خطاب التصحيح السياسي

نشر في 08-07-2022
آخر تحديث 08-07-2022 | 00:00
 خالد اسنافي الفالح جزيل الشكر والامتنان لسمو الأمير وسمو ولي العهد، حفظهما الله ورعاهما، على خطابهما السامي الذي بدد مخاوف أبناء الكويت المخلصين من التخلي عن الدستور أو تحييد أحكامه أو الالتفاف عليها أو المساس بها، وتأكيدهما أن الدستور «شرعية الحكم وضمان بقائه».

لقد جاء خطابكما متكامل الأركان، بليغ البيان، مبشّراً مرغّباً، ومنذراً مرهّباً، محمّلاً إدارتي السلطتين التشريعية والتنفيذية أسباب سخط الكويتيين، واعداً بطي صفحتها، تاركاً الخيار للكويتيين (نزولاً عند رغبتهم) لتصحيح مسار الممارسة السياسية عبر انتخابات نيابية قريبة، بكلمات لا ينطقها إلا السادة المتواضعون، والقادة العمليون، كما جاءت توجيهاتكما أشعة نور تخترق ضبابية المشهد، فاضحة كآبة المنظر، كاشفة عن سوء المنقلب، لذا أستثمر هذه المساحة الضئيلة في نثر كلمات قليلة، تستقي معانيها من حرارة توجيهاتكما نحو تصحيح مسار الممارسة السياسية والنيابية لإشعال جذوة «مشعل» ينير جزءاً من هذا النفق المظلم.

إن الإعلان عن عدم التدخّل في الانتخابات القادمة ونتائجها من تشكيل النوّاب المنتخبين لمكتب مجلسهم ولجانه دون الوزراء المعيّنين، خطوة ثورية في التصحيح تصب في منبع المقاصد الدستورية، يكون من شواهدها الامتناع عن إصدار مرسوم دعوة المجلس الجديد، لتحكيم الدستور في مادته 87 التي حددت موعداً لا يُخلف، مع الأخذ بما يستتبع ذلك من تأجيل المشاورات التقليدية التي يتقدمها رئيس مجلس الأمة لحين اختيار هذا الرئيس في الجلسة الافتتاحية، وكذلك عدم حضور الوزراء لهذه الجلسة بسبب تنحيهم عن الحكم بقوة الدستور.

إن تصحيح المسار لا يؤجَّل إلى موعد الانتخابات، فهو ينطلق من الخطاب لكي يستمر المجلس القائم بأعماله إلى حين إصدار مرسوم حله، فيجتمع المجلس لإنجاز تشريعاته المرتقبة، خصوصاً أننا أمام إقرار ميزانية الدولة للسنة القادمة التي لا يجوز لحكومة تصريف العاجل إقرارها لأنها من الأعمال المفضية للمحاسبة السياسية المحظور على الحكومات المستقيلة القيام بها، وإن حضور الوزراء المنتخبين لجلسة إقرار الميزانية يكون بصفتهم أعضاء منتخبين لا وزراء تصريف العاجل.

إن توجيه الناخبين لتحسين اختياراتهم يتطلّب توفير البيئة الانتخابية المناسبة، مما يستلزم اجتماع المجلس حالياً (وهو الأصل لولا الممارسات غير الدستورية) لإقرار التشريعات اللازمة لتوفير هذه البيئة، مثل المفوضية العليا للانتخابات والقوائم النسبية كمدخل ضروري لإصلاح النظام الانتخابي.

لقد أفرحتما أبناء الكويت المخلصين بسمو خطابكما، نرجو منكما مثلما بدأتما صفحة المصالحة الوطنية استكمال إصدار مراسيم العفو، «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ». (الشورى: 40)

أدامكما الله ذخراً للكويت وأبنائها المخلصين.

* خالد اسنافي الفالح

back to top