يسرقون إنجازاتك ويحملونك أخطاءهم

نشر في 12-11-2021
آخر تحديث 12-11-2021 | 00:00
 د. نبيلة شهاب لفتت نظري كلمات ومطالبات تتردد كثيراً بعد وقوع أي كارثة أو خطأ أو مشكلة، ألا وهي وجوب استقالة الوزير أو الوزيرة نتيجة هذا التقصير والخطأ، وفي حقيقة الأمر لا تتعدى هذه المطالبات خط الأحلام، فلم يستقل وزير ولا وزيرة إلا قلة تعد على الأصابع، خُط اسمهم من ذهب في لوحة شرف الوطن.

نحن للأسف وكثيرٌ غيرنا من المجتمعات نلقي اللوم على الضعفاء والمرؤوسين في كثير من حالات الأخطاء التي تقع، وقد يعاقبون على أخطاء ومشاكل اقترفها غيرهم، فعند وقوع الأخطاء والتقصير يتنصل المسؤولون الكبار من مسؤولياتهم فوراً ويبحثون عن كبش فداء، قد يكون مذنباً لكن الذنب الأكبر يقع على المسؤول أو الوزير.

ويقودنا ذلك إلى الحديث عن صفة القدرة على الاعتراف بالخطأ وتحمل المسؤولية عما يترتب على ذلك، والتي تعتبر من أسمى سمات الفرد وتدل على شجاعة وقوة شخصية وصدق مع الذات والآخرين، ولكن للأسف الشديد نجد أن قلة من المسؤولين والموظفين الكبار يتسمون بذلك.

ولو بحثنا عن السبب الرئيس لوجدنا أن الطفل الذي ينمو وينشأ على إلقاء وزر أخطائه على غيره، يشب على ذلك، ومن الأخطاء التي يقع فيها بعض الآباء تعميم العقاب لذنب اقترفه أحدهم، فالعقاب الجماعي أسلوب ينمي داخل الطفل إمكانية تقبل عقاب الآخرين معه وتقسيم خطئه عليه وعلى غيره، والأسوأ من ذلك أن بعض الآباء يعاقب طفلاً لخطأ قام به طفل آخر، وهذا يجعله يكبر وهو يشعر أنه من الطبيعي أن يتحمل غيره أخطاءه.

وللأسف الشديد ما دام المذنب الرئيس لا يُعاقب فإن دائرة الأخطاء والمشاكل تستمر، ويظل المخطئ في غيه ويظل الآخرون يدفعون الثمن، فلا المشاكل تنتهي ولا ما يترتب عليها من تقصير في حق الآخرين وفي تنمية الوطن تتغير.

وعلى الطرف الآخر نجد أنه كما تتحمل الحلقة الأضعف الأخطاء، فإن الإنجازات تنسب للحلقة الأقوى والرؤساء والوزراء وغيرهم، ويبقى صغار الموظفين والكادحين يرون مجهودهم يذهب لغيرهم ولمن لا يستحق ولمن لم يبذل أي جهد فيه، فالصورة المنتشرة للمزارع الذي غرس وسقى الشجرة وعند التصوير التقط المسؤولون الصورة مع الشجرة أوضح دليل على ذلك.

وتبذل المعلمات والمعلمين مع طلبتهم المجهود ويقدمون إنجازات مبهرة، والمكافأة والتقدير يذهبان للمدير أو المديرة، ويقدم ذلك الموظف المجتهد المبدع تصورات لمشاريع متميزة وقيمة، ويتم تسجيلها باسم من هم أعلى منه منصباً ويسقطون اسمه!!

سرقة مجهود الآخرين أصبحت عند البعض شيئاً لا غبار عليه، ولا تحرك داخلهم أي شعور بالذنب أو تأنيب الضمير، ومن يسرق إنجازات الآخرين وعملهم إنسان يشعر بالنقص والقصور في ذاته وقدراته، كما أنه يتعالى على الآخرين وقد يرى أنهم لا يستحقون أن تنسب إليهم إنجازاتهم!

● د. نبيلة شهاب

back to top