وجهة نظر: الباحثون عن الفضائح

نشر في 22-07-2022
آخر تحديث 22-07-2022 | 00:00
 صالح غزال العنزي كنت أستمتع بمشاهدة أحد أفلام عادل إمام واسمه البحث عن فضيحة, حيث كان البطل يبحث عن فضيحة يلفت بها نظر الفتاة التي أعجب بها, وأذكر أن أحد بائعي الممنوعات (وكان خارجاً للتو من السجن) قال إنه كان أمام معضلة قبل دخوله السجن وهي أنه لا يستطيع جمع المال الكثير إلا إذا نال شهرة مناسبة في «الكار», وإذا صار مشهوراً فسيعجل ذلك بوقوعه بيد رجال المباحث، ولكنه قبل أن يشتهر أو يتم التشهير به وقع بيدهم وتم إيداعه السجن.

ولأن الشهرة والمال قد يتوافقان وقد يتقاطعان, فإن مسألة تحديد المطلوب أولاً ثم ضبط العلاقة بينهما تحتاج إلى درجة كبيرة من الذكاء والهمة والجرأة, وهو ما يعني أن مسألة تحديد حجم الشهرة الكافي لكسب المال أو حجم المال الكافي لإشهار الذات مهمة للغاية, ولذلك أيضاً وبسبب سوء تقدير هذه الحاجة نجد أن بعض الأغنياء يتهافتون للفوز بعضوية المجلس مثلاً, وبعض «الحفاي» الذين يفوزون بالعضوية يتحولون إلى أثرياء.

وكل ما سبق قد يكون ضمن حدود المفهوم والمشروع إذا ما بقي ضمن استثمار الشهرة لتحقيق المال أو استثمار المال لتحقيق الشهرة دون تحوّل الشخص إلى دائرة البحث عن فضيحة, لكن غير المفهوم الثراء المفرط وكسب المال بشكل يتجاوز حجم الشهرة, وكذلك اندفاع أصحاب المال لتحقيق الشهرة بأي ثمن للدرجة التي تشبه البحث عن فضيحة.

ولذا فإن بعض المفارقات تجعل (الواحد) يعيد التفكير مائة مرة لعله يجد سبباً واضحاً يقنع به نفسه (ويلعن الشيطان) عند المقارنة مثلاً بين فاشنست لا يتجاوز متابعوه في «تويتر» الأربعين أو الخمسين ألفاً ويدّعي تحقيق مكاسب مالية بالملايين من وسائل التواصل أكثر مما قد يحققه كريستيانو رونالدو الذي يتجاوز متابعوه المئة والخمسين مليون متابع.

ومثلما يثير المثال السابق الشك والريبة فإن صرف الثري الأموال الطائلة في سبيل الوصول لمنصب بالانتخاب يثير الشك والريبة أيضاً ولا يمكن التصديق بأن الهدف من صرف ثلاثة ملايين أو أربعة من أجل الحصول على راتب محدود لمدة محدودة تصرف يعكس رجاحة عقل الثري أو صوابه إن لم يكن وراء الأكمة ما وراءها.

دعك من كل ما سبق سواء كان نشاط أصحابه بريئاً أو فيه بصمات إبليس, فغير المفهوم عندي أن يكتب أحدهم وقد بلغ من العمر أرذله وهو يدّعي أنه شخصية عامة مقالاً أو تغريدة يحاول من خلالها تحقيق شهرة عبر التطاول على فئة اجتماعية والنيل منها بصورة جماعية عبر اتهامها بوصف معيب دون أن يجرؤ على التصريح باسمها والاكتفاء بالتلميح التافه خوفاً من العواقب القانونية لهذا الفعل, والمشكلة أنه لو كان مثل عادل إمام يبحث عن فضيحة ليلفت نظر الفتاة, أو مثل بائع الممنوعات يبحث عن شهرة ليتسع سوق توزيعه لكان الأمر مفهوماً ضمن سياق المنطق, ولكن المصيبة إذا كان الفعل طفولياً أحمق يصدر عن رجل في أرذل العمر لا يدري «عن هوى داره», هنا سيكون البحث عن فضيحة هو الفضيحة بعينها.

صالح غزال العنزي

back to top