ما طبيعة اتفاق السلام المحتمل بين أوكرانيا وروسيا؟

نشر في 13-03-2022
آخر تحديث 13-03-2022 | 00:00
 الغارديان لا يزال احتمال التوصل إلى تسوية دبلوماسية لإنهاء هذه الحرب المريعة وسحب الجيش الروسي تزامناً مع الحفاظ على مصالح أوكرانيا الأساسية وارداً، وإذا قرر الروس الانسحاب يوماً، فلا بد من إبرام اتفاق دبلوماسي حول شروط ذلك الانسحاب.

يجب أن يدعم الغرب اتفاق السلام والانسحاب الروسي، فيعرض على روسيا رفع جميع العقوبات الجديدة المفروضة عليها، أما العرض المناسب لأوكرانيا فيُفترض أن يتمحور حول حزمة كبيرة لإعادة إعمار البلد ومساعدته في التقرب من الغرب اقتصادياً وسياسياً، لا عسكرياً.

فقد ألمح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي علناً إلى احتمال الاتفاق حول معاهدة حياد، وهو محق بهذه الخطوة، لقد أوضحت هذه الحرب مسألتَين أساسيتَين: ستتابع روسيا القتال لمنع أوكرانيا من التحول إلى حليفة عسكرية للغرب، ولن يقاتل الغرب للدفاع عن أوكرانيا، وأمام هذا الوضع ستكون متابعة التطرّق إلى احتمال انتساب البلد إلى الناتو، ومطالبة الأوكرانيين بالموت في سبيل هذا الهدف الوهمي أسوأ من النفاق.

على صعيد آخر، تبرز الحاجة إلى التفاوض حول معنى عبارتَي "نزع السلاح" و"اجتثاث النازية" وشروطهما، وسيكون نزع السلاح غير مقبول طبعاً إذا كان يعني اضطرار أوكرانيا لحل قواتها العسكرية بشكلٍ أحادي الجانب، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، ذكر في تصريح له أن روسيا ستوافق على حظر الصواريخ الموجودة في أوكرانيا، ويمكن تحقيق هذا الهدف انطلاقاً من ضمانات مشابهة لتلك التي حصلت عليها الولايات المتحدة لإنهاء أزمة الصواريخ الكوبية.

أما مصطلح "اجتثاث النازية"، فيعني أن تحظر أوكرانيا الأحزاب القومية اليمينية المتطرفة والميليشيات بطلبٍ من روسيا، لكنه تدخّل غير مقبول في شؤون أوكرانيا الداخلية، ومع ذلك تستطيع أوكرانيا أن تقدّم عرضاً مضاداً لتهدئة مخاوف موسكو حول حقوق ومستقبل الأقلية الروسية في أوكرانيا عبر إدراج هذه الحقوق في الدستور الأوكراني، ويُفترض أن يدعم الغرب هذه الخطوة في مطلق الأحوال لأنها تتماشى مع المبادئ الغربية.

في ما يخص المطالبة بالاعتراف بضم روسيا شبه جزيرة القرم، تبرز الحاجة إلى التساهل في تطبيق القانون الدولي بحكم الواقع لتجنب أي صراع مستقبلي وحماية مصالح الناس في المنطقة، علماً أن ذلك القانون يبقى مبهماً في ملف شبه جزيرة القرم التي انتقلت من روسيا إلى أوكرانيا بموجب مرسوم سوفياتي في عام 1954.

سبق أن خسرت أوكرانيا شبه جزيرة القرم ولن تتمكن من استرجاعها، مثلما تعجز صربيا عن استعادة كوسوفو، من دون خوض حرب دموية ولا متناهية، ولا شك أن أوكرانيا ستخسر في هذا النوع من الحروب، ويجب أن يتمحور المبدأ الأساسي في هذه الصراعات حول ضرورة أن تُحدّد الاستفتاءات الديموقراطية المحلية التي تحصل تحت إشراف دولي مصير الأراضي المتنازع عليها، ويُفترض أن ينطبق هذا المبدأ أيضاً على جمهوريات دونباس الانفصالية.

قد تُعتبر هذه الاقتراحات "مكافأة للعدوان الروسي"، لكن إذا كان بوتين يهدف في الأساس إلى إخضاع أوكرانيا كلها، فذلك يعني أن هذا الاتفاق سيمنع موسكو من تحقيق أقصى أهدافها، كذلك لن يمنح هذا الاتفاق روسيا أي امتيازات لم تحصل عليها أصلاً قبيل إطلاق الغزو.

الغرب مُحِق أخلاقياً في معارضة الحرب وفي فرض عقوبات صارمة على روسيا رداً على تحرّكها الأخير، لكنه قد يرتكب خطأً أخلاقياً إذا رفض أي اتفاق منطقي لإنهاء الغزو وإنقاذ الشعب الأوكراني من معاناة مريعة، ففي النهاية لا تستطيع الولايات المتحدة أن تدّعي الفضيلة وتبالغ في تمسّكها بالقوانين نظراً إلى سجلها الشائك على مر الجيل السابق.

● أناتول ليفين - الغارديان

back to top