التواضع والكِبر

نشر في 18-03-2022
آخر تحديث 18-03-2022 | 00:00
 د. نبيلة شهاب التواضع من أجمل الصفات وأنقاها وأكثرها رقياً ورحمة واحتراماً للآخر والذات، وهو من أكثر الصفات تأثيراً في التقريب بين الناس، فترفع قدر صاحبها بين الناس، والكِبر والتعالي على الآخرين عكس ذلك تماماً، وإذا أردت معرفة حقيقة إنسان فراقب سلوكه مع من هم أضعف منه، فتجد سيّئ الخلق يترفع على أهله وجيرانه، خصوصاً إذا كانوا أقل منه مادياً أو اجتماعياً، وذلك إما بمقاطعتهم أو التعالي في الحديث والتعامل معهم، وقد يصل الأمر إلى إنكار صلته بأقربائه.

قد يستغرب البعض ويتساءل: هل يتكبر الإنسان على والديه؟! للأسف الشديد: نعم، هناك من يتعالى حتى على والديه، سواء بالحديث أو بالتصرفات وخلافه، وقد يُبتلى البعض بأسلوب غير مهذب للكلام وفيه من التعالي الكثير، ويظهر ذلك حين يكبر والداه، فيتعامل معهما بشدة وتعالٍ حين يخطئ أحدهما بحديث أو عمل، ويستعرض أمام والديه ذكاءه وقدراته العقلية والبدنية ولا يتواضع لهما، بعكس من يبين لوالديه حاجته المستمرة لهما في كل الأمور خصوصا الاجتماعية، ويُكبر من قدراتهما العقلية والاجتماعية وغيرها ويتواضع في الحديث أو التعامل معهما لأقصى درجة.

كما أن للتعامل مع العاملين في المنزل أهمية بالغة، فالحديث معهم باحترام والترفع عن أخطائهم يشيع المحبة والاحترام والشعور بالرضا والسعادة، وينعكس ذلك كله على جو المنزل، فالعاملون في المنزل أكثر من نتعامل معهم، ولأولئك العاملين الأولوية في حسن المعاملة، والتواضع معهم والتبسم في وجوههم يدل على علو ذات الفرد وخصاله الحميدة وسلامة شخصيته.

كما أن التواضع لزملاء العمل ينشر جواً من الود والألفة والاحترام والمحبة بينهم، وذلك بعدم التركيز على عيوبهم واحترام قدراتهم العملية وعدم تحقيرها، وعدم التعالي والتفاخر عليهم، خصوصاً إذا كانت قدرات الفرد أعلى وأفضل من قدراتهم، ومن المهم إشعارهم بأهميتهم في جو من التعاون والتكامل الإيجابي.

ومن المهم إرساء قواعد صفة التواضع وتعليمها للطفل منذ صغره، فلن يتعامل الطفل بتواضع مع العاملين في المنزل وهو يرى الأم أو الأب لا يتواضعان للآخرين ولا يحترمانهم، فإن أردنا أن يتعلم الطفل التواضع وغيره من الصفات الإيجابية، يجب علينا أن نراقب سلوكياتنا وطبيعة تصرفاتنا ونعدل اعوجاج أي منها، قبل أن نطلب من الطفل تعلمها واكتسابها.

● د. نبيلة شهاب

back to top