نقطة: سنة الدشداشة

نشر في 06-08-2021
آخر تحديث 06-08-2021 | 00:20
 فهد البسام بعد قرابة التسعين عاماً على صدور قرار منع ارتداء البشوت في الكويت، تتجه البلاد في نهاية هذا العام لبدء مرحلة القضاء على الدشداشة، مما قد يدفع جيل لابسي الدشاديش للاتجاه نحو البنطلونات واللبس الغربي بأنواعه، وصولاً للشورتات والبادي أظلم، أو الإغراق أكثر بالمحلية كرد فعل واحتجاج لما اتخذ من قرارات لم تضعهم وأحجامهم العشوائية بالحسبان، وبالتالي ارتداء "الوزار" بالأماكن العامة والديوانيات، وعندها فقط قد يشعر المسؤولون بحجم الخطأ المرتكب سواء من الناحية الإنسانية أو الجمالية بحق الكويت وسمعتها.

وعلى ما في قرار منع ارتداء البشوت في ذاك الزمان من مثالب وعيوب أدت إلى إلغائه في آخر الأمر، إلا أنه عالأقل كان واضحاً ومقصوداً بشكل مباشر ومحدد، بعكس قرارات هذا الزمن المتقدم عددياً والمتخلف فكرياً وإدارياً، فقرار مثل ترحيل من تجاوز الـ 60 عاماً من حملة الثانوية وأقل لا ينبئ إلا عن قل دبرة وجهل مطبق بترابط سلسلة الخدمات وحاجات الناس اليومية الفنية الصغيرة وعلاقتها بالاستقرار الوظيفي والأمن الاجتماعي، فعندما تصدر قراراً تبعد بموجبه آلاف الخياطين والخبازين والحلاقين و"معلمي الشاورما" وغيرهم من ذوي المهن البسيطة، ممن قضوا جل حياتهم هم وأسرهم في الكويت واعتادوا الحياة بها وخبروا عاداتها وجغرافيتها وأطباع أهلها، فإنك لن تقضي على الحاجة لهم ولأعمالهم، ولن تغير شيئاً سوى استبدالهم فقط بالأصغر منهم سناً والأقل خبرة بالضرورة والأجهل بأحوال المجتمع وطبائعه، أما من جاء يكحل القرار فقد أعماه بشرط الـ 2000 دينار سنوياً لاستمرار بقائهم، فإن استبعدنا الاعتبار الإنساني بعدم قدرة الخبازين والخياطين من ذوي هوامش الربح المتواضعة على دفع مثل هذا المبلغ سنوياً، فيفترض من مُصدر القرار علمه بأن مثل هذا المبلغ إن دفع فسيعوض بالمقابل من جيب المستهلك، فلا أنت بالنهاية أصلحت التركيبة السكانية المعقدة كما تريد، وزدت من تضخم أسعار الخدمات من جهة أخرى.

وأنتم ترتدون دشاديشكم أو تطلبون أي خدمة أو وجبة أو "باچه"، تفرسوا وجوه من يخدمونكم وأكرموهم قدر المستطاع ولو بكلمة، فقد تكون هذه آخر مرة تشاهدون فيها معارفكم وأصدقاءكم منهم، ونأمل قبل فوات الأوان إن كان مُصدر القرار لا يستوعب الآثار بعيدة المدى لقراره، كعادة كل القرارات الكويتية الأصيلة، أن يكون هناك من هو أعلى وأعقل منه ليعيد الأمور إلى نصابها والإنسانية إلى طبيعتها، وإلا فسيضطر الناس بعدها لارتداء الدشاديش الجاهزة، وستبدو أشكالنا كالخليجيين في الأفلام المصرية حين يتواجدون في الهرم، الشارع طبعاً وليس جار أبو الهول، وذنبنا برقبتكم.

فهد البسام

back to top