نحن والتغيير

نشر في 03-09-2021
آخر تحديث 03-09-2021 | 00:00
 د. نبيلة شهاب هل نتغير خلال مراحل حياتنا؟

بالتأكيد، تتغير مبادئنا وقيمنا ومفاهيمنا وأهدافنا، وتبعاً لذلك تتغير سلوكياتنا وتصرفاتنا وأساليب تعاملنا مع الآخرين، فعند منعطفات معينة يجب على الفرد أن يتغير، برغبته أو رغماً عنه، فما الذي يغير أشياء تم اكتسابها منذ سنوات طويلة، ترسخت وشكلت أنماطاً محددة من شخصياتنا؟

بلا تردد: تغيرنا الظروف والمواقف وخبرات الحياة الإيجابية والسلبية، كما نتغير نتيجة التفاعل مع الآخرين، فعلى سبيل المثال نتجه للهدوء بعد التيقن ألا شيء يستحق منا الاهتمام بكل التفاصيل الدقيقة للمواقف والظروف التي تمر بنا، ولا يصبح مهماً كذلك الالتفات للسلبيات تفادياً لما ينتج عنها من مشاعر وردود أفعال سلبية. قد نعاني التغيير وقد نشتاق إلى ذواتنا السابقة، لكن الذكي يعرف كيف يتوافق جيداً مع التغييرات وما يصاحبها من ظروف أو حتى أفراد، ولكن حقيقةً يفرحنا التغيير حين يكون للأفضل، فالطيبة الزائدة صفة يتمنى صاحبها التقليل منها، وقسوة الخذلان أو صدمات الحياة تحيل الضعف الى قوة والطيبة والاندفاع الى حرص وحذر، كما يشعر الخجول بالثقة بالنفس والفرح حين يتخلص من خجله وهكذا، وكما تتغير الصفات تتغير كذلك التصرفات، فالذي ينجز أعماله ببطء يشعر بالسعادة حين يصبح سريعاً، كذلك قد يتحول الفرد من إيجابي انبساطي الى سلبي متشائم ومن هادئ إلى صاخب ومن مسالم إلى عنيف وهكذا، والسبب هو التعرض لظروف قوية ضاغطة تغيرهم رغماً عن رغباتهم.

ولذا يجب ألا نحكم على أي إنسان من موقف أو تصرف معين، فقد يكون هذا التصرف وقتياً وعابراً، وإن لم يكن كذلك، فقد ينتبه لخطأ تصرفه أو عدم دقة وصحة قيمه ومفاهيمه فيتجه لتغييرها وتغيير ما يتصل بها من سلوكيات، وعليه لا تنتهي الحياة باكتسابنا عادات غير مقبولة اجتماعياً، فكما تعلمناها نستطيع تعلم عكسها وتصحيح مسار حياتنا، والذي يعتمد حتماً عليه تغيير أشياء كثيرة، والتغيير ليس بالضرورة من إيجابي إلى سلبي والعكس، بل قد يكون داخل إطار المفهوم الواحد لكن باختلافات محددة.

ولا ننسى أن الأفكار أو الأحلام قد يطولها التغيير، فبعضنا بعد أن كان يتمنى العيش في مدينة كبيرة مزدحمة بالناس والحركة والأنشطة المتنوعة، يصبح حلمه أن يقضي باقي عمره في مزرعة جميلة مليئة بالأشجار ويتقاسم ذلك مع أسرته ومجموعة من الحيوانات الأليفة، فما الذي تغير؟ قد يكون تعب من الحياة ومسؤولياتها من دراسة وعمل وبناء أسرة وغيره، وقد يكون الشعور بأن العلاقات الاجتماعية تكون أجمل كلما كانت سطحية وفيها متسع من المساحة الشخصية لكل منا.

● د. نبيلة شهاب

back to top