خصخصة خدمات أم تخلص من الثروات؟

نشر في 16-12-2021
آخر تحديث 16-12-2021 | 00:10
 ‏‫وليد عبدالله الغانم "وافق المجلس الأعلى للتخصيص على خطة كبيرة وشاملة لخصخصة عدد من المرافق والأنشطة الاقتصادية التي تقوم الحكومة بإدارتها في خطة طويلة الأجل تصل مدتها إلى 20 عاما لنحو 38 جهة ونشاطا حكوميا". (القبس 11-12-2021).

لم يصدر بالطبع بيان رسمي وتفصيلي من المجلس الأعلى للتخصيص ليوضح هذه الخطة المزعومة للتخصيص، وكما نعلم فإن مجلس التخصيص مكون من عدة وزراء كلهم مستقيلون من الشهر الماضي، ولا ندري مدى صلاحية مراكزهم القانونية لاعتماد خطة تخصيص واسعة وضخمة بهذا الحجم- إن صحت- ثم ذهابهم وتركها على ذمة الحكومة ومجلس التخصيص القادمين.

كمواطنين يصيبنا الكلام عن التخصيص بالقلق الشديد، لا توجد في الحقيقة تجارب كويتية ناجحة فعلياً في التخصيص تدعونا إلى الاطمئنان على مستقبل هذا النظام "الناجح عالمياً"، فالمثال الذي يطلق على بورصة الكويت لا يمكن قياسه على باقي القطاعات الضخمة التي تستوعب آلاف الموظفين وتقدم خدماتها على مدار الساعة مثل وزارة الكهرباء، وتخصيص الشركات الناجحة والمدرة للدولة هو مضيعة للمال والثروة، وإذا كان هناك سوء إدارة حكومية لبعض القطاعات كالمشروعات السياحية مثلاً فالحل بتعيين إدارة كفؤة وقادرة على قيادتها لا بيع الشركة والتخلص منها ومنح أراضي الدولة يميناً وشمالاً بأسعار زهيدة.

المصيبة الكبرى المتوقعة أن القيادات الفاشلة نفسها في إدارة الخدمات الحكومية حالياً والمسؤولة عن خسائر الدولة المالية وتردي الخدمات العامة سيتم تعيينها لتراقب القطاع الخاص لاحقاً، لتنتقل خبرات فشلهم الذريع في الإدارة إلى الإشراف والمتابعة أي إلى الضياع الحقيقي، ولنا تجارب قائمة في الدولة لا تحتاج أن أذكرها.

نعلم أن الخصخصة نجحت بأشكال مختلفة في دول عديدة، لكن تلك الدول شرعت قوانين صارمة للخصخصة وأنشأت هيئات رقابية فعالة على القطاع الخاص، وحمت العاملين في جميع القطاعات من الأضرار بمراكزهم الوظيفية، ولذلك فإن نجاح برنامج الخصخصة مرهون بعدة اشتراطات أهمها:

- أن تنشأ شركات مساهمة لها الأولوية في برامج الخصخصة تكون الدولة والمواطنون كذلك مساهمين فيها، ويشترط إدراجها في بورصة الكويت لتحقق فوائد وأرباحاً للجميع وتراقبها جمعيات عمومية حقيقية.

- أن يوفر البرنامج وظائف منوعة للكويتيين وبشكل مستمر.

- أن يضمن قواعد قانونية حقيقية للأمن الوظيفي للعاملين.

- أن يحقق عوائد مالية عالية للدولة.

- أن يخضع لإشراف هيئات حكومية على جودة الخدمات التي يقدمها القطاع الذي يتم خصخصته.

- ألا تكون الخصخصة غطاء شكليا للاحتكار.

هذه بعض أهم المطالب التي يجب على الدولة ممثلة بالمجلس الأعلى للتخصيص مراعاتها حتى لا تتحول برامج الخصخصة إلى خطط للتخلص من ثروات البلد واحتكار خدماته وشركاته الناجحة تحت يد قلة قليلة، والتضييق على المواطنين في مختلف شؤون حياتهم، وللحديث بقية والله الموفق.

● ‏‫وليد عبدالله الغانم

back to top