وجهة نظر: الخصخصة ليست عصا سحرية

وهنا يجب ألا نخلط بين الدعم المُستحق وغير المستحق، فالدعم المُستحق هو دعم موجّه لمؤسسات مُعينة تُحقق أهداف الحكومة الاستراتيجية المُتمثلة في تنمية الاقتصاد وتنويعه وخلق فرص عمل جيدة للعمالة الوطنية، وبالتالي هذا الدعم مشروط بتحقيق تلك الأهداف. كما يجب ألا يكون الدعم مفتوح الأجل، لأن ذلك مُنافٍ لفكرة أساسية يعتمد عليها مفهوم الخصخصة وهي اعتماد المؤسسة على مواردها الذاتية في البقاء والمنافسة. ولذلك، يجب أن يكون لكل دعم حكومي أجل زمني مُحدد وشروط خاصة لاستمرار الدعم أو توقفه.أما الجانب الثاني من مُعادلة الاستدامة الذاتية فهو الإيرادات، فمن موجبات مفهوم الخصخصة أن تعتمد المؤسسة على نفسها في ترويج سلعها وخدماتها. وهُنا نجد أن الكثير من مؤسساتنا الخاصة لا تعطي بالاً للجودة، فالإيراد المطلوب سيتحقق بفعل الدعم الذي توفره الدولة لها، إما بشكل علني أو مستتر! وخير مثال على الشكل العلني هو الجامعات الخاصة، التي تعتمد في إيراداتها على البعثات الداخلية بالدرجة الأولى، وهي مُحصنة عن المُساءلة بحكم الانتقائية التي تناولناها أعلاه، لذلك نجدها تُحقق أرباحاً خيالية رغم تدني مستواها بالمعايير الدولية. أما الشكل المُستتر، فنجده في عملية توزيع المشاريع الكبرى على شركات المقاولات، ومع غياب المُساءلة، يُصبح المواطن وأحياناً السياسي النزيه هو الضحية، كما حدث مع الوزيرة جنان بوشهري التي استقالت عندما اكتشفت أن الشركات هي الأقوى.نكتفي بعرض هذين الاختلالين - الانتقائية والاستدامة الذاتية - فهُناك مظاهر سلبية كثيرة تنتج عنهما، أبرزها ضعف البُنية الإدارية للمؤسسة، وطغيان الفكر التجاري على المهني، وكلاسيكية العمليات والإجراءات واعتمادها على عمالة فنية غير ماهرة. وباعتقادنا أن الذهاب للخصخصة من غير حل جذري لهذين الاختلالين من شأنه أن يجلب تعقيدات اجتماعية وسياسية كبيرة.