ماكرون وبارزاني من الصداقة إلى الشراكة!

نشر في 03-09-2021
آخر تحديث 03-09-2021 | 00:00
 محمد واني هل أعدت أميركا العدة لتحل فرنسا محلها في العراق بعد قرار انسحابها منه في 31 ديسمبر الجاري؟ يبدو كذلك، فالحضور القوي للرئيس الفرنسي "إيمانويل ماكرون" في العراق ومشاركته الفاعلة في مؤتمر التعاون والشراكة الذي عقد مؤخراً في بغداد لرؤساء وقادة دول الجوار، وعلاقاته المتشعبة مع القوى السياسية العراقية وبشكل خاص مع قادة الكرد أهلته لكي يمثل دور الحاكم المدني الجديد في العراق على غرار الحاكم المدني الأميركي "بول بريمر" الذي حكم العراق بعد سقوط النظام البعثي عام 2003، فالرجل يتمتع بمقبولية لدى جميع العراقيين وأيضا لدى الإيرانيين، الطرف الأصعب في المعادلة العراقية.

وقد يعتمد في مهمته الجديدة على الكرد الذين سيتعاظم دورهم في المرحلة القادمة في تحديد الملامح السياسية للعراق ويتحول إلى بيضة القبان كما كانوا قبل (2003) عندما ساهموا مع الأميركيين في تأسيس الدولة العراقية الجديدة، فالعلاقة بين الكرد وفرنسا تاريخية رغم أنها هي الطرف الثاني مع بريطانيا في اتفاقية "سايكس بيكو" المشؤومة التي قسمت الشعب الكردي بين أربع دول ظالمة سامتهم سوء العذاب!

ولكن ربما شعر بعض قادة فرنسا بشيء من تأنيب الضمير أو العار، وهذا ما أستبعده تماما، وبدأوا بالتودد للكرد ومد يد المساعدة لهم عند الشدائد والمحن التي عاشوها على يد هذه الدول التي تسمى "إسلامية!"، وكان الرئيس الأسبق «فرنسوا ميتران» أكثر القادة الفرنسيين توددا للكرد، ففي لقائه مع «الملا مصطفى البارزاني» حمله رسالة الى الشعب الكردي: ‏"أبلغ الشعب الكردي بأنَّ لديهم صديقاً فرنسياً وهو فرانسوا ميتران وما دمت هناك سأدعمكم ولكن إن ‏رحلت فسوف يدعمكم الشعب الفرنسي". وصرح في برلمان كردستان أن (كردستان وطني)، ومن جانبه أطلق الكرد لقب "أم الكرد" على زوجته "دانيال ميتران"عرفانا بالجميل.

ولا ننسى أن فرنسا هي التي "أسهمت في إصدار قرار فرض منطقة حظر طيران عام 1991 ‏لمنع النظام البعثي من اجتياح المنطقة الكردية وارتكاب مجازر بحق الشعب الكردي على غرار عمليات القصف الكيماوي، والأنفال التي ‏ذهب ضحيتها مئات الآلاف من الأبرياء.

وعندما فرضت حكومة حيدر العبادي حصارا شاملا برا وجوا على الشعب الكردي عقابا له على الاستفتاء الذي أجراه عام 2017 للخروج من هيمنة العراق، وهو حق كفلته كل الشرائع السماوية والأرضية، ساعدته فرنسا في الضغط على الحكومة العراقية لتخفيف حصارها الجائر ومن ثم رفعه فيما بعد، وقد لبى الرئيس "إيمانويل ماكرون" نداء رئيس حكومة الإقليم آنذاك "نيجيرفان بارزاني" الذي شد الرحال الى فرنسا عبر الطريق البري التركي بسبب حظر الطيران لطلب المساعدة، وكان له دور بارز في رفع الحصار، وقد أشاد "بارزاني" بالموقف الفرنسي وأثنى على الرئيس "ماكرون" ووصفه بالصديق. وعندما التقاه في أربيل عقب انتهاء أعمال المؤتمر المنعقد في بغداد رحب به وقال؛ ‏"يسعدني أن أرحب بصديقي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في أربيل، إنني أتطلع إلى مناقشة العلاقات الثنائية ‏والانتخابات العراقية وغيرها من القضايا الملحة مع الرئيس ماكرون، وما زلت ممتنا لدعم فرنسا المستمر لإقليم ‏كردستان والعراق".‏

بدوره شكر "ماكرون" صديقه رئيس إقليم كردستان نيجيرفان بارزاني على الحفاوة الكبيرة التي لقيها وقال في تغريدة له: "أردت أن أنهي زيارتي إلى العراق في أربيل، عزيزي نيجيرفان، شكراً على هذه الاستضافة". ‏

* كاتب عراقي

● محمد واني

back to top