عندما يثور الغوغاء

نشر في 13-07-2022
آخر تحديث 13-07-2022 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم الثورة لا تأكل أبناءها فحسب، لكنّها تُؤجج الأحقاد في النفوس المريضة... وسنقف في حكايتنا اليوم أمام بعض أحداث الثورة الفرنسية عام 1792، حيث رُفع فيها شعار «أخرجوا الدّمَ الفاسد من جسد الشعب».

رفع هذا الشعار كل من روبسبير ودانتون وسان جوست وهيبير... والأخير كان سائس خيول في قصر الأميرة دي لا بال، التي تُعدّ أجمل نساء ذلك القرن، وكانت تُعامل ذلك السائس برقّتها التي عُرفت بها عند الجميع، لكن طبعَه الخسيس أبى إلّا أن يردّ لها الجميل بأبشع ما تتصوره الشياطين!

• الأميرة الرائعة الجمال، دي لا بال، في زنزانة سجن لا فورس، تسأل سجّانها برِقّة:

- يا سيدي... أعتقد أن هذا وقت تناول طعام العشاء، وإنّي أرى الطعام يُوزّع على نزلاء الزنزانات... إنني لم أتناول طعاماً منذ أمس!

فلم يُجبها السجان، إذ كان هيبير قد خصص لزنزانة سيدته السابقة أقسى السجانين وأشدهم جلافةً وخسّة... وقُرب منتصف الليل والأميرة الجميلة المسكينة تتضور جوعاً، فُتح عليها باب الزنزانة فجأةً، بعد أن استسلمت للنوم على الطوى، ودخل عليها ثلاثة من السجّانين الغلاظ:

- ماري تيريز دي لا بال؟

- نعم يا سيدي.

- اتبعينا الآن للمثول أمام محكمة الشعب.

- الآن يا سيدي؟

- إذا نطقتِ بكلمةٍ واحدة صرعتك في مكانك بهذا السيف.

• عُقدت المحكمة التي كان يرأسها هيبير مع اثنين من جلاوزته... وبادر هيبير الأميرة لا بال:

- ما قولك في التُّهم الموجهة إليك؟!

- ما هي التُهم يا سيدي؟

- أتُهينين المحكمة، كما كنتِ تُهينين الشعب؟!

- أنا لا أهين أحداً، لكن ما تهمتي على وجه التحديد؟!

- يا مواطن هيبير، لماذا لا ننفّذ فيها حُكم الإعدام؟

- سيدي، أستحلفك بحقّ السماء، أعطني فرصة لأُجيب عن التُّهم الموجّهة إلي، وما هي؟

- حسناً... ما اسمك؟

- ماري تيريز سافو لا بال.

- لماذا لم تقولي الأميرة؟!

- لأنكم ألغيتم الألقاب سيدي.

- ما وظيفتك قبل إلقاء القبض عليك؟

- مديرة جناح جلالة الملكة.

- جلالة الملكة!! أليس هذا لقباً؟!

- سيدي، لا أعلم إذا كنتم قد ألغيتم الملكية.

- هل تُقسمين على حُب واحترام الحرية والعدالة والمساواة... وعلى بُغضك الملك والملكة والحُكم الملكي؟!

- أُقسم على الجزء الأول - تبكي - ولا أستطيع القسم على الجزء الثاني!

• فقررت المحكمة النطق بإعدام أجمل نساء باريس... لكن هيبير رفض تنفيذ الحكم على المقصلة... وإنّما أخذها وطاف بها في شوارع باريس، وهو يصيح:

- هذه هي عشيقة الملكة ماري أنطوانيت... فماذا أنتم فاعلون بها؟!

فقامت إحدى النساء وطعنتها بالبلطة على وجهها... فانتزعت عينها... ثم تقدّم أحدهم ليفصل رأسها عن جسدها... ثم أخذ الغوغاء يتقاذفون رأس واحدة من أجمل النساء في ذلك العصر!

وبعد فترة، تم إعدام هيبير وروبسبير ودانتون، ومعظم من قاموا بتلك المجازر اللاإنسانية!

د.نجم عبدالكريم*

back to top