في الصميم: «علّموا المعلم قبل أن يعلِّم»

نشر في 30-11-2021
آخر تحديث 30-11-2021 | 00:09
المعلم يجب أن يكون أداة ووسيلة للمعرفة، فالمعرفة هي البذرة الأساسية لكل حضارة، والتاريخ يشهد بسقوط أمم وحضارات سادت ثم بادت واندثرت بسبب الجهل الذي أسقطها تحت براثن الخرافات والخزعبلات، واللطم على تاريخ مجيد لم ينفعها بشيء.
 طلال عبد الكريم العرب اللجنة التعليمية لمجلس الأمة هداها الله، "مخلية الدرعا ترعى"، وتاركة التعليم بلا حسيب ولا رقيب، همها وهدفها وأمنيتها زيادة مبالغ تدفع لطلبة الجامعة ومن في حكمهم بلا مبرر ولا مسوغ، وتاركة مهمتها الأساسية في إيجاد وسيلة لتقويم اعوجاج تعليمي مدمّر استمر عقوداً كثيرة، هذه اللجنة بدلا من إصرارها على وقف تلك الأموال لطلبة لا يستخدمونها إلا لأغراضهم الترفيهية، وحصرها فقط بالطلبة المتميزين في موادهم العلمية النادرة تشجيعا لهم، عليها أن تجد حلولا جذرية مع الحكومة لوقف هذا الانحطاط التعليمي بكل أشكاله من قبل الطلبة ومن بعض معلميهم.

الكويت الآن تمر بكارثة تعليمية وعلمية حقيقية يجب معالجتها فورا بصرامة وشدة بعيدا عن الألاعيب السياسية العقيمة والحسابات الانتخابية المدمرة التي ضاعفت تلك الأزمة، الكويت لم يكفها تسرب حملة الشهادات المزورة والمضروبة الى مناصب حكومية رفيعة وحساسة، ولم يكفها فضيحة انخفاض تصنيف جامعة الكويت، وعدم مقدرة تلاميذ الابتدائية على كيفية مسك القلم ولا الكتابة به، حتى نتفاجأ بفضيحة أدهى وأمر، فقد نشرت جريدة "الجريدة" تقريرا جديدا عن المعلمين دق ناقوسا أخطر من سابقاته، فهناك عدد لا يستهان به من المعلمين الجدد في وزارة التربية يفتقدون المهارات الأساسية في المواد التي يدرّسونها، إنهم معلمون بحاجة الى معلمين.

التقرير ذكر أن مديري مدارس أكدوا وجود مدرسين للغة العربية لا يفرقون بين التاء المربوطة والتاء المفتوحة، وأن بعض من يدرسّون اللغة الفرنسية من خريجي الـ"أُون لاين" هم أقرب إلى الأمية في مادتهم، مما جعل الفاقد التعليمي لدى الطلبة كبيراً جداً، فكيف ننتظر أن يتطور التعليم على يد معلّم بحاجة إلى من يعلّمه، وكيف تصل المعلومة إلى طالبي العلم إذا ما ضل المعلم.

وللشاعر أحمد شوقي وصف دقيق لهذا الوضع الشاذ، للمعلم الراشد والضال، فقال في ذلك:

ورُبَّ مُعلِّمٍ تلقاهُ فَظّاً

غليظَ القلبِ أو فَدْماً غبيّا

إذا رَشَدَ المعلمُ كان موسى

وإن هو ضَلَّ كان السامريّا

والفدم هنا تعني قليل الفهم.

فالمعلم يجب أن يكون أداة ووسيلة للمعرفة، فالمعرفة هي البذرة الأساسية لكل حضارة، والتاريخ يشهد بسقوط أمم وحضارات سادت ثم بادت واندثرت بسبب الجهل الذي أسقطها تحت براثن الخرافات والخزعبلات، واللطم على تاريخ مجيد لم ينفعها بشيء.

لا تستهينوا بدور المعلم، فالتعليم خاصة يجب ألا ينظر إليه على أنه وظيفة وكفى، بل إن صلح فهو رسالة ترتقي بها الأمم، وإن فسد سقطت بها الأمم.

● طلال عبد الكريم العرب

back to top