العلاقات الخليجية

نشر في 21-09-2021
آخر تحديث 21-09-2021 | 00:10
 قيس الأسطى الصورة التي انتشرت منذ أيام، والتي كانت تجمع سمو أمير قطر الشيخ تميم بن حمد، وسمو ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ومستشار ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد الشيخ طحنون بن زايد، رسمت البسمة على شفاه ملايين البشر من دول مجلس التعاون.

الصورة أتت في وقت تمر به المنطقة بأسئلة معقدة وصعبة حول الانسحاب الأميركي من أفغانستان، والنية الواضحة لأميركا للانسحاب من المنطقة برمتها لكي تتفرغ لحربها الاقتصادية والدبلوماسية مع الصين، وما تتطلبه هذه الحرب من وجود أميركي مباشر في بحر الصين الجنوبي بصورة خاصة ومنطقة الشرق الأدنى بصورة عامة، وهو قرار لم تتخذه أميركا بالأمس، بل إن بوادره ظهرت مع تقرير بيكر هاملتون الذي صدر في عام 2008 في آخر الدورة الثانية لرئاسة بوش الابن، والذي كان يوصي بالانسحاب من العراق، ولكنه وفي وقت لاحق اعتمد ليعمل به على مستوى المنطقة.

أميركا الآن من أكبر منتجي النفط في العالم، كما أنها استطاعت أن ترسم خريطة طريق لعلاقات عربية إسرائيلية معلنة وغير معلنة مع أغلبية الدول العربية الفاعلة، لذا ترى أن وجودها المباشر قد انتهى، وتراهن على دور إقليمي لحلفائها في المنطقة، وهم حسب القطعة فلكل أزمة حلفاء.

الآن المطلوب منا كدول مجلس تعاون أن نؤمن حرفياً بمقولة لونستون تشرشل التي تقول: "في السياسة ليس هناك عدو دائم أو حليف دائم"، وإن استمرار بعضنا في التفكير في أن عدم تطابقنا التام بكل القضايا كارثة كبيرة خطأ كبير، فلكل دولة الحق في رؤية مختلفة لقضايا المنطقة، شريطة أن نجلس على طاولة لكي نحدد الخطوط العريضة التي يلتزم بها الجميع، فالقادم خطر كبير والاستعداد له يجب أن يكون جماعياً لا منفرداً، ومن يعتقد أنه قادر على المواجهة المنفردة مخطئ.

الحرب في اليمن والعلاقات مع إسرائيل والعلاقات مع إيران وتركيا والموقف من الإخوان المسلمين قضايا يجب أن تطرح على طاولة بحث خليجية، والصورة التي أشرنا إليها في بداية المقال قد تكون بداية جيدة لأنني أعتقد، وإن كانت الصورة التقطت للقادة بلباس البحر، أنها لم تكن لصيد السمك فقط بل كانت في وقت تعج به المنطقة بأسئلة كبيرة لقضايا ملحة، وأكاد أجزم أنها شغلت تفكير المجتمعين وكانت محل مفاوضاتهم.

كل القضايا المطروحة نستطيع أن نواجهها إذا انطلقنا من فكرة أن أياً تكن خلافاتنا كدول مجلس تعاون إلا أنها تبقى محدودة للشر الكبير تجاه المنطقة، فالطموح الإيراني لفرض الهيمنة على المنطقة لم يتوقف بل ازداد شراسة، بدليل ما نشهده في اليمن وسورية ولبنان والعراق وقطاع غزة من وجود إيراني مباشر وكثيف، وأنا هنا لا أدعو لحرب بل أدعو لحوار خليجي مباشر مع إيران شريطة أن تلتزم كل دول مجلس التعاون بأجندة متفق عليها خليجياً.

العلاقات الاقتصادية قد تسهم في صورة سياسية أجمل وقرب تنظيم دولة قطر لكأس العالم ومشروع نيوم السعودي العملاق والإنجازات المتسارعة والمشاريع العملاقة في الإمارات يجب أن تكون مساحة لكي يلتقي شباب وشابات دول مجلس التعاون في مشاريع متوسطة تجمعهم، فالاقتصاد يجمع ولا يفرق، ويبقى أن نحدد موقفنا من تركيا أيضاً، فهي لاعب كبير في المنطقة والتوافق معها يجب أن يعمل حسابه.

كل هذه القضايا وغيرها يجب أن تناقش وأن نتفق عليها كدول مجلس تعاون، فقوتنا في تلاحمنا أكرر قوتنا في تلاحمنا.

فهل وصلت الرسالة؟ آمل ذلك.

قيس الأسطى

back to top