نهاية ‎«أصنام» سياسية

نشر في 21-01-2022
آخر تحديث 21-01-2022 | 00:00
 سلمان الجوعانه هناك فرق بين أن تكون رمزاً سياسياً أو تكون صنماً سياسياً، فالرموز السياسية يخلدها التاريخ، وتُبنى على أثرها مدارس فكرية وأخلاقية، ولها دور كبير في صنع نظام يضمن ديمومة الرفاهية واستثمار الموارد البشرية والمؤسسات ودعم المشاريع الوطنية وتنميتها وتطويرها لتحقيق طموحات الشعوب ووضع بصمة تاريخية في جميع المحطات التاريخية، وباختلاف المواقع والأحداث لكل الأجيال. أما المقصود بالأصنام السياسية فهو كل رمز سياسي شعبي تحول إلى غول سياسي يريد تحقيق مجده بأي وسيلة حتى إن كان يبنيه على أنقاض وطنه وتدمير مستقبل كل مواطن شريف منافس له في خدمة وطنه وشعبه، فيتحول إلى صنم يُقدَس لا يقبل النقد أو التوجيه أو النصح، ولا يستوعب تعاقب الأجيال وظهور طاقات شابة جديدة لتقود من بعده بسبب تمسكه بالماضي الذي انقضى وولى، فسريعاً ما يُكسر ويُحطم شعبياً، وعادة من يحيط بهذه الأصنام ويقودها لهذه الخاتمة السيئة مجموعة مطبلين سياسيين، إما يبحثون عن المصلحة الشخصية أو بسبب دوافع اجتماعية أو عنصرية. فلا يعني أن يكون تاريخك مشرفاً وكونك رمزا وطنيا وشعبيا لك مواقف تاريخية وشُهد لك بالثبات أن تختم تاريخك بخاتمة سوء بذريعة الرمزية والشعبية والنزاهة لرغبتك باستمرار (زعامتك)، فالوطنية ليست مبرراً لخيانة المبادئ حتى من أجل الوطنية، يقول ابن رجب الحنبلي في شرح حديث الخواتيم ‏الذي أبكى عيون السلف وأقض مضاجعهم: "‏إن خاتمة السوء تكون بسبب دسيسةٍ باطنة!"، وها نحن اليوم نشهد بكل استياء في ساحتنا السياسية جملة من الخيانات الأخلاقية ونهاية عدد من ‎«الأصنام» السياسية الذين لم يقرأوا أخبار الماضي لتجنب سوء الخاتمة السياسية، من أجل فتنة تحقيق الأهداف الشخصية والزعامة، وإذا كانت هناك ميزة واحدة لكل ما يحدث في هذا المشهد السياسي التعيس والمحبط والغريب فهي وعي المجتمع وهدم كل الأصنام السياسية.

في النهاية يجب أن يعي كل من يسعى ليصبح رمزاً سياسياً يقدره ويحبه الشعب وتذكره الأجيال من بعده بأن الأسماء لا ‎«تُقدّس» بل الأفعال، والدليل نستمده من شريعتنا وسيرة نبينا محمد ﷺ بأن عمه أبا لهب في النار ‏وبلال الحبشي بُشر بالجنة، فالأفعال هي المعيار الحقيقي لا المكانة الاجتماعية والأسماء.

أخيراً: السياسيون يحللون السلوك السياسي ويحكمون على النتائج النهائية والعبرة بالخواتيم.

back to top