لسنا أفضل من غيرنا

نشر في 24-09-2021
آخر تحديث 24-09-2021 | 00:05
 د. نبيلة شهاب لا نتساوى جميعنا في الذكاء والفطنة في طريقة التعامل مع الآخرين والتوافق في المواقف المختلفة، بل التفاوت بيننا في ذلك واضح وطبيعي، ولا يعني ذلك أن الأعلى ذكاءً هو الأفضل، بل نتساوى جميعاً وإن اختلفنا، على الرغم من أنه لا يمكننا أن ننكر أن الأكثر ذكاءً غالباً ما يصل الى تحقيق أهدافه أفضل من غيره وبصورة أيسر، ولا تكون هناك مشكلة في ذلك، ولكن تظهر المشكلة حين يشعر هؤلاء أنهم أفضل من غيرهم ويتصرفون ويتعاملون مع الآخرين بناءً عليه.

في حقيقة الأمر قد يكون البعض أذكياء لكنهم لا يظهرون مشاعر صادقة تجاه الآخرين أو لا تستهويهم الحياة الاجتماعية ولا يعرفون كيف يعيشونها بالطريقة الصحيحة، فترى بعضهم إما أن يتعالى على الآخرين أو يبتعد عنهم وينعزل، ونرى في الحياة صوراً كثيرة تبين ذلك، ففي برامج التواصل الاجتماعي الأمثلة الواضحة لذلك، والتي تظهر فئة ممن يعتقدون أن الله لم يخلق مثلهم في الفهم والذكاء وتحليل الأمور وكل شيء آخر، المشكلة أن الكثير من هؤلاء يحمل درجة علمية عالية، والتي قد تكون هي السبب في إنزاله لنفسه هذه المنزلة، حيث يعتقد هؤلاء أن التعالي على الآخرين دليل على تميزهم وتفردهم في مجالهم وغير مجالهم، هؤلاء هم الخاوون من الداخل وكلما ارتفعت درجة انفصالهم عن الآخرين وتعاليهم وتكبرهم زاد خواؤهم مهما ارتفعت درجاتهم العلمية أو مناصبهم.

وخلاف من يعزل نفسه في فقاعة بعيداً عن الجميع دون استثناء، نجد أن أغلب المتعالين يتواصلون مع من يعرفونهم فقط ومن يثنون عليهم ومن يشابههم في الآراء والتوجهات، وكل ذلك ببساطة يدل على عدم الثقة بالنفس وبالقدرات، فتجدهم باستمرار يحتاجون الى من يشجع تصرفاتهم وكلامهم ويمدحهم ولو كذباً، الى جانب ما تم ذكره ألا وهو الكِبر واستصغار الآخرين.

كما نجد أن هناك ردود أفعال وتصرفات خاطئة يقوم بها البعض، فقد يمارس بعض الأصدقاء سلوك التفضيل والتفرقة بين أصدقائهم، فنجد منهم من يتعامل إما بتعالٍ أو بإهمال لأقلهم حظاً في الذكاء أو المنصب أو غيره وتلك أسوأ الصداقات، ومن المحزن أننا قد نجد أن بعض الإخوة مهمش متروك وحيداً، أو على أبسط تقدير لا يؤخذ برأيه ولا تحترم رغباته، ليس لسبب إلا لأنه بسيط في تفكيره متبسط في تعامله عفوي متواضع، وقد لا يكون ذا حظ في المال أو نوع العمل.

وللأسف فإن غرس مفهوم أن: "الأكثر ذكاء هو الأفضل وهو من يعتمد عليه أكثر من غيره"، غالباً ما يكون من داخل البيت حيث يمارس الوالدان أو أحدهما للأسف سلوك التمايز بين أبنائهم، والأفضلية غالباً تكون من نصيب الأذكى ومن له مكانة اجتماعية أعلى من إخوته، ولا ننكر أن المجتمع كذلك كثيراً ما يدعم هذا التوجه الخطأ في كل المجالات.

وحقيقةً لا يوجد أحد أفضل من الآخرين مهما وصل من نجاح وتميز وذكاء وإنجاز ودرجة علمية ومهما كانت مكانته العملية والاجتماعية.

نحن نختلف في قدراتنا وميولنا لنتكامل ونتمازج ونتمّم بعضنا بمحبة واحترام وألفة وسلام.

د. نبيلة شهاب

back to top