مرافعة : لا مرافعات في «المدني»

ومثل تلك التنبيهات التي تصدر من بعض الهيئات القضائية إن كانت من باب التنظيم للوقت فلا بأس بها، ويُنظر اليها من باب أهمية وقت العدالة، لا من باب الافتئات على حق الدفاع والمتقاضين في بيان أنزعتهم وشرح معاناتهم والمحامين في عرض دفوعهم وأسباب طعونهم، والتي تطرح حتى تلقى مسامع الهيئات القضائية الموقرة، ويكون لها أثر في فهم حقيقة النزاع، والتي قد لا تعبّر عنها أوراق الدعوى ومستنداتها الكثيرة، ولذا كانت المرافعة الشفوية إحدى الوسائل الرئيسية لحق الدفاع، وما كان للدستور أو القانون أن يستثني ممارستها عند ممارسة حق التقاضي.ولا ينبغي النظر الى تلك التنبيهات على أنها الأصل أو الاستثناء في عقد الجلسات، فلا القانون يقرها ولا الدستور، والتنبيه عليها من بعض الدوائر يجب أن يكون من باب الحفاظ على وقت المحكمة، وألّا يكون الحديث خارجا عن الخصومة أو النزاع، كما أن الإسراع في نظر القضايا وحجزها للحكم من أول الجلسات، رغم حاجة الدفاع إلى تقديم الدفاع أو المستندات، خاصة إذا كان المحامي موكلا حديثا بالقضية أو المتقاضي الحاضر أمام المحكمة عالما للتو للنزاع، فمن المنطق منحه وقتا، ولو يسيرا، لتقديم دفاعه، لا حجز الدعوى أو الاستئناف للحكم دون أن يتمكّن من حقه في الاطلاع والاستعداد، مما يتسبب في إهدار حقه في تقديم الدفاع، وذلك لرغبة بعض الدوائر القضائية الموقرة في الإسراع بإصدار الأحكام دون مراعاة لبعض الضوابط، ومنها عدم الإضرار بحق الدفاع والتقاضي على نحو عام.