هل تسير نيبال على خطى سريلانكا؟

نشر في 02-05-2022
آخر تحديث 02-05-2022 | 00:00
 ذي دبلومات قررت الحكومة النيبالية أن تمتد عطلة نهاية الأسبوع على يومَين بدءاً من 15 مايو، تهدف هذه الخطوة ظاهرياً إلى تخفيف استعمال المركبات من جانب الموظفين الحكوميين لتخفيض تكاليف الوقود، ويتزامن هذا القرار مع محادثات حول الأزمة الاقتصادية في نيبال، علماً أن بعض خبراء الاقتصاد ذهب إلى حد اعتبار الوضع المالي «مقلقاً» أو جزءاً من «أزمة» حقيقية.

أدت الأزمة الاقتصادية ثم السياسية في سريلانكا إلى تأجيج المخاوف في نيبال، وينجم تدهور الوضع المالي في سريلانكا، وهو الأسوأ منذ عام 1948، عن عجز هائل في ميزان المدفوعات ونقص حاد في العملة الأجنبية، ويتكل اقتصاد سريلانكا على السياحة، لكنه تعرّض لضربة موجعة بسبب تدابير الإقفال التام خلال أزمة كورونا، مما أدى إلى تفاقم أزمة الصرف الأجنبي، ونتيجةً لذلك، عجز البلد عن استيراد الضرورات الأساسية، بما في ذلك المواد الغذائية والوقود، وبلغ التضخم مستويات قياسية، ونزل الناس إلى الشوارع احتجاجاً على الوضع. في الوقت نفسه، لا تبدو المؤشرات الاقتصادية واعدة جداً في نيبال، فقد زاد العجز في الحساب الجاري من 1.29 مليار دولار إلى 3.88 مليارات، وتغطّي نيبال عجزها في المقام الأول عن طريق الائتمان التجاري، والقروض الميسرة الخارجية، وسحب الأموال من الاحتياطي العام.

كذلك، أصبح وضع نيبال مقلقاً نتيجة تراجع تدفق التحويلات الخارجية، وتشكّل هذه التحويلات أكثر من ربع الناتج المحلي الإجمالي، فخلال أول ثمانية أشهر من السنة المالية الراهنة، تراجعت التحويلات بنسبة 1.7% وباتت تقتصر على 5.2 مليارات دولار.

خوفاً من تكرار التطورات الحاصلة في سريلانكا وتدهور التوقعات الاقتصادية في نيبال، اتخذت الحكومة والبنك المركزي بعض التدابير الوقائية، ففي 26 أبريل، منعت الحكومة رسمياً استيراد عشر سلع فاخرة أو غير أساسية حتى منتصف يوليو 2022، وقبل هذا القرار، صدر توجيه شفهي من البنك المركزي يثني التجار عن فتح خطابات اعتماد لاستيراد السلع غير الأساسية.

كذلك، يفرض البنك المركزي على المستوردين الاحتفاظ بهامش 100% لفتح خطاب اعتماد لاستيراد المشروبات الكحولية، والتبغ، والفضة، والمفروشات، والسكر، والأطعمة الفورية، ومستحضرات التجميل، ومواد البناء، وفي غضون ذلك، طُلِب من المستوردين الاحتفاظ بهامش 50% للدراجات النارية والسيارات الخاصة العاملة بالديزل. زادت الاضطرابات المحلية أيضاً بعد تعليق عمل حاكم البنك المركزي، مها براساد أديكاري، ففي بداية شهر أبريل، شكّلت الحكومة لجنة للتحقيق بمزاعم مفادها أن أديكاري سرّب معلومات حساسة ولم يتمم مسؤولياته بالشكل المطلوب، ووفق مصادر داخلية، يبدو أن تضرر العلاقات بين أديكاري والحكومة الحالية كان السبب وراء تعليق عمله. لكن تواجه نيبال وضعاً صعباً بعدما قررت المحكمة العليا إعادة أديكاري إلى منصبه كحاكم للبنك المركزي، إذ تحتدم الخلافات بين وزير المال والحاكم، ويأتي هذا الخلاف في أسوأ توقيت ممكن.

لا يزال الوضع الاقتصادي في نيبال مختلفاً عن سريلانكا، رغم النزعات التي تشير إلى عكس ذلك:

أولاً، لا تتكل نيبال على السياحة بقدر سريلانكا، كما أنها رفعت جميع متطلبات إجراء فحص كورونا قبل الوصول إلى البلد لجميع المسافرين الملقحين بالكامل، مما أدى إلى انتعاش السياحة.

ثانياً، من المتوقع أن تزداد التحويلات الخارجية قريباً، وارتفع عدد العمال النيباليين الذين حصلوا على عمل في الخارج أو جددوا إقامتهم في الأشهر الأخيرة، كذلك، قد تؤدي زيادة أسعار النفط التي رفعت كلفة الاستيراد في نيبال إلى رفع الطلب على العمال في دول مجلس التعاون الخليجي.

ثالثاً، لا يزال دين نيبال نسبةً إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 50% رغم زيادة ديون البلد خلال فترة الوباء.

رابعاً، ترتبط العملة النيبالية بعملة الهند، ويُفترض أن يمنع هذا الوضع انهيار العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي على المدى القصير. لكن تواجه نيبال مجموعة من المشاكل طويلة الأمد كتلك التي تحمّلتها سريلانكا، وهي التي زادت حدة الأزمة في الجزيرة، فتستفحل مظاهر المحسوبيات والفساد وقلة الكفاءة في نيبال بقدر سريلانكا.

أخيراً، قد تؤدي أي صدمة خارجية أخرى أو تراجع حاد في حجم التحويلات إلى تأجيج المشاكل المتوقعة في اقتصادٍ يفتقر إلى الاستقرار ويحاول استرجاع وضعه الطبيعي.

* سانتوش شارما بوديل

The Diplomat

back to top