كيسنجر يرسم 3 سيناريوهات لنهاية حرب أوكرانيا

مسؤول عسكري أميركي سابق يحذّر من «هدر الموارد» على أوروبا على حساب خطر الصين

نشر في 03-07-2022
آخر تحديث 03-07-2022 | 00:04
عمال قرب ما تبقّى من عمارة ضخمة في ماريوبول (أ ف ب)
عمال قرب ما تبقّى من عمارة ضخمة في ماريوبول (أ ف ب)
رسم وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كيسنجر، سيناريوهات محتملة لإنهاء غزو أوكرانيا، أخطرها «احتمال دخول الغرب في حرب مباشرة مع روسيا»، في حين حذّر محلّل أميركي من التحدّي الكبير الذي تمثله الصين على أمن الولايات المتحدة.
حدّد وزير الخارجية الأميركي السابق، هنري كيسنجر، 3 سيناريوهات محتملة لانتهاء النزاع في أوكرانيا.

وقال الدبلوماسي الأميركي المخضرم في حديث لمجلة «ذي سبيكتيتور»، إنه «إذا توقفت روسيا عند الحد الذي وصلت إليه حتى الآن، فهي ستغزو 20 في المئة من أوكرانيا، والجزء الأكبر من دونباس، والمنطقة الصناعية والزراعية الأساسية، وجزء من الأراضي على ساحل البحر الأسود. وإذا توقفت عند هذا الحد فسيكون هذا انتصارا لها، ودور حلف شمال الأطلسي (الناتو) في مثل هذه الحالة، لن يكون مهما مثلما كان يعتقد في الماضي».

وأضاف: «السيناريو الثاني يتمثل في محاولة طرد روسيا من الأراضي التي سيطرت عليها في عمليتها العسكرية، بما فيها القرم، وفي حال استمرار الأعمال العسكرية ستزداد مخاطر دخول الغرب في حرب مباشرة مع روسيا».

وأشار إلى أن «السيناريو الثالث يتمثل في العودة إلى ما كان عليه الوضع قبل 24 فبراير»، مضيفاً: «في هذه الحالة، ستتم إعادة تسليح أوكرانيا، وهي ستكون مرتبطة مع الناتو بشكل وثيق أو قد تكون عضواً في الحلف في المستقبل، وهذا السيناريو يفترض تجميد النزاع لفترة معينة».

الصين التحدي الأكبر

وبعد أيام على إعلان واشنطن زيادة وجودها العسكري في أوروبا، رأى النائب السابق لوزير الدفاع الأميركي لشؤون الاستراتيجية وتطوير القوات إلبريدج كولبي، أنه يتعين أن تركز السياسة الخارجية الأميركية بسرعة بعد الحرب الروسية ـ الأوكرانية، وحتى خلالها على المنطقة الأكثر حسما في العالم وهي: آسيا.

وفي تقرير نشرته مجلة «ناشونال انتريست» الأميركية، قال كولبي إن ذلك سيتطلّب أن تعطي السياسة الخارجية والعسكرية الأميركية الأولوية في واقع الأمر لآسيا، بالنسبة للاستثمارات العسكرية وتخصيص رأس المال السياسي والموارد، وبالنسبة لاهتمام القادة الأميركيين.

وأكد أنه «منذ الغزو الروسي البغيض لأوكرانيا لم يتغيّر أي شيء، فآسيا تعتبر أكبر منطقة أسواق في العالم، وحصتها العالمية تتنامى. وفي منتصف آسيا، تقع الصين، التي تعتبر إلى جانب الولايات المتحدة إحدى القوى العظمى. وأصبح سلوك الصين أكثر عدائية واستبدادية بصورة متزايدة، ويبدو أنه يستهدف ترسيخ هيمنتها على آسيا. وإذا ما حققت بكين هذا الهدف، فإن التداعيات التي سيسفر عنها بالنسبة لحياة الأميركيين ستكون سيئة».

ويتابع كولبي: «لذلك، يجب أن يكون منع الصين من ترسيخ هذه الهيمنة على آسيا هو الأولوية بالنسبة للسياسية الخارجية الأميركية، حتى في وجه ما يحدث في أوروبا. والحقيقة الواضحة هي أن آسيا أكثر أهمية من أوروبا، والصين تمثل تهديداً أكبر بكثير من روسيا. وبالمقارنة، يبلغ اقتصاد الصين نحو ضعف اقتصاد أوروبا اليوم، لكن في غضون 20 عاماً، من المرجح أن يبلغ أضعافاً مضاعفة، وفي الوقت نفسه، يُعتبر إجمالي الناتج المحلي في الصين أكبر بكثير من مثيله في روسيا».

ويضيف كولبي: «في ظل استمرار التيارات الحالية، يبدو أن الصين في طريقها لتحقيق طموحات الهيمنة لديها. فالصين تقوم ببناء جيش من الواضح أن مهمته لا تقتصر على الدفاع عن أراضي بلاده. لكنه في الحقيقة سيكون قادراً على تمكينها من مواصلة تحقيق أهداف أكبر وأكثر طموحا، أولاً من خلال التهام تايوان، لكن لن ينتهي الأمر عند هذا الحد. وفي حقيقة الأمر، أعلنت بكين مرارا وتكرارا وسط الضجة حول الحرب في أوكرانيا، أنها ستزيد إنفاقها العسكري بنسبة 7 في المئة هذا العام. من ناحية أخرى، ورغم الحديث الكثير، أهملت الولايات المتحدة وضعها العسكري في آسيا، بينما يتخاذل الكثير من حلفائها مثل اليابان وتايوان في الحفاظ على دفاعاتهم. ونتيجة لذلك، واصل الميزان العسكري في آسيا التحول بشكل ملحوظ ضد الولايات المتحدة وحلفائها. ويمكن القول بوضوح أن الصين قد تقرر مهاجمة تايوان، وأن الولايات المتحدة ستكون خاسرة».

ورأى كولبي أن «موسكو، رغم أنها مازالت خطيرة، أظهرت بوضوح أن قوتها أقل صلابة مما كان يخشى الكثيرون. وفي الوقت نفسه، نهضت أوروبا وأعلنت زيادات كبيرة في الإنفاق العسكري، ودعمت دفاع أوكرانيا عن نفسها، وأظهرت درجة لم يسبق لها مثيل من التلاحم. والنتيجة، هي أن موسكو بدأت تمثل تهديدا أقل. وفي الواقع، فإنه يتعين أن يجعل ذلك الولايات المتحدة أكثر، وليس أقل، استعدادا للتركيز على آسيا. وفي الحقيقة، فإنه في هذه الظروف، من الصعب فعلا فهم المنطق وراء زيادة تركيز أميركا على أوروبا».

ويتساءل كولبي: «لماذا تضاعف أميركا جهودها في أوروبا على حساب آسيا بينما هناك خطر أقل من جانب روسيا ومزيد من الدعم الأوروبي الذاتي بينما يزداد الخطر في آسيا؟»، ليجيب: «يبدو أن الكثيرين في السياسة الخارجية والنخبة السياسية في الولايات المتحدة يعتبرون الحرب الروسية الأوكرانية فرصة تحديدا لمضاعفة الجهود في أوروبا. وأكثر من ذلك، يرى البعض أنها فرصة لمحاولة إعادة عقارب ساعة السياسة الخارجية إلى الامبريالية الليبرالية التي غطت العالم طوال العقدين الماضيين».

وينصح كولبي الولايات المتحدة «بضرورة مقاومة هذا الإغراء الذي يشبه الطاعون. حيث اتضح للأسف أن السياسات الخارجية المتعجرفة المذهلة السابقة كانت غير حكيمة، حتى في فترة القطب الواحد. ففي وقت كان يهتم القادة الأميركيون بوضع نهاية للشر، ارتقى نجم الصين على حساب واشنطن، وانتهت الجهود العسكرية الأميركية في الشرق الأوسط بالإحباط، وفقدت أميركا تفوقها العسكري والكثير من امتيازاتها الاقتصادية. وستكون مثل هذه السياسات أكثر خطأ في وقت تخوض واشنطن الآن تنافسا استراتيجيا مع دولة عظمى هي الصين والتي تعتبر أكثر قوة مما كان عليه الاتحاد السوفياتي، أو ألمانيا، أو اليابان. فالولايات المتحدة ببساطة لا تتمتع برجحان في القوة يتيح لها تبديد مواردها بعد الآن».

back to top