عبدالوهاب الهارون

نشر في 07-12-2021
آخر تحديث 07-12-2021 | 00:20
 د.نجم عبدالكريم أدهشني عبدالوهاب الهارون في كتابه، الذي يؤرخ به لأصول أسرته، لأنني وجدته قد جمع عدة أساليب أدبية في كتاب واحد، فهو قبل أن يلج في تاريخ أسرته، وهجرتها من الجزيرة العربية إلى الكويت، كتب يصوّر الظروف الموضوعية التي دفعت بهم إلى تلك الهجرة، بعد أن أرَّخ للجزيرة العربية، ثم أخذ يؤرخ لنشأة الكويت بأسلوبِ مؤرِّخٍ محترف، حيث جاء على العديد من المصادر والمراجع، العربية منها والأجنبية، التي ذكرت تاريخ الكويت منذ عصور نشأتها، وأرَّخ كذلك لمن كانوا يحكمونها.

***

* عندما يأتي الهارون لسرد تاريخ أجداده في الكويت، يتناول دور أحدهم، ممن انخرطوا في العمل بالأسفار البحرية، فوقعت له حادثة هزت سفينته، فجرفتها الأمواج العاتية، فغرق ومات، وحزن عليه الجميع، وأقيمت على روحه الفاتحة، وكانت زوجته من أشد الناس حزناً عليه. لكن بعد أشهر ظهر الفقيد يتمشى على أحد شواطئ الكويت، فلما شاهده الناس عمَّت الفرحة، ثم شرح لهم ما حدث له، وكيف أنه ظل يقاوم الأمواج عدة أيام، حتى قذفت به إلى إحدى الجُزر الإيرانية، فساعده أهل جزيرة "كيش" حتى استعاد صحته وعاد إلى الوطن.

***

* ويسرد عبدالوهاب قصة حياة والده، الذي عاش حياته يواجه الكثير من الصعاب، فكان يتصدى لها بصبر وشجاعة، مما أكسبه احترام الجميع، إذ كان يحظى بسُمعة طيبة. وبسبب صدقه وأمانته، أصبح من الشخصيات المرموقة، ولم يكن في علاقاته مع الآخرين ميالاً لطائفة دون أخرى، فهو كان حريصاً على أن يرسل أكياس الأرز إلى الحسينيات في عاشوراء، وكذلك يقوم بواجباته كاملة نحو المسلمين من كل المذاهب، من المواطنين والوافدين، وقد انعكس هذا السلوك على جميع أولاده من بعده.

***

* وحينما أكمل عبدالوهاب دراسته وانخرط بالعمل، تلقى اتصالاً - يوماً - من العم جاسم الصقر يدعوه فيه لمقابلته، ولما ذهب لمقابلته وجد صديقه وزميل دراسته في الكويت وأميركا محمد الصقر مع والده بانتظاره، فبادره العم جاسم بالقول:

- أريدك يا عبدالوهاب أن تتولى رئاسة تحرير جريدة القبس.

- والله يا عمي هذا شرف كبير لي، ولكن لماذا اخترتني؟

- لأنني سمعت الكثير عن نشاطاتك الوطنية، وعن سُمعتك الطيبة، وكفاءتك.

- أشكرك يا عمي، لكنني بدأت بمشاريع تقتضي وجودي لإتمامها.

- لا أريد يا ولدي أن أعطل مشاريعك، فمن تقترح أن أعين للقبس؟

- لا أعتقد يا عمي أن هناك مَنْ هو أفضل من محمد الصقر.

***

* وهذا ما حدث بالفعل، لذلك فإن محمد الصقر كلما التقى عبدالوهاب الهارون قال له، على سبيل المزاح:

- سامحك الله، أنت الذي ورطتني بالصحافة!

● د. نجم عبدالكريم

back to top