الاعتداء على أبوظبي يعقّد مسار التهدئة الإقليمية

المبعوث الأميركي لليمن يبدأ من الرياض جولة على عواصم خليجية ولندن

نشر في 20-01-2022
آخر تحديث 20-01-2022 | 00:05
مقاتل مناهض للحوثيين في شبوة أمس (أ ف ب)
مقاتل مناهض للحوثيين في شبوة أمس (أ ف ب)
أجمع خبراء على أن الاعتداء الحوثي الدامي على أبوظبي شكّل تحولاً خطيراً على الأمن والسلام بالمنطقة، مرجحين أن يتسبب في تعقيد حوار وتواصل السعودية والإمارات مع إيران، في حين ظهرت تقديرات بأن الإمارات ستواصل جهودها ضمن «تحالف دعم الشرعية» باليمن دون الانزلاق لمواجهة إقليمية مع طهران المتحالفة مع متمردي اليمن.
سلط الهجوم الدامي الذي شنته جماعة «أنصار الله» الحوثية، المتحالفة مع إيران، على الإمارات الاثنين الماضي، الضوء على هشاشة السلام والاستقرار الإقليمي، مع ترجيح تسببه في تعقيد الحوار الثنائي المتعثر أساساً بين السعودية وإيران الداعم الرئيسي للمتمردين في اليمن. ورأت مصادر إقليمية لـ «رويترز»، أنه في حين أن الهجوم لا يشكل تهديداً محدداً للأولوية الدبلوماسية الأولى للمنطقة، وهي جهود إحياء اتفاق 2015 النووي مع إيران، فقد عمق شكوك دول الخليج العربية تجاه استعداد طهران لنزع فتيل التوتر الإقليمي.

وقال محللون ومصدر خليجي، إن الاعتداء ربما يُعقّد المحادثات الاستكشافية بين السعودية وإيران لإنهاء الخلافات بعدة ملفات في مقدمتها الصراع باليمن، وقد يؤثر على التواصل الإماراتي مع طهران.

وأمس الأول، كتب نائب وزير الدفاع السعودي خالد بن سلمان على «تويتر»: «الحوثيون ليسوا مهتمين بالسلام، ويظلون رهينة داعمهم الإقليمي الذي يتعامل مع أمن منطقتنا على أنه مجرد ورقة تفاوض» في إشارة إلى إيران.

لا تراجع

وسعى الحوثيون، من خلال مهاجمة أبوظبي، إلى تحذيرها للابتعاد عن معركة السيطرة على المحافظات الغنية بالطاقة في اليمن، حيث ثارت ثائرة الحركة المتمردة جراء خسائر تكبدتها لمصلحة قوات تدعمها الدولة الخليجية، حليفة الولايات المتحدة القوية والعضو الرئيسي بـ «تحالف دعم الشرعية» الذي تقوده الرياض ضد الحوثيين.

ولن تتراجع الإمارات على الأرجح عن دعم «التحالف» ومواصلة دفع «ألوية العمالقة» الجنوبية لإجهاض أهم حملة تشنها الميليشيات الحوثية للسيطرة على مدينة مأرب، آخر معاقل الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في شمال البلاد. بل إن محللين إقليميين قالوا إن من العواقب المحتملة لاعتداء الاثنين هي تدقيق دولي أشد على روابط إيران بالحوثيين وغيرهم من القوات شبه العسكرية التي تهدد دول الخليج العربية في أنحاء الشرق الأوسط.

وأكد المحللون لـ «رويترز»، أن الهجوم، الذي قال الحوثيون، إنه شُن بصواريخ وطائرات مسيرة، ربما يعزز حجة السعوديين والإماراتيين بأن نهج إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن تجاه اليمن لم يتمخض إلا عن تقوية شوكة الحوثيين.

وأظهرت الضربة التي لم يسبق لها مثيل على أبوظبي قدرة الحوثيين على استهداف خصم خارجي ثان من مدى بعيد دون أن تردعهم تهديدات بالرد خرجت عقب هجمات مماثلة شنوها على السعودية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب. وأثار الحوثيون احتمال شن هجمات أكثر من هذا القبيل.

وتوقع خبراء تحدثوا لشبكة «سي أن أن» استمرار الهجمات الحوثية التي تستهدف الإمارات والسعودية مع زيادة حدة القتال في مأرب، إلا أنهم أشاروا إلى أن أبوظبي لا تريد التخلي عن المحادثات مع طهران لتحسين العلاقات وتحاول تجنب التصعيد بعد الهجمات الإرهابية حفاظاً على الأمن الإقليمي، والتركيز على تطوير اقتصادها رغم اعتقادها بأن للإيرانيين يدا في الاعتداء الذي يمثل نقطة تحول خطيرة وضربة للجهود الرامية لإنهاء النزاعات وتحقيق السلام في المنطقة.

وذكر مصدر خليجي أن العواقب الفورية ستستهدف الحوثيين في اليمن، بينما تجمع الإمارات أدلة بشأن أماكن تصنيع الطائرات المسيرة وإطلاقها.

تورط إيران

وفي وقت تحاول حكومة الجمهورية الإسلامية، التي تقول إنها تسعى لتحسين العلاقات مع دول الجوار، ابعاد نفسها عن موقع «مصدر الأوامر» بشأن بعض تصرفات حلفائها المتشددين في المنطقة، أصدرت وزارة الخارجية الإيرانية بياناً صيغ بعناية. وقال المتحدث باسم الخارجية سعيد خطيب زادة، في معرض تعليقه على «أحدث التطورات المتعلقة باليمن»، إن إيران تؤكد دائماً أن «حل أي أزمة في المنطقة ليس باللجوء إلى الحرب والعنف، وإنه لا سبيل للأمل في إرساء السلام والاستقرار إلا في أجواء يسودها الهدوء». ولم يشر زادة إشارة مباشرة إلى الهجوم الحوثي الذي احتفت به الصحف الإيرانية. إلى ذلك، واصل طيران «التحالف» حملته الجوية المكثفة لردع المتمردين بأجواء صنعاء، الخاضعة لسيطرة الحوثيين أمس. وشنت المقاتلات 12 غارة على مناطق شملت جبل عطان ومديرية سنحان التي توجد بها منصات لإطلاق الصواريخ جنوب العاصمة اليمنية.

وفي محاولة لاحتواء التصعيد وإنعاش جهود السلام، بدأ المبعوث الأميركي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ، جولة تشمل عواصم خليجية، ولندن.

وأكد الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية نايف الحجرف، خلال استقباله ليندركينغ في الرياض، أمس، أهمية ضغط المجتمع الدولي على جماعة الحوثي، لوقف أنشطتها الإرهابية، والانخراط الجاد في عملية سلمية لحل الأزمة اليمنية.

وشدد الحجرف على أهمية دور الولايات المتحدة، معربا عن إدانته لاستمرار استهداف المدنيين والأعيان المدنية في السعودية بصواريخ وطائرات مسيرة، وكذلك الهجوم "الإرهابي الجبان" الذي استهدف مطار أبوظبي.

back to top