ديموقراطية الفزعة

نشر في 16-11-2021
آخر تحديث 16-11-2021 | 00:10
 قيس الأسطى مصطلح الديموقراطية أتى من الحضارة اليونانية، وهي تعني حكم الشعب للشعب، وهي تفرض التعددية السياسية التي تأتي من انتخابات عادلة والقضاء العادل وتضمن حقوق الأقليات وتشركهم نسبياً في الحكم، كما أنها تضمن حرية المعتقد والاستقرار السياسي والاقتصادي، والمفترض أنها تحارب الفساد والظلم، هذا طبعاً إن كنا نتكلم عن ديموقراطية حقيقية لا مشوهة ومفصلة على حساب أنظمه حكم بالية.

في عام 1961 اتخذنا قراراً في هذا البلد للسير على هذا النحو، ففصلنا دستوراً حُسدنا عليه في البداية، فتأرجحنا وواجهنا أياماً صعبة لكننا استطعنا الحفاظ على التجربة حتى مجلس 1985 الذي حل بعد عام ونصف من بدئه.

رجعنا بعد التحرير إلى استئناف الحياة الديموقراطية في الانتخابات التي أجريت في الخامس من أكتوبر عام 1992، ولكن بشكل آخر من الديموقراطية التي تشابه أنظمة "اللويه جرغا" المعمول بها في أفغانستان بالدرجة الأولى والبلدان المحيطة بها بالدرجة الثانية، فكرة "اللويه جرغا" هي مجالس تعنى بالاهتمام بالأمور بعقد مجالس للصلح بين المتخاصمين وإدارة الشأن العام بين الأطراف المختلفة على شكل إثني وطائفي بعيداً عما يرافق الديموقراطية من التزامات مثل حقوق الإنسان وجودة التعليم وحرية الرأي وغيرها من الأمور التي تعتبر دعامة أساسية للديموقراطية.

في الأسابيع الثلاثة الأخيرة تحديداً تابعنا باهتمام ما اصطلح على تسميته "الحوار الوطني" الذي نتج عنه حتى الآن رفع مقترح لحضرة صاحب السمو أمير البلاد لاستخدام حقة بالعفو حسب نص المادة ٧5 من الدستور، وما بقي من الحوار في عالم الغموض لأن من شاركوا فيه لم يعلنوا نتائجه.

لكن المتابع لردود الأفعال يكاد يجزم أننا استبدلنا بالديموقراطية شبه الحقيقية التي مارسناها منذ عام 1961 حتى عام 1986، ديموقراطية ممثلي الطوائف والقبائل والعائلات التي ابتدأنا بها منذ مجلس 1992 أو هكذا أعتقد.

في هذه اللحظة من يمثلهم النائب الفاضل عبيد الوسمي يعتقدون أنهم الفائز الأكبر، ومن يمثلهم النائب الفاضل حسن جوهر يعتقدون أنهم ظلموا لأن ممثلهم في الحوار لم تسلط عليه الأضواء بالشكل المطلوب مما اعتبروه إهانة لهم، وكذلك الأمر لمن يمثلهم النائب الفاضل مهلهل المضف، أضف إلى ذلك أن مكوناً رئيساً قدم تنازلات في الانتخابات التكميلية التي أتت بعبيد الوسمي يعتقد أنه خدع وخرج من المولد بلا حمص، وما جرى عينة صغيرة من أمور أخرى أديرت في الثلاثين سنة الماضية بحسابات "اللويه جرغا" أو ديموقراطية الفزعة، بدل الديموقراطية الحقيقية، وأختم بسؤال: أين الكويت في حسابات "اللويه جرغا"؟ وأستأذنكم بسؤال آخر أنا أرى أن ما لدينا هو "لويه جرغا"، فهل ترون أمراً آخر؟

سؤال... مجرد سؤال.

فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.

قيس الأسطى

back to top