السلطة المطلقة... مفسدة مطلقة

نشر في 28-07-2021
آخر تحديث 28-07-2021 | 00:17
 محمد المقاطع ماذا يحاك للدول العربية؟ ومن يرسم مساراته؟ ومن يمسك خيوطه؟ ومن يكتب سيناريوهاته؟!

لماذا لا يراد للدول العربية ولا الإسلامية أن تهنأ بعيش رغيد مستقر وبنظام يظلها بالحرية ويمكنها من المشاركة الشعبية السلمية؟!

لماذا محاولة تكبيل الشعوب العربية؟ وقهرها وإذلالها؟

لماذا تستمر مسلسلات التسلط والتفرد والانقلابات العسكرية، والتي جرت جميعها الويلات على الأمة العربية؟!

منذ أواخر أربعينيات القرن الماضي، أي منذ ما يزيد على ثمانين عاماً، دخل العالم العربي مرحلة التفرد بالسلطة والانقلابات العسكرية، ومنذ ذلك التاريخ تعيش الدول العربية وشعوبها بشكل عام، حالة من التشرذم والانقسام السياسي، والتشفي والشماتة البغيضة بين أبناء الوطن، وقهر الشعوب، ونهب ثروات الدولة، والتراجع المريع في جميع مناحي الحياة، وانهيار المنظومات الاجتماعية، وتداعي القيم والأخلاق الدينية والمجتمعية، وتسير الدول العربية عكس عقارب الساعة وباتجاه مضاد لحركة الزمن وتطوره.

فهل هذا يحدث كله، وطوال الثمانين عاماً الماضية هكذا، وليد المصادفة، وبأسباب داخلية وخاصة بكل دولة وقطر عربي؟ الجواب طبعاً لا، بل حتماً لا؛ فهناك من يرسم هذه المسارات، ويخطط ويرتب ويدفع ويشجع ويغذي وينمي، ويعد العدة لكل ذلك وبهدوء تام وطول نفس وينفذ من خلالنا وبأيدينا! لكنه يحقق فينا الوهن والضعف والتآكل، ويزيد من سطوته وقدرته على الهيمنة علينا وتكبيلنا!

وها هي الدول العربية تعيش في الدوامة ذاتها منذ ثلاثين سنة، وتعاد لها كلما حاولت أن تخرج من هذه الدوامة وبلوغ مرحلة الوعي وامتلاك الإرادة الحرة، فتتم إعادتها إلى المربع الأول:

بحاكم مستبد!

أو

نظام بوليسي!

أو

بانقلاب عسكري!

أو

باقتتال داخلي!

أو

انقسام وتنافر طائفي أو فئوي!

أو

بتدخل أجنبي!

أو

باستعمار مباشر!

ومن يسلم من أي من تلك الاحتمالات، وهو نادر، ويكسر ذلك النمط والطوق المحدد، يعيش بهلع وتخويف دائمين لزراعة حالة من القلق وعدم الاستقرار الذي يهدف للنيل من السلم الاجتماعي وزعزعة الاستقرار السياسي، بأوهام وتهويشات مستمرة من قبل تلك الأيادي الخارجية، بما فيها التدخل والتهديد الأجنبي المباشر.

ما يجب أن تعيه الدول العربية ونظمها وشعوبها، أن تجارب الثمانين سنة الماضية، تقول لكم: كفي سذاجة وسماجة وغفلة وتآكلاً داخلياً وإضعافاً لأنفسكم، عودوا لرشدكم وتملكوا إرادتكم وتصالحوا فيما بينكم كشعوب، وتصالحوا كأنظمة مع شعوبكم، فلن يقوى لكم عود ولن يكون بكم عز، ولن يدوم لكم وطن، ولن يستقر بكم حال، ولن يتحقق لكم تقدم، إلا بإرادتكم الوطنية الموحدة وهويتكم الدينية والثقافية.

وانظروا للعالم حولكم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه، كل دوله تنعم بما نفتقده لأنهم أدركوا الحقائق التي غابت أو غُيبت عنا.

فالسلطة المطلقة مفسدة مطلقة، أياً كان شكلها أو أسلوبها أو تكوينها أو القائمون عليها، وقد ولى عهد التسلط والتفرد والانقلابات. ومازال في الوقت متسع!

فهل نملك إرادة إفشال ما يحاك لنا؟!

back to top