ستكون العواقب في حال قررت هي الأخرى فرض سيطرتها على تايوان التي لا تعترف باستقلالها، وتعتبرها جزءاً من أراضيها.

سيناتور جمهوري يحذّر إدارة بايدن من مصير أوكرانيا
back to top