احباط محاولة انقلاب في السودان

اعتقال مدنيين وضباط مرتبطين بنطام الرئيس السابق

نشر في 21-09-2021 | 09:47
آخر تحديث 21-09-2021 | 09:47
محاولة انقلاب فاشلة في السودان
محاولة انقلاب فاشلة في السودان
أعلنت الحكومة السودانية إحباط «محاولة انقلابية» جرت صباح الثلاثاء، متهمة «ضباطاً من فلول النظام البائد» بتنفيذها، في إشارة إلى نظام الرئيس المخلوع عمر البشير المعتقل منذ أكثر من سنتين بعد أن أطاح به الجيش تحت ضغط حركة شعبية احتجاجية عارمة.

وقال وزير الإعلام والثقافة حمزة بلول المتحدث باسم الحكومة السودانية في كلمة مقتضبة بثها التلفزيون السوداني «تمت السيطرة فجر اليوم.. على محاولة انقلابية فاشلة قامت بها مجموعة من الضباط في القوات المسلحة من فلول النظام البائد».

وأضاف «نطمئن أن الأوضاع تحت السيطرة التامة، وتم القبض على قادة محاولة الانقلاب من العسكريين والمدنيين ويتم التحقيق معهم».

استعادة السيطرة

وأكدت القوات المسلحة السودانية اعتقال 11 ضابطاً وعدد من الجنود المشاركين في المحاولة، وقالت في بيان «حاول بعض الضباط والرتب الأخرى في الساعات الأولى من صباح اليوم (الثلاثاء) القيام بمحاولة للاستيلاء على السلطة في البلاد».

وأضاف البيان أنه «تمت استعادة كل المواقع التي سيطر عليها الانقلابيون» و«مازال البحث والتحري جارياً للقبض على بقية المتورطين».

كما أشار الى استمرار الأجهزة الأمنية في «ملاحقة فلول النظام المشاركين في المحاولة».

استهداف الثورة

وقال رئيس الحكومة السوداني عبدالله حمدوك من جهته في كلمة ألقاها خلال اجتماع لمجلس الوزراء ونقلها التلفزيون، إن المحاولة الانقلابية كانت «تستهدف الثورة وكل ما حققته من إنجازات»، مضيفاً أنه كان «انقلاباً مدبراً من جهات داخل وخارج القوات المسلحة»، وأنه «امتداد لمحاولات فلول النظام البائد لإجهاض الانتقال المدني الديموقراطي».

وكانت وسائل إعلام رسمية سودانية أعلنت في وقت باكر صباحاً عن «محاولة انقلابية فاشلة».

وأكد مصدر حكومي رفيع لفرانس برس أن منفّذي العملية حاولوا السيطرة على مقر الإعلام الرسمي، لكنهم «فشلوا».

وقال المستشار الاعلامي للقائد العام للقوات المسلحة العميد الطاهر أبو هاجه أكد أنه «تمّ إحباط محاولة للاستيلاء على السلطة».

حكم حديدي

وخرجت تظاهرات في عدد من المدن السودانية احتجاجاً على الانقلاب.

وقال محمد حسن وهو من سكان مدينة بورتسودان شرق البلاد «في الواحدة ظهراً خرج عشرات من الشباب والشابات في وسط مدينة بورتسودان يرفعون أعلام السودان ويهتفون: لا لحكم العسكر، مدنية مدنية، لا للانقلاب».

وفي القضارف، شرق السودان، قالت أمال حسين «تجمع تلاميذ مدارس ومواطنون حملوا أوراقاً كُتب عليها لا لحكم العسكر».

كما تظاهر العشرات في مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان ضد الانقلاب.

بعد أن حكم عمر البشير السودان بقبضة من حديد لمدة ثلاثين عاماً أطاح الجيش به واعتقله في 11 أبريل 2019، بعد أربعة أشهر على بدء احتجاجات شعبية عارمة وغير مسبوقة في البلاد ضدّه، وتسلّم العسكريون السلطة.

في أغسطس 2019، وقع المجلس العسكري الانتقالي وقادة الحركة الاحتجاجية المدنيون اتفاقاً لتقاسم السلطة نصّ على فترة انتقالية من ثلاث سنوات تم تمديدها لاحقاً حتى نهاية 2023 بعد أن أبرمت الحكومة السودانية اتفاقات سلام مع عدد من حركات التمرد المسلحة في البلاد.

وتتألف السلطة الحالية من مجلس السيادة برئاسة عبدالفتاح البرهان، وحكومة برئاسة حمدوك، ومهمتها الإعداد لانتخابات عامة تنتهي بتسليم الحكم إلى مدنيين.

تحول ديمقراطي

وقال محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي والذي يشغل منصب نائب رئيس مجلس السيادة وقائد قوات الدعم السريع، في تصريحات أدلى بها الثلاثاء من مركز عسكري في شمال العاصمة «لن نسمح بحدوث انقلاب»، مضيفاً، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السودانية، «نريد تحولاً ديموقراطياً حقيقياً عبر انتخابات حرة ونزيهة».

وقال حمدوك إن المحاولة الانقلابية «كشفت ضرورة إصلاح المؤسسة العسكرية والأمنية».

وأوضح أن «تحضيرات واسعة» سبقت الانقلاب، وتمثلت «في الانفلات الأمني بإغلاق مناطق إنتاج النفط وإغلاق الطرق التي تربط الميناء ببقية البلاد».

وشدّد على ضرورة «محاسبة الضالعين في الانقلاب من مدنيين وعسكريين وفقاً للقانون».

وقال «سنتخذ إجراءات فورية لتحصين الانتقال ومواصلة تفكيك نظام البشير الذي لا يزال يشكل خطراً على الانتقال».

وعدّد بين هذه الإجراءات «تعزيز ولاية الحكومة على كل الموارد وتوجيهها لتحسين الأوضاع المعيشية»، واستكمال إنشاء المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية.

وشهدت العاصمة وبعض مدن البلاد خلال الشهور الماضية تظاهرات احتجاجاً على تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المحروقات والمواد الغذائية.

أشار حمدوك في يونيو إلى وجود حالة من «التشظي» داخل المؤسسة العسكرية.

وقال في بيان حينذاك «جميع التحديات التي نواجهها، في رأيي، مظهر من مظاهر أزمة أعمق هي في الأساس وبامتياز أزمة سياسية».

وأضاف «التشظي العسكري وداخل المؤسسة العسكرية أمر مقلق جداً».

وقالت مديرة الوكالة الأميركية للتنمية سامنثا باور خلال زيارة إلى الخرطوم في أغسطس، «الولايات المتحدة تؤكد أن السودان يجب أن يكون لديه جيش واحد وتحت قيادة واحدة».

وأضافت «سندعم جهود المدنيين لإصلاح المنظومة الأمنية ودمج قوات الدعم السريع والمجموعات المسلحة للمعارضين السابقين».

وبدت حركة المواطنين والسيارات الثلاثاء عادية في وسط العاصمة حيث مقر قيادة الجيش، وفق مراسل لوكالة فرانس برس.

غير أن الجيش أغلق جسراً يربط الخرطوم بمدينة أم درمان على الضفة الغربية لنهر النيل، ويوجد في أم درمان مقرّا الإذاعة والتلفزيون الرسميان.

وشاهد مراسل فرانس برس دبابتين متوقفتين عند مدخل الجسر باتجاه أم درمان.

وبثت الإذاعة الرسمية راديو ام درمان» وتلفزيون السودان الرسمي منذ الصباح أغاني وطنية.

ودان حزب الأمة القومي، أكبر الأحزاب السودانية، المحاولة الانقلابية.

كما أبدت لجان مقاومة الأحياء السكنية التي كانت تنظم الاحتجاجات ضد البشير، استعدادها للخروج إلى الشارع ومقاومة أي انقلاب عسكري.

وللسودان تاريخ مع الانقلابات العسكرية منذ استقلاله في عام 1956، فقد حكمه الفريق عبود من عام 1958 إلى 1964، ثم المشير جعفر نميري من 1969 إلى 1985، والبشير من عام 1989 إلى 2019.

وأطيح بكل الحكومات العسكرية بانتفاضات شعبية في أعوام 1964 و1985 وأخيراً 2019.

والبشير موجود حالياً في سجن كوبر بالعاصمة السودانية، وأعلنت الحكومة السودانية استعدادها لتسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية التي أصدرت في 2009 مذكرة توقيف في حقه بعد اتهامه بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال النزاع المسلح في دارفور.

back to top