ورحل المؤرخ الكبير

نشر في 17-10-2021
آخر تحديث 17-10-2021 | 00:08
 محمد أحمد المجرن الرومي بعد أربعة وتسعين عاماً توقف القلب الكبير بعد أن أنهكه المرض في آخر أيامه، رحل المؤرخ الكويتي الكبير سيف مرزوق الشملان الرومي، الذي قضى سنوات كثيرة من عمره في البحث والقراءة والكتابة عن تاريخ الكويت والخليج العربي، كان رحمه الله مهتماً بتدوين كل معلومة عن حياة الغوص والسفر بالسفن الشراعية الكويتية التي كان يقوم بها الكويتيون من أجل لقمة العيش الكريم في الحقبة التي سبقت ظهور النفط في منطقة الخليج، وكان بومرزوق، رحمه الله، مرجعاً لكل باحث يود أن يعرف عن تاريخ الكويت القديم، فكان الباحث يجد ضالته عند المؤرخ سيف مرزوق الشملان.

إلى جانب كتاباته كان يحافظ على التراث الكويتي، ويدعو المسؤولين للعمل على عدم إزالة معالم الكويت القديمة، ونجح في بعضها، ومازالت قائمة مثل الدواوين القديمة وبعض المباني، وكان يقابل رجالات الكويت القدماء سواء تلفزيونيا أو إذاعيا لكي يعرف منهم تاريخ الكويت وحوادث البحر والصحراء والمعارك التي دارت لرد كل من يحاول غزو الكويت، وكل ذلك موجود بالوثائق والصور، ومؤلفاته العزيزة تشهد له بذلك.

كان، رحمه الله، يستقبل ضيوفه في ديوان الشملان في شرق القريب من قصر السيف، وهو قصر الحكم منذ سنوات عديدة، والحديث عن المؤرخ الكبير الذي رحل عن دنيانا سيف مرزوق الشملان يطول، وعند كتابة هذه الكلمات التي لا توفيه حقه نتذكر رجالات الكويت الذين خطوا تاريخ الكويت قبله، على سبيل المثال لا الحصر المؤرخ الكويتي عبدالعزيز الرشيد، والمؤرخ يوسف بن عيسى القناعي وغيرهما ممن ساهموا في الحفاظ على تاريخ الكويت القديم، رحمهم الله جميعا وأسكنهم فسيح الجنان.

ولا شك أن الكويت ولادة ولدينا في الوقت الحالي عدد من المهتمين بالتاريخ من رجال ونساء أيضاً، لهم دور في كتابة تاريخ الكويت، نجلهم ونحترمهم وإذ نعزي أنفسنا برحيل أحد مؤرخي الكويت فواجب التعزية لأسرته الكريمة وأصدقائه ومحبيه ومريديه وتلامذته... "إنا لله وإنا إليه راجعون".

***

إذا كان الحديث عن مؤرخ كويتي كبير فإن الأمانة تتطلب أن أتحدث عن فنان كويتي متميز هو الآخر رحل عن دنيانا، وهو المخرج خالد الصديق البستكي الذي ارتبط اسمه بأول فيلم سينمائي كويتي، وهو (بس يا بحر) التقيت بالفنان خالد الصديق في الهند عندما كان يحضر مهرجاناً سينمائياً أقيم في العاصمة الهندية نيودلهي، في الثمانينيات، كان طيب المعشر ومرهف الحس، علمت ذلك عندما دعوته وبعض الإخوان الكويتيين الذين حضروا المهرجان السينمائي على العشاء في منزلي المتواضع، وكانت أمسية جميلة للتحدث عن صناعة السينما في الكويت، وكان المخرج الراحل يحدثني عن فيلمه الثاني (عرسي وعرس الزين) الذي تدور أحداثه في السودان، رحم الله الأخ خالد الصديق وأسكنه فسيح الجنان والعزاء لأسرته الكريمة.

***

العزيز الآخر الذي رحل عن دنيانا لا ينتمي إلى البحث التاريخي أو الفنون، بل كان رجل أمن حازم في عمله يطبق القانون على أقرب شخص له، ولا يخاف في الله لومة لائم. المرحوم اللواء متقاعد محمد صالح بشر الرومي من الأشخاص الذين أعزهم وأحترمهم كثيراً، وكنت ألتقيه في ديوان الرومي بالدعية يوم الأربعاء من كل أسبوع في أيام ما قبل كورونا، كان، رحمه الله، هادئ الطبع، وكان مغرماً بتربية الطيور والحمام، ولذلك تجده عندما يحدثك تعرف أي نوعية من الناس.

عمل في جهاز الأمن في عدة مراكز وانتقل إلى مجلس الأمة كنائب لرئيس الحرس، رحم الله الأخ العزيز "بوطلال" وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وأصدقاءه ومحبيه الصبر والسلوان، ولكل الذين رحلوا عنا وتركوا بصمات جميلة في الحياة، أدعو العلي القدير أن يرحمهم ويغفر لهم ويسكنهم الجنة... "إنا لله وإنا إليه راجعون".

محمد أحمد المجرن الرومي

back to top