مستقبل الخريجين مرتبط بكفاءة وجودة التعليم

نشر في 18-01-2022
آخر تحديث 18-01-2022 | 00:08
 أ. د. فيصل الشريفي الحوار الذي أجرته الزميلة حصة المطيري مع مجموعة من المختصين بالشأن التعليمي تصدر الصفحة الأولى لجريدة "الجريدة" في عددها رقم (1932) يوم الاثنين 10 يناير 2022م تحت عنوان "انحراف التعليم يفاقم أزمات سوق العمل"، حيث عزت ذلك إلى عدم مواءمة مخرجاته وكفاءته مع متطلبات سوق العمل، وسوء الإدارة، وعدم وجود رؤية ثابتة تسير عليها مؤسسات التعليم العام والخاص رغم حجم الإنفاق على هذا القطاع.

في مقالي السابق تطرقت إلى ضرورة إبعاد التعليم عن المزايدات السياسية، وإلى ضرورة وضع خريطة عمل وطنية يتوافق عليها أهل الاختصاص وأهل الميدان، ويصادق عليها مجلس الأمة لصونها من الانحرافات والميول الشخصية.

لم يعد من المجدي طرح أسباب تدني جودة التعليم العام والجامعي، فقد أُشبع من الدراسات والتنظير، وعلى القيادات التعليمية البدء بوضع الآليات العملية والعملية للنهوض بالتعليم ومعالجة الاختلالات بالعمل على رفع كفاءة المناهج والبرامج الدراسية والكوادر التعليمية والبيئة التعليمية، ولا ضير من اقتباس التجارب الناجحة من الدول التي تتصدر قوائم الترتيب العالمي والاستفادة منها.

النقطة التالية لا تقل أهمية عما سبق، وهي مواءمة مخرجات التعليم مع متطلبات سوق العمل الذي يئن من ضعف قدرات الخريجين المعرفية والمهارية وتكدسهم في تخصصات لم يعد بمقدور السوق استيعابها. ولحل هذه القضية لا بد من إنشاء لجنة دائمة تضم ديوان الخدمة المدنية، وغرفة التجارة كممثل للقطاع الخاص، والأمانة العامة للتخطيط، والمؤسسات التعليمية الجامعية والفنية، مهمتها خلق فرص وظيفية حقيقية للخريجين في القطاعين الحكومي والخاص.

على الجانب الآخر تقع المسؤولية على المؤسسات التعليمية في ترجمة متطلبات سوق العمل من خلال تطوير واستحداث برامج تتماشى مع الاحتياجات، فالموضوع أكبر من حل مشكلة زيادة أعداد الطلبة التي تتفاقم سنة بعد سنة.

نعم المؤسسات التعليمية الجامعية والمهنية مسؤولة عن تراجع كفاءة الخريجين، ومن يذهب لغير هذا الرأي يريد تسجيل بطولات وهمية، وهنا الحديث لا يتعلق بالمتفوقين والموهوبين فهم حالات استثنائية لا يمكن القياس والتعميم عليها، لذلك لابد من معالجة ملف جودة التعليم والمحاسبة عليه.

بالعودة إلى سوق العمل الحكومي والخاص ففيه بحثان: الأول يخص القطاع الحكومي، والثاني القطاع الخاص، وكلاهما سنقف عندهما بشكل موضوعي.

القطاع الحكومي بالأصل مثقل بالوظائف إذا ما استثنينا بعض القطاعات ومنها (الصحي والصناعي والنفطي والوظائف المهنية)، لكن الحكومة بسبب مسؤوليتها والتزامها تجاه الدستور والمواطنين تجدها مقيدة اليد، فهي من جانب لا تستطيع ترك الخريجين بدون وظائف، ومن جانب آخر تعاني هياكلها التضخم، لذلك لجأت بعض قطاعاتها إلى الاختبارات التحريرية بوضع شرط النقاط الثلاث كحد أدنى للقبول للحد من أعداد الموظفين لتحويل مشاكلها إلى غيرها من الجهات الحكومية.

القطاع الخاص لم ولن يتحرك من أجل حل مشكلة الخريجين لأسباب قد تكون مادية، أو لضعف كفاءتهم، أو لأنه غير ملزم بتوظيفهم لغياب التشريعات والقوانين، والمحصلة في السنوات القادمة ستكون كارثية على الخريجين ما لم تتحرك الحكومة من خلال تفعيل الشراكة مع القطاع الخاص وفتح حواضن للمشاريع الصغيرة والمتوسطة تقوم على رعايتها في القطاعات ذات الاستثمار الآمن. وهنا نبدي ثلاث ملاحظات:

الملاحظة الأولى: معيار شرط النقاط الثلاث لشغل بعض الوظائف غير عادل، فكم من شاب حرم من فرصة المنافسة إذا ما أخذنا في الاعتبار أعداد خريجي الجامعات الضعيفة مقارنة بخريجي الجامعات المميزة، ومن استطاعوا تطوير قدراتهم العلمية والمهارية، واليوم وفي عالم التطور التكنولوجي الذي سهل على جهات التوظيف استقبال أكبر عدد من الطلبات وفرزها وإجراء الاختبارات المهنية لم يعد التمسك به ضروريا، ولكن يمكن إعطاؤه درجة من درجات معايير المفاضلة.

الملاحظة الثانية: ضرورة توجيه الصرف المالي على التعليم بحساب المنفعة الجمعية وربطها مع سياسة التوظيف العامة للدولة، معيارها الحاجة الفعلية للوظائف بدلاً من تكديس الموظفين في قطاعات قد تشبع السوق منها.

الملاحظة الثالثة: حث الطلبة على الالتحاق بالوظائف المهنية والفنية مع إعادة النظر في الرواتب والترقي الوظيفي.

ودمتم سالمين.

● أ. د. فيصل الشريفي

back to top