مبادرة إصلاحية لولي العهد

نشر في 29-06-2022
آخر تحديث 29-06-2022 | 00:20
 محمد المقاطع لم يكن الأربعاء 22 يونيو 2022 يوماً عادياً بالنسبة إلى الكويت والكويتيين، فقد كان يوم إعلان لتحوّل عملي إلى مرحلة جديدة، غير معهودة في تاريخ الكويت وحكامها، منذ عهد الشيخ عبدالله السالم، يرحمه الله، إذ وضع سمو ولي العهد الشيخ مشعل الأحمد، في خطابه بهذا اليوم، مبادرة للإصلاح السياسي على المسار الديموقراطي والتنفيذي والبرلماني، تستحق أن يؤرّخ لها، وتتطلب أن تتم ترجمتها بإجراءات عملية، الكويت بأسرها تنتظرها، لإعادة الاعتبار للشعب وللدولة وللدستور وللأسرة الحاكمة وللسلطات، بانتشالهم جميعاً من حالة الفساد السياسي أو التراجع المخيف الذي بلغوه في شتى المجالات، بسبب هيمنة الدولة العميقة ومفسدين على مفاصل البلد والمشهد العام فيه.

نعم، لم يكن يوم الأربعاء 22/ 6 يوماً عادياً، بل كان تدشيناً لصفحة جديدة للبلد، بإعلان مجموعة قرارات مصيرية تغييرية تعبر بالكويت من مستنقع الفساد وعبث المفسدين، إلى شاطئ الإصلاح والنقاء وبدء عجلة الإصلاح الحقيقي، وقد لخصت هذا التحول 7 مبادرات هي:

1- احترام الدستور وعدم المساس به «لن نحيد عن الدستور، ولن نقوم بتعديله ولا تنقيحه ولا تعطيله ولا تعليقه أو المساس به، وسيكون في حرز مكنون».

2- الدستور العهد بيننا وأساس شرعية الحكم «هو شرعية الحكم وضمان بقائه، والعهد بيننا وبينكم».

3- شراكة الشعب والأسرة في إدارة البلاد، «مما يستلزم من الجميع باعتبارنا شركاء في مسؤولية إدارة البلاد شعباً وأسرة حكم».

4- تدخّل المجلس بأعمال الحكومة التي تخلّت عن دورها، «وهذا كله بسبب تصدّع العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وتدخّل التشريعية بعمل التنفيذية وتخلّي التنفيذية عن القيام بالدور المطلوب منها بالشكل الصحيح».

5- تجاوز الأعراف والتقاليد البرلمانية وغياب الحكومة عن المحاسبة «وظهور أعمال وتصرفات تتعارض مع الأعراف والتقاليد البرلمانية، ولا تحقق العمل الحكومي التنفيذي المأمول باختيار الكفاءات، وغياب الدور الحكومي في المتابعة والمحاسبة وعدم وضوح الرؤية».

6- الشعب صاحب السيادة يصحح مسار المشهد السياسي «فقد قررنا اللجوء إلى الشعب باعتباره المصير والامتداد والبقاء والوجود، ليقوم بنفسه بإعادة تصحيح مسار المشهد السياسي من جديد بالشكل الذي يحقق مصالحه العليا».

7- عدم التدخل في الانتخابات القادمة وفي اختيار مجلس الأمة لرئيسه «وحرصا منّا على تأكيد وتعزيز المشاركة الشعبية باعتبارها ركيزة من ركائز الحكم، فإننا نودّ أن نبين لكم أننا لن نتدخل في اختيارات الشعب لممثليه، وكذلك لن نتدخل في اختيارات مجلس الأمة القادم في اختيار رئيسه ولجانه المختلفة، ليكون المجلس سيد قراراته».

وفي ضوء ما تقدّم وجماعه يصبح وضع مبادرات هذا الخطاب موضع التنفيذ هو المحكّ الحقيقي لإنجازه بما تضمّنه من إصلاحات جوهرية، ومن ثَم لا بدّ من حلّ مجلس الأمة في أسرع وقت، دون أية ثغرات قانونية، ينفذ منها المتربصون بالتحول الإصلاحي والمتضررون منه، بطعون متوقّعة للمحكمة الدستورية، وهو ما بدأوا به.

تصحيح مسار العملية الانتخابية الذي هو بوابة كل تلك الإصلاحات السياسية من خلال تعزيز اللحمة الوطنية والخطاب الانتخابي الوطني بتبني نظام انتخابي لا جغرافي بدوائر عشوائية يقضي على العصبيات المناطقية والفئوية والقبلية والطائفية والعائلية كافة، وغيرها من العصبيات التي فتّت في عضُد الوحدة الوطنية وصلابتها، ونظام كهذا سينهي أيضاً الظواهر المزمنة التي شوّهت الانتخابات، مثل استخدام المال السياسي وشراء الأصوات ونقلها والانتخابات الفرعية، وعضو الخدمات، والنجاح بأصوات ضئيلة وغيرها.

ويضع خطاب ولي العهد، بالتطبيق الفعلي، الأخذ بمنهجية جديدة في اختيار رئيس الوزراء وتشكيل حكومة تتجاوب والتوجهات الشعبية (مادة 56 و57) قائمة على الكفاءة والانسجام والتضامن فيما بينها، والمرتكزة على برنامج محدد، وبصلاحيات تنفيذية كاملة غير منقوصة، بعيداً عن الترضيات والمحاصصة المقيتة، مع تقليل أبناء الأسرة من الوزراء، بمن فيهم خيار تعيين رئيس وزراء شعبي متى كان مناسباً.

محمد المقاطع *

back to top