ما وراء خطاب بوش في ذكرى هجوم 11 سبتمبر

نشر في 19-09-2021
آخر تحديث 19-09-2021 | 00:00
نحن منقسمون في مواضيع مثل الإجهاض، وزواج المثليين، وحقوق المتحولين جنسياً، ونختلف حول الاشتراكية والرأسمالية، نحن منقسمون بشأن سياسات العمل الإيجابي، وحركة "حياة السود مهمة"، والجرائم في المدن، والعنف المسلّح، والنظرية العرقية النقدية، حتى أننا منقسمون بسبب الادعاءات المرتبطة بامتيازات أصحاب البشرة البيضاء وتفوّقهم على غيرهم.
 واشنطن بوست في شانكسفيل، بنسلفانيا، كان الموضوع الذي طرحه جورج بوش الابن في خطابه يوم السبت، في ذكرى هجوم 11 سبتمبر، يتمحور حول الوحدة الوطنية والعوامل التي جعلت البلد يخسرها في آخر عشرين سنة.

قال بوش: "خلال الأسابيع والأشهر التي تلت هجوم 11 سبتمبر، كنت فخوراً بقيادة شعبٍ مدهش وقوي وموحّد، وفي ما يخص وحدة الولايات المتحدة، تبدو تلك الأيام بعيدة جداً عن الزمن الحاضر، يبدو أن قوة خبيثة تعبث بحياتنا المشتركة وتُحوّل كل خلاف إلى جدل عقيم، وكل جدل إلى صراع بين الثقافات".

ما الذي عناه بوش بهذا الكلام؟

لم يذكر بوش مساهماته الخاصة في انقسامنا الوطني، وتحديداً قراره في غزو العراق، مع أن هذا البلد لم يطرح تهديداً علينا ولم يهاجمنا ولم يرغب في خوض الحرب ضدنا. لقد أراد أن يجرّده من أسلحة لم يكن يملكها أصلاً... فهل أثّر هذا الحدث فعلاً في خسارة الوحدة الوطنية الأميركية؟

قال بوش: "خلال تلك الساعات المصيرية بعد هجوم 11 سبتمبر، وجد عدد كبير من الأميركيين صعوبة في فهم السبب الذي يجعل عدواً يكرهنا لهذه الدرجة".

لكن قبل هجوم 11 سبتمبر بكثير، عدّد أسامة بن لادن قبل إعلانه الحرب علينا المشاكل القائمة، فكانت عقوباتنا كفيلة بتجويع أولاد العراق، وكان وجودنا العسكري على الأرض المقدسة في المملكة العربية السعودية التي تشمل مدينة مكة المكرمة بمنزلة إهانة وطنية وإساءة مريعة للإسلام.

وبعد هجوم 11 سبتمبر، قرر بوش غزو أفغانستان والعراق، ثم هاجم باراك أوباما ليبيا وورّطنا في الحروب الأهلية في سورية واليمن.

على مر عشرين سنة إذاً، كنا مسؤولين عن مقتل مئات الآلاف من الأشخاص سواء من الأفغان، أو العراقيين، أو السوريين، أو اليمنيين، وسواء كانوا جنوداً أو مدنيين، كما أننا هجّرنا مئات الآلاف من الناس من منازلهم وبلدانهم، فهل يغفل الأميركيون فعلاً عن السبب الذي يجعل "أعداءنا يكرهوننا لهذه الدرجة" كما قال بوش؟

يريد جزء كبير من تلك الشعوب أن نرحل من بلدانهم للسبب نفسه الذي جعل الأميركيين في القرنَين الثامن عشر والتاسع عشر يرغبون في رحيل الفرنسيين والبريطانيين والإسبان من بلدنا ومنطقتنا ككل، لكن لم تكن الحروب التي أطلقها بوش وأوباما العوامل الوحيدة التي زادت أعداءنا في الخارج وعمّقت انقساماتنا في الداخل.

على عكس الوضع خلال الأجيال السابقة، تبدو انقساماتنا في القرن الحادي والعشرين أكثر عمقاً بكثير، وهي لا تقتصر على المجالات الاقتصادية والسياسية، بل تشمل أيضاً انقسامات اجتماعية، وأخلاقية، وثقافية وعرقية.

نحن منقسمون في مواضيع مثل الإجهاض، وزواج المثليين، وحقوق المتحولين جنسياً، ونختلف حول الاشتراكية والرأسمالية، نحن منقسمون بشأن سياسات العمل الإيجابي، وحركة "حياة السود مهمة"، والجرائم في المدن، والعنف المسلّح، والنظرية العرقية النقدية، حتى أننا منقسمون بسبب الادعاءات المرتبطة بامتيازات أصحاب البشرة البيضاء وتفوّقهم على غيرهم، والمطالبة بأن يُمهّد تكافؤ الفرص بين الجميع للمساواة بين المكافآت أيضاً، وفي زمن وباء كورونا انقسمنا حول ضرورة وضع الأقنعة وتلقي اللقاحات.

نحن منقسمون حول المطالب المرتبطة بتحطيم الآثار والنصب التذكارية الخاصة بأسماء كانت تُعتبر حتى الفترة الأخيرة من الشخصيات العظيمة في تاريخ الولايات المتحدة، من كريستوفر كولومبوس وجورج واشنطن إلى توماس جيفرسون وأندرو جاكسون، ومن أبراهام لينكولن وروبرت لي إلى وودرو ويلسون وثيودور روزفلت.

حتى أننا منقسمون الآن حول أكثر المسائل أهمية: هل تُعتبر الولايات المتحدة اليوم دولة صالحة وعظيمة تستحق ولاء وحب أبنائها وجميع مواطنيها؟ وهل كانت كذلك دوماً؟ وهل نتجه، نحن الأميركيين، نحو تلك "الوحدة المثالية" المنشودة أم أننا نوشك أن نجدد انقساماتنا العنيفة السابقة؟

*باتريك بوكانان

Washington Post

back to top