ليلى خالد: للكويت وأهلها محبة خاصة في قلبي

«برنامج الجوهر لم يمر عليّ مثله... وعمليات اختطاف الطائرات كانت نظيفة»

نشر في 28-09-2021
آخر تحديث 28-09-2021 | 00:16
حلّت المناضلة الفلسطينية ليلى خالد ضيفةً على برنامج «الجوهر» للتدريب الإعلامي الذي تقيمه أكاديمية لوياك للفنون الادائية (لابا) بالتعاون مع لوياك العربية، فكان لطلبة البرنامج حوار معها، تحت إشراف الإعلامية رانيا برغوت، تعرفوا من خلاله إلى تكوّن شخصيتها النضالية عبر محطات حياتها المختلفة، مع الوقوف عند قراءتها للمشهد السياسي الحالي للمنطقة وللقضية الفلسطينية.
عن طفولتها في حيفا- فلسطين، التي هُجّرت منها في الرابعة من عمرها، تلوح ذكريات بسيطة استرجعتها ليلى خالد عندما سألها المشارك أحمد ياغي عما تذكره من تلك الفترة، فأجابت:"أذكر درابزين الدّرَج الذي كنا نتمسك به عندما تقع الاشتباكات، كما أذكر المطبخ وسلة التمر التي كان يحضرها والدي لنا. ولكثرة ما أحببت التمر، تسببتُ بتأخرنا عن السيارة التي كانت ستقلنا يوم قررت عائلتي اللجوء إلى لبنان. وعندما سألتني جارتنا لماذا لم أخرج مع عائلتي، أجبتها بأنني بقيت بجانب سلة التمر خوفاً من أن يسرقها اليهود".

البرتقال وحق العودة

ارتبط البرتقال لدى ليلى خالد بمفهوم حق العودة إلى حيفا. وروت حادثة من طفولتها يوم انتقلت وعائلتها للسكن مع أقاربهم في جنوب لبنان، وأرادت حينها قطف البرتقال من حديقتهم، لكن والدتها وبّختها وقالت لها جملةً لم تنسها قط: "إن عدنا إلى حيفا يمكننا عندها أن نقطف برتقالنا كما نشاء"، ومنذ ذلك الحين، لم تضع برتقالة واحدة في فمها، وكأن الوعد بالبرتقال المستحق هو يوم العودة إلى فلسطين.

مراهقة مع «القوميين العرب»

من جهتها، وجّهت المشاركة جنان نبعة سؤالاً حول مصدر جرأة ليلى خالد المراهقة ودافعها للانخراط مع حركة القوميين العرب، فشرحت المناضلة الفلسطينية أن ذلك يعود لتأثرها بعمل اخوتها كأعضاء في الحركة، وكيف شكّل رفعهم لشعار تحرير فلسطين نموذجاً لها كطريقٍ سيوصلها إلى فلسطين. ثم انضمت لاحقاً إلى حركة القوميين العرب عضوة فيها.

وأضافت خالد، أنه على الرغم من معارضة والدتها أن تسلك هي واخواتها هذا الدرب لأنه مرتبط بصورة الرجل، أصرت هي على المضي قدماً بمشوارها النضالي وكسر الصورة النمطية التي تقول، إن الحرب والنضال للرجال فقط. وتروي أن السبب في ذلك يعود لجملة قالها والدها لوالدتها رسخت في ذهنها: "عندما غادرنا فلسطين، لم يخرج الرجال فقط بل النساء معهم... من يريد العودة إلى فلسطين عليه العمل على تحقيق ذلك".

نموذج للمرأة الفلسطينية

أكدت ليلى خالد أن أحد أهم مهامها في مسيرتها، إن خلال الندوات والجولات العالمية أو عملها داخل المخيم، كان الحرص على تمسّك النساء بدورهن الوطني، لما للمرأة من دور مهم اقتصادياً واجتماعياً ونضالياً.

وتوقفت خالد عند قضية ملحّة لمعتقلة فلسطينية تدعى "أنهار الديك" ترفض إسرائيل إطلاق سراحها رغم أنها على وشك الولادة في ظل غيابٍ لأي أسباب واضحة لاعتقالها.

علاقة قديمة مع الكويت

في سياق منفصل، أوضحت خالد أن علاقتها بدولة الكويت قديمة وأنها تكنّ محبة خاصة للكويت وأهلها، وأكدت أن موقف الكويت من القضية الفلسطينية مبدئي ومشرف وتعتز به.

وذكرت في جواب عن حيثيات انتقالها إلى الكويت في الستينيات، أنها انتقلت عام 1964 وعملت حينها كمدرّسة.

المناضلة الأم والزوجة

أكّدت المناضلة ليلى خالد أنها عندما أصبحت أماً وربة منزل، لم تتخل قط عن مهمتها النضالية، رغم أن الموضوع يتطلب بعض التضحية أحياناً لو على حساب العائلة، وجاء ذلك في ردٍّ على سؤال وجهته له المشاركة خديجة راتب، إذا قالت: "إن وظيفة المرأة الاجتماعية هي الأمومة، لكنني لم أتحول من مناضلة إلى أم ولم أتخلَّ عن مهمتي التي عُرفت بها، فأنا حالياً عضوة في المكتب السياسي لحركة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، وأقول لكل امرأة بأنه يمكنها التوفيق وإيجاد التوازن وإن كان ذلك يأتي في بعض الأحيان على حساب العائلة، لكن من لديه استعداد للتضحية بحياته يكون مستعداً للتضحية بالأمور الأخرى"، مضيفة أن أهم ما علّمته لأولادها هو"تعريفهم بأن لديهم وطن اسمه فلسطين ليعودوا إليه".

عملية اختطاف الطائرة كانت نظيفة

بعد مرور 52 عاماً على واقعة اختطاف الطائرة، سألها المشارك مهدي مرعي، إن كان قد راودها أي شعور بالندم لتعريضها مدنيين للقلق أو الخطر وقتها، فنفت مبررةً أن الهدف كان ضرب مصالح الصهيونية ومن يؤيدها دون تسبب الأذى لمن ليس له علاقة، وقالت:

"كل العمليات التي شاركنا فيها كانت نظيفة، بلا قتل أو إساءة، ونحن نعرف أن المدنيين لا ذنب لهم وكنا نوصلهم بسلام إلى وجهتهم، وكنت أعتذر منهم وأؤكد لهم أننا لن نؤذيهم، وأروي لهم قصتنا ودوافعنا. كل ما أردناه هو جرس إنذار للعالم، وإخراج المعتقلين الفلسطينيين، وتأمين المساعدات والمعونات الغذائية. لكننا أوقفنا العمل بخطف الطائرات عام 1971، بعد أن أوصلنا الفكرة للعالم وأصبحت معروفة لدى الإعلام".

اغتيال شقيقة ليلى خالد

وفي صعيد آخر، توقفت المناضلة ليلى خالد عند واقعة اغتيال شقيقتها وخطيبها وقسوة الحادثة: "هذه من اللحظات الأصعب في حياتي، فقد اغتيلت شقيقتي قبل يوم من زواجها، ونفذ العملية بعض الرفقاء في الجبهة بأمر من رفيقنا، لكن تم إعدامه من الجبهة بعد التحقيق معه وثبوت تورطه. وكان ذلك مؤلماً مرتين، المرة الأولى أنها قُتلت هي وخطيبها الذي كان سيتزوجها في اليوم التالي، والمرة الثانية، أن الرفاق هم من غدروا بها. ولشدة تأثري، لازمت المنزل لمدة ثلاثة أشهر أفكر فقط في كيفية الرد هذه الجريمة بالتعاون مع الجبهة".

«أوسلو» ليست خطأً بل خطيئة!

وأعادها المشارك أحمد الخالدي إلى ندوة سياسية عُقدت عام 2012 حين غرّد الصحافي الفلسطيني طارق الفرا في حسابه على "تويتر"، واصفاً ما بدر من ليلى خالد بـ"التطاول" على روح المناضل ياسر عرفات، واستوضح منها حقيقة ما حدث حينها، فأكّدت أن ذلك لم يكن تطاولاً بل فقط أعربت عن رأيها وأشارت إلى أن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبه أبوعمار هو اتفاقية أوسلو وأنها لا تزال عند رأيها.

ووصفت ذلك بـ"الخطيئة" وليس الخطأ: "لقد زلزلت هذه الاتفاقية الشعب الفلسطيني، ونتج عنها استيطان لأراضينا. لقد تصرّف من خلف ظهورنا رغم أننا كنا معاً، ودفعنا جميعنا من الدم الفلسطيني ثمناً غالياً، واتخذ قراراً مس بالمصير الفلسطيني دون الرجوع لأحد. لذلك ما بدر مني يعتبر نقداً بناءً و ليس تطاولاً".

خلاف على السلطة

من جانبها، سألتها المشاركة عفاف العوضي عن مدى إمكانية حدوث حكومة موحدة بين حماس وفتح، فاستبعدت خالد أي مصالحة بينهما إذ إن الخلاف بينهما هو خلاف على السلطة، وهذا هو سبب الانقسام.

وعللت بأن وجه حماس الأساسي هو المقاومة، بينما السلطة الفلسطينية تنسق مع العدو الذي يقاتل حماس.

وأعربت ليلى خالد عن رفضها لفكرة حل الدولتين، "لأن ذلك يعني الاعتراف بحق إسرائيل على أرضنا، وهذا أمر مرفوض".

«الجوهر» منفرد بتميزه

وأشادت المناضلة ليلى بفكرة برنامج الجوهر، ودوره في خلق شباب مثقف وواعٍ، كما أعربت عن امتنانها لأنها شعرت بانحياز كل الشباب للقضية الفلسطينية العادلة، ولأنه برنامج فريد من نوعه لم يمر عليها مثله سابقاً، يستهدف فئة الشباب، ويشجعهم على القراءة والاطلاع على التاريخ، الأمر الذي لمسته في استعداد الطلبة الجيد لطرح مثل هذه القضية السياسية الشائكة.

وقالت خالد:"شعرت اليوم أن أسرتي اتسعت وكبرت، بانضمام هذا الشباب الواعد لها" وأكدت على مشاعرها الطيبة لدولة الكويت، ورغبتها في زيارتها قريباً، كما أشادت بدور الإعلامية والمدربة رانيا برغوت في توجيه الطلبة ونقدها البناء لهم، ودور ذلك في صقل مهاراتهم وتطويرها.

وعن سبب تسمية برنامج الجوهر بهذا الاسم تساءلت خالد، فأجابتها برغوت: "لأن برنامج الجوهر يهدف إلى التعرف على المكنونات الحقيقية، وجوهر شخصيات رائدة تركت أثراً بارزاً في عالمنا العربي، والتعرف على جوهر العمل الإعلامي الاحترافي، في ظل ما يعرف بالصحافة الصفراء التي تخلو من كل آداب وأخلاقيات مهنة الإعلام".

من ناحيتها، قالت فارعة السقاف رئيسة مجلس إدارة لوياك إن "الجوهر" هو مشروع ثقافي تنموي توعوي، يجمع بين الشباب العربي من مختلف الجنسيات، ويهدف إلى تثقيفهم وتطوير مهاراتهم الإعلامية، وتقريبهم من رموز نهضة الوطن العربي، ليكونوا لهم بمثابة قدوة ومثال للاحتذاء.

وجاءت هذه المقابلة فيما يواصل برنامج "الجوهر"، في موسمه الثاني نشاطه الثقافي اللافت من خلال مجموعة الورش الهادفة لتدريب الشباب على فنون ومهارات الحوار الإعلامي، على يد أهم الإعلاميين العرب.

ومع نهاية كل ورشة تقام حلقة حوار مع إحدى الشخصيات العربية الرائدة للتعرف عن كثب على تجربتها الإنسانية والمهنية ودورها في إثراء المجتمع.

موقف الكويت من القضية الفلسطينية مشرّف ونعتز به ليلى خالد
back to top