فرنسا قد تُغرِق منطقة اليورو في أزمة جديدة

لكن ماذا عن برنامج الرئيس إيمانويل ماكرون، إذا تسنّى له تنفيذه؟ يزعم ماكرون حتى الآن أن ولايته الرئاسية الثانية ستشهد المزيد من التخفيضات الضريبية للشركات والأفراد عبر إصلاح نظام الرعاية الاجتماعية في فرنسا ورفع سن التقاعد من 62 إلى 65 عاماً. قام الرئيس بحساباته المالية منذ أشهر، وهي ترتكز في المقام الأول على استمرار النمو الاقتصادي، لكن الاقتصاد الفرنسي تراجع في الربع الأخير من السنة بنسبة 0.3 في المئة وتبدو فرص النمو ضئيلة، ولن يحصل ماكرون على الأغلبية البرلمانية اللازمة لتطبيق الإصلاحات التي يريدها، وفي غضون ذلك، من المتوقع أن يكلّف تسديد الديون الفرنسية مبالغ طائلة، مما يؤدي إلى كبح التخفيضات الضريبية أو حتى فرض زيادات ضريبية محتملة (يتكلم بعضهم منذ الآن عن زيادة ضريبة القيمة المضافة).كانت الانتخابات الرئاسية والتشريعية باهتة في فرنسا، إذ يتمسك ماكرون بشخصيته الطموحة والفوقية، وتجنّبت جميع الأطراف التطرق إلى تدهور الوضع المالي في فرنسا وكيفية إصلاحه، وخوفاً من إحباط الناخبين الفرنسيين، لم يتكلم أحد عن تفاقم المشاكل المرتقبة بعد أزمة كورونا والركود التضخمي المحتمل.بعد إقرار خطة «بريكست»، سعت فرنسا إلى استرجاع المكانة التي كانت تحتلها قبل الحرب العالمية الأولى باعتبارها مصرف أوروبا، مما يعني إعادة باريس إلى عمق قطاع المال الأوروبي، لكن لم يتحقق شيء من ذلك الحلم، بل تنذر جميع المعطيات اليوم بعودة فرنسا إلى الوضع الذي شهدته بعد الحرب العالمية الأولى، مما يعني أن يغرق البلد في الديون، ويصل إلى طريق مسدود في السياسة، ويؤجج أزمة ديون جديدة في منطقة اليورو، ففي الماضي قررت فرنسا تقليص دورها لمعالجة محنتها المالية، لا سيما بعد الإصلاحات الاشتراكية التي طبّقها الرئيس فرانسوا ميتران بين العامين 1981 و1983، ومن دون العودة إلى تلك المقاربة قد تنقل فرنسا هذه الأعباء إلى منطقة اليورو التي أصبحت مثقلة بالديون أكثر مما كانت عليه بين العامين 2012 و2013، ولا يمكن أن يصمد اليورو في هذه الحالة. * جون كيغر