هل المشكلة في الشعوب أم في الديموقراطية؟

نشر في 20-06-2022
آخر تحديث 20-06-2022 | 00:10
 حمزة عليان ما نفع «الديموقراطية» إذا لم يكن هناك شعب يؤمن بها ويمارسها بحق؟ في الكويت كما في لبنان يتحدثون عن الديموقراطية ولا نراها، من فوق قد يبدو المظهر جذاباً لكن في الجوهر ومن تحت أي عند الشعوب يكاد يكون أثره الحقيقي معدوماً.

اليوم تسمع الشكوى والتذمر في الشارع السياسي: في الكويت لدينا ديموقراطية لكن ليس لدينا ديموقراطيون، وفي العمق هناك مسؤولية مشتركة في الوصول إلى هذه الحالة من اليأس والكفر بالديموقراطية، فلا الأنظمة آمنت بها ولا الشعوب «قبضتها عن جد».

انتهت الانتخابات في لبنان وانشغل الناس بها لفترة قصيرة لكنها أظهرت أن هذا النظام والصيغة أنتجت ناخبين كهؤلاء، عبارة عن «علب مصندقة»- نسبة إلى الصندوق- توزع على منظومة سياسية طائفية، وفي كل جولة تتم يعاد رسم الصيغة على مقاس محتكري الطوائف ومعتمديها، لأن الأساس غير قابل للتغيير أو الإصلاح.

هذه المجتمعات ولنكن أكثر صراحة أي تلك التي مارست العملية الديموقراطية عبر صناديق الانتخاب، لم تطور نفسها ولم نر «تجمعات بشرية» لديها مستوى من الوعي والثقافة، تفهم أو تقبل بالديموقراطية كنظام حياة، بقيت هذه المجتمعات تدور في فلك القبيلة والعائلة والانتماء الديني والطائفي وفوق ذلك «طبقات من البرامكة» ذات المصالح المتشابكة.

المشكلة في الشعوب بالدرجة الأولى، لأن قاعدة الديموقراطية تستمد شرعيتها من الناس واختياراتهم، فـ«كما تكونوا يولى عليكم»، لذلك تقاس الأنظمة الديموقراطية بمستوى الجماهير والناخبين والشعوب ومدى إيمانهم فعلياً بهذا النوع من أنواع الحكم.

طبعا التعميم في مثل هذه الحالات غير منصف، ولا بد من الفرز والتصنيف، وعدم وضع الكل في سلة واحدة، إنما غالبية الشعوب العربية التي تمارس الديموقراطية في بلدانها، كتونس ولبنان والكويت وغيرها كالأردن ومصر، تذهب باختياراتها إلى ملاعب أخرى على النقيض من الديموقراطية. من حيث الشكل لدينا ديموقراطية لكن هل «أنظمة الديموقراطيات العربية» أنتجت شعوباً ديموقراطية بالمعنى الصحيح؟ أم قدمت صوراً ونماذج مشوهة بحيث جعلت من مواطنيها مجرد أرقام وحسبة دوائر انتخابية فقط؟

أنظمة ديموقراطية فَصّلت «البدلة» التي تناسبها وتتحكم فيها وتخدم استدامتها وبقاءها، بمعنى أن «التمثيل» أصابه التشويه والانحراف، فأين الشعوب الديموقراطية ودورها في الإصلاح والتغيير؟ وماذا فعلت تجاه «وحش الفساد» المستشري في جسد الدولة؟ ولماذا السكوت عن مصادرة حقوقهم كمواطنين في المراقبة والمحاسبة؟ تقديري أن معظم هذه الشعوب متواطئة وشريكة في الفساد والانهيار والتراجع، وإلا لما استمرت حالة السقوط والتردي التي تعيشها، فاليوم نسمع كلاماً بمنتهى الوضوح: هذا النوع من الديموقراطية لم يجلب لنا الرخاء، بل جلب لنا الفساد السياسي والدمار وعدم الاستقرار بكل أشكاله.

* حمزة عليان

back to top