معركة شرق أوكرانيا: هل تعلّم الروس من أخطائهم؟

موقف واشنطن القائم على التوازن في النزاع يزداد تعقيداً

نشر في 11-04-2022
آخر تحديث 11-04-2022 | 00:05
زيلينسكي وجونسون خلال جولتهما في كييف أمس الأول (أ ف ب)
زيلينسكي وجونسون خلال جولتهما في كييف أمس الأول (أ ف ب)
تستعد أوكرانيا لمرحلة جديدة من المعارك أكثر تحدياً في حربها لصد الغزو الروسي، حيث ستجعل التضاريس والمساحات المفتوحة الواسعة في شرق البلاد من الصعب على الأوكرانيين إدارة عمليات حرب العصابات كما فعلوا في غابات الشمال والغرب، بينما يتواصل إجلاء المدنيين خوفًا من هجوم وشيك في هذه المنطقة.

وبينما دمرت روسيا مطار مدينة دينيبرو وسط أوكرانيا، قالت «واشنطن بوست»، نقلا عن محللين، إن شكل المعارك سيتوقف على مدى قدرة الروس على تصحيح الأخطاء التي ارتكبوها في المرحلة الأولى من غزوهم، والتي تتراوح بين فشل خطوط الإمداد والتحديات اللوجستية، وسوء التخطيط إلى حجم القوات غير الكافية.

ومن المتوقع أن يكون التركيز الجديد للمعركة هو منطقة دونباس، التي كانت محل نزاع منذ أن غزت روسيا في 2014، واستولت على جزء من المقاطعة.

وسيحاول الروس على الأرجح الدفع جنوبا من منطقة خاركيف وشمالًا من مدينة دونيتسك لتطويق القوات الأوكرانية في دونباس، وهي مناورات ستؤدي إلى التفوق العددي لروسيا من حيث الدبابات والعربات المدرعة.

وقال مسؤولون عسكريون أوكرانيون إن الروس بدأوا في الأيام الأخيرة التقدم جنوبا من بلدة إيزيوم، بهدف الاستيلاء في نهاية المطاف على كراماتورسك، عاصمة دونيتسك.

ويؤكد المحللون أن الأوكرانيين قد يجدون أنفسهم في مواجهة قتال أكثر صرامة في تضاريس الشرق مما فعلوه في الشمال، حيث وفرت الأشجار غطاءً للمقاتلين المدججين بالسلاح للتسلل خلف الخطوط الروسية لإطلاق النار على الدبابات والمركبات المدرعة، باستخدام أسلحة مضادة للدبابات مثل صواريخ «جافلين».

وقال وزير الخارجية الأوكراني لحلف «الناتو» الأسبوع الماضي، إن المعارك في الشرق ستبدو أشبه بمعارك «الحرب العالمية الثانية، بعمليات كبيرة، وآلاف الدبابات والعربات المدرعة والطائرات والمدفعية، وأنواع مختلفة من الأسلحة».

وذكر مسؤولون أميركيون أن البيئة المتغيرة تدعم طلب أوكرانيا من دول «الناتو» توفير المزيد من أنواع الأسلحة وأنواعها المختلفة، بما في ذلك الدبابات والعربات المدرعة والمدفعية.

ومع ذلك، يشك العديد من المراقبين في أن القوات الروسية المنهكة بالفعل لديها القوة للاستيلاء على المزيد من الأراضي من أوكرانيا في أي وقت قريب.

من جانبه، أكد ميخايلو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني، أن بلاده «مستعدة لخوض معركة كبيرة في الشرق، ويجب أن تكسبها بما في ذلك في دونباس». وأضاف «عندما يحدث ذلك سيكون لأوكرانيا موقف أقوى في المفاوضات، وهذا يسمح لها بفرض بعض الشروط».

وقال الرئيس فولوديمير زيلينسكي، في مؤتمر صحافي مع المستشار النمساوي كارل نيهامر الذي زار كييف «نحن مستعدون للقتال وللبحث في الوقت نفسه، عن طرق دبلوماسية لوقف هذه الحرب».

التوازن

على صعيد متصل، وبينما أعلن حلف شمال الأطلسي (ناتو) أنه يدرس امكانية ارساء وجود عسكري دائم على جبهته الشرقية، أصبح موقف الولايات المتحدة القائم على التوازن بين تقديم مساعدة عسكرية كبرى إلى أوكرانيا مع تجنب توسع رقعة النزاع الى دول أخرى في الوقت نفسه، أكثر صعوبة للالتزام به.

منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، قامت الولايات المتحدة بإغراق أوكرانيا بالأسلحة الخفيفة مثل صواريخ جافلين المضادة للدبابات المحمولة على الكتف، لكنها رفضت على الدوام تسليمها أسلحة ثقيلة خصوصا طائرات مقاتلة، مشيرة الى ان هذا «يمكن أن يعتبر مزايدة»، ويزيد من مخاطر نشوب نزاع نووي مع روسيا.

وهم يتحدثون بانتظام عن تكنولوجيا أميركية غير مألوفة للأوكرانيين لتبرير النطاق المحدود للأسلحة التي يزودونها ويدعون بدلا من ذلك دول الكتلة السوفياتية السابقة التي لا تزال تملك أسلحة روسية الصنع الى القيام بذلك.

لكن بعد النكسات العسكرية للجيش الروسي وجرائم الحرب التي نسبت اليه، تجد وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) نفسها تحت ضغط من أعضاء الكونغرس من الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، للقيام بالمزيد من أجل مساعدة كييف على هزيمة روسيا.

وقال السناتور الديموقراطي النافذ، ريتشارد بلومنتال، الخميس خلال جلسة استماع في الكونغرس لكبار المسؤولين العسكريين الأميركيين «يبدو لي أن استراتيجيتنا غالبا ما تبدو كأنها انفصام في الشخصية: نريد أن ينتصر الأوكرانيون على روسيا لكننا نخشى أن تؤدي خسارة بوتين إلى تصعيد».

من جهته، قال السناتور الجمهوري كيفين كرايمر «هل نتساءل عما إذا كان فلاديمير بوتين يخشى يوما ما أن تكون مذابحه ضد النساء والأطفال تصعيدا»، معربا عن أسفه بشكل خاص، لأن البنتاغون لم يقم بتسهيل تسليم مقاتلات ميغ - 29 الى كييف.

باستثناء إغلاق المجال الجوي الذي يؤمنه حلف شمال الأطلسي مع خطر حصول مواجهة مباشرة مع الطيران الروسي، تبدو خيارات البنتاغون محدودة في الواقع.

فالأسلحة الثقيلة للولايات المتحدة لا تتوافق مع الأسلحة التي يملكها الجيش الأوكراني، وتدريب الجنود الأوكرانيين على استخدامها سيتطلب إخراجهم من ساحة المعركة لعدة أسابيع في وقت يحضر فيه لهجوم روسي كبير على مناطق دونباس.

وتقول مصادر البنتاغون إن دبابات أبرامز، على سبيل المثال، يتم تشغيلها بواسطة محرك توربيني كثيف الوقود يتطلب دعما لوجستيا هائلا، ويتطلب استخدام تصويب الهدف بالليزر تدريبا مكثفا.

أما الطائرة المقاتلة «ايه - 10 وارثوغ»، التي اشار اليها بلومنتال كإضافة محتملة للمساعدة العسكرية لأوكرانيا، فمعروفة بمرونتها وقدرتها على العودة إلى قاعدتها مع أضرار جسيمة. لكن يجب تدريب الطيارين لعدة أسابيع وقبل كل شيء يجب إنشاء سلسلة إمداد لوجستية كاملة لضمان صيانتها.

رداً على انتقادات أعضاء الكونغرس، نشر البيت الأبيض لائحة شاملة بالمعدات التي تم توفيرها لأوكرانيا. والجمعة رد الناطق باسم البنتاغون جون كيربي على هذه الانتقادات. وقال إن «الفكرة القائلة إننا لا نقوم بما يكفي ولا بالسرعة الكافية تثير غضبنا بشدة».

وبعد أن ذكر كل ما قدمته واشنطن، أشار الى انه «لا يوجد بلد آخر لديه القدرة اللوجستية للقيام بذلك. لا توجد دولة أخرى لديها الموارد للقيام بذلك»، مشددا على أنه «في الوقت نفسه نبقي في الأذهان أن روسيا قوة نووية».

موسكو تدمر مطار دينيبرو... و«الناتو» يدرس وجوداً دائماً على جبهته الشرقية
back to top