«أمر التداول المتطابق» في بورصة الكويت

نشر في 05-10-2021
آخر تحديث 05-10-2021 | 00:00
هشام عماد العبيدان
هشام عماد العبيدان
على عكس القاعدة العامة بتلاقي أوامر التداول في سجلات البورصة بيعاً أو شراءً، فإن هناك حالة استثنائية تمنح الوسيط المالي إمكانية مقابلة الأوامر المرسَلة إليه من عملائه بيعاً أو شراءً، قبل إرسالها إلى البوصة لتنفيذها فقط.

فمثلاً قد يرسل أحد العملاء للوسيط أمراً لشراء 100 سهم بسعر 100 فلس، في حين يكون عميل آخر قد أرسل أمراً لبيع 100 من هذا الأسهم على السعر نفسه، وبالتالي يصبح الوسيط قادراً على مطابقة الأمرين في سجلاته.

وقد سمحت بورصة الكويت بهذا النوع الاستثنائي من التداولات، فقد جاء تعريف قواعد البورصة الكويت لـ «الأمر المتطابق» بأنه:

«أمر واحد يتم إدخاله من خلال وسيطٍ واحدٍ يتضمَّن أمرَ شراء وأمرَ بيع عددٍ من الأوراق المالية مُتَطَابِقةٍ من حيث الكمية والسعر ويتمُّ تنفيذه فوراً» (م /1).

بالتالي، نستطيع تحليل الأمر المتطابق للتداول، وفق النقاط التالية:

• يقوم الوسيط المالي بإرسال أمرَيْن مُتَطَابِقيْن إلى نظام البورصة على شكل أمرٍ واحدٍ؛ بغاية تنفيذه في نظام التداول، ويكون هذا التنفيذ خارج منظومة التداول المستمر في يوم التداول.

• يكون تنفيذ الأمر المُتَطَابِق فورياً؛ فهو لا يَحتاجُ إلى انتظار أوامر متقابلة معه، فهو بحد ذاته أمرٌ مُتَطَابِق ينتظر مُصادَقَةِ البورصة فقط.

لكنّ الواقع يشير إلى إمكانية استخدام الأمر المتطابق للتلاعب بسعر السوق؛ فقد يقوم متلاعبان بإرسال أوامر تداولٍ بأسعارٍ متسلسلةٍ صعوداً أو هبوطاً؛ بغرض اصطناع سعرٍ مُزيَّفٍ مخالفٍ لسعر السوق الطبيعي.

على سبيل المثال، قد يهبط سعر أحد الأسهم بشكلٍ سريعٍ، فيتَّفق متلاعبان على إرسال أوامر تداولٍ مُتَطَابِقة إلى وسيطٍ ماليٍّ واحدٍ بأسعار متسلسلةٍ؛ سعر 100 فلس، ثم 150، ثم 200، وهكذا.

لذا، قد يشعر الجمهور أن سعر هذا السهم يخفِي قيمةً إيجابيةً ستظهر قريباً، فيندفع الجمهور نحو الطلب على السهم، ويرتفع سعره بشكلٍ فجائيٍّ.

والمشكلة أن المُتضرِّر الأكبر من هذه الممارسة هم المتعاملون الصغار في البورصة، الذين يندفعون نحو التداول بطريقة التقليد دون خطَّة استثمارية مدروسة؛ فيخسرون أموالهم وتفقد البورصة سيولتهم.

تعد هذه الممارسة جريمةً وفق قانون إنشاء هيئة الأسواق المالية الكويتية رقم 7/ 2010، يمكن أن تصل عقوبتها إلى الحبس مدة لا تتجاوز 5 سنوات والغرامة من 10 إلى 100 ألف د.ك، أو بإحدى هاتين العقوبتين (م/ 122).

وعلى الرغم من كلِّ هذه المخاطر، فقد سمحت بورصة الكويت بتنفيذ الأمر المتقابل من الوسطاء الماليِّين، على أن يتمَّ إدخاله في جلسة التداول المستمر فقط وعلى الحدود السعرية التي تضمن عدم تحرُّك سعر السوق بعمقٍ (م /9-10-4)، أي بحدود نسبة 10 بالمئة صعوداً أو هبوطاً من سعر السوق السابق (م /9-12).

بالإضافة إلى ذلك، فإنَّ بورصة الكويت قيَّدت سعر الأمر المُتَقَابِل بالنظر إلى الأسعار السوقية، فيجب أن يكون سعر الأمر المُتَقَابِل مساوياً أو متجاوزاً أسعار الشراء المتوافرة، أو أن مساوياً أو منخفضاً عن أسعار البيع المتوافرة؛ كل ذلك بغرض تنفيذ التداول على أفضل أسعارٍ مُمكنةٍ (نفس المادة).

إلا أن المشكلة الأساسية في هذه الضمانات، أنَّها لم تأخذ بعين الاعتبار الأوامر الوهمية التي لا تحتوي على نقلٍ حقيقيٍّ لملكية الأوراق المالية المتداوَلَة؛ بهدف التأثير على الأسعار على أعلى حد ممكن وفق الحدود السعرية دون الدخول في نظام السوق المفتوح.

نستنتج من كلِّ ما سبق، أن الأمر المتقابل هو أمرٌ خطير على توازن السوق وشفافية البورصة، ويسمح بتنفيذ الصفقات الوهمية، ويفتح المجال لحدوث تواطؤٍ بين بعض الوسطاء الماليين مع المتلاعبين.

لذلك يبدو لنا ضرورة إلغاء الأمر المتقابل من بورصة الكويت؛ حتى تعكس الأسعار العرض والطلب، وليس أهواء المتلاعبين!

هشام عماد العبيدان

back to top