بعد «إلغاء الضبط والإحضار» على المدينين... العين على إزالة تجريم الشيكات

• «الإفلاس» حمى التاجر من جانبٍ وأغفل حمايته من الحبس وفق قانون الجزاء!
• يتعين على البنوك النظر في إصدار دفاترها وضمان حقوق المستفيدين بعيداً عن حبس مُصدرها

نشر في 27-07-2021
آخر تحديث 27-07-2021 | 00:04
إلغاء الضبط والإحضار على المدنيين
إلغاء الضبط والإحضار على المدنيين
بعد إلغاء المشرع الكويتي بالقانون رقم 71 لسنة 2020، بشأن إصدار قانون الإفلاس حبس التاجر أو إصدار أمر بضبطه وإحضاره، فإن ذات الفلسفة التشريعية التي بنيت على أثرها فكرة إلغاء الحبس على التاجر تجد صداها أيضاً بحبس مصدر الأوراق التجارية، وتحديداً ورقة الشيك، وبات على المشرع أن يعيد النظر في هذه الورقة التي أودعت في السجون الكثيرين من التجار والمتعاملين بالأوراق التجارية كضمان.

وإزاء فكرة إلغاء تجريم إصدار الشيك بدون رصيد من قاموس قانون الجزاء، وباعتباره ورقة تجارية يتعين ربطها بضمان البنوك لها أولاً تجاه الغير، وهو ما يعني أن البنك مصدر دفتر الشيكات للتاجر هو من يضمن للمستفيد أداء كل الديون الواردة بدفتر الشيكات، وإلا امتنع على البنوك إصدار دفاتر للشيكات لأي عميل لديها إلا ذلك العميل الذي تضمنه وتتأكد من ملاءته المالية.

ومن ثم، فإن إلغاء تجريم الشيك كورقة تجارية له ما يبرره، شريطة أن تضمن البنوك عملاءها تجاه المستفيدين، ولها أن تعود على هؤلاء العملاء لاحقاً لتحصيل الديون منهم أو تمتنع عن إصدار دفاتر الشيكات.

ويرصد الواقع العملي صرف عدد من البنوك لعدد من عملائها كأشخاص أو شركات دفاتر شيكات، دون أن تتأكد من ملاءتهم المالية أو قدرتهم على الوفاء، وهو ما يدفعهم إلى إصدار شيكات للمستفيدين دون الوفاء بها، في حين أنه كان يتعين على البنوك أن تمتنع عن إصدار تلك الشيكات، لعدم قدرة العملاء على ضمانها أو أنها إن أرادت منح تلك الدفاتر فعليها أن توفي للغير من المستفيدين بقيمتها، وتعود هي على عملائها لتحصيل تلك الديون.

وعليه يتعين على البنوك إعادة النظر في فكرة منح دفاتر الشيكات وإيجاد طرق لضمانها من العملاء بعيداً عن التجريم، وحبس التاجر على ذمة دين تجاري، وفق قانون المرافعات الذي ألغته الفقرة الثانية من المادة الخامسة من القانون رقم 71 لسنة 2020 بشأن الإفلاس يتضمن ذات الفلسفة بالحبس لنفس التاجر، وفق المادة 237 من قانون الجزاء لإصداره شيكا بدون رصيد كوفاء لدين تجاري، أو لإصداره شيكا يضمن تعاملاته التجارية ولم يستطع أن يوفي بها، ومن ثم تحول إلى معسر لا يستطيع أن يوفي بتعهداته المالية، ومن ثم فإن المنطق التشريعي الذي أدى إلى إلغاء حبس أو ضبط أو إحضار المدين هو ذاته الذي يواجه التاجر مصدر ورقة الشيك بدون رصيد، وهو الأمر الذي يثير تساؤلا مهما، هو هل يقدم مشرعنا على إلغاء عقوبة الشيك بدون رصيد حماية للتاجر من الحبس أم ان التاجر الذي تم إعفاؤه من الضبط والإحضار، وفق قانون المرافعات، ليس هو ذات التاجر الذي يلاحق وفق قانون الجزاء لإصداره شيكا بدون رصيد؟.

وهي المفارقة التي غابت عن ذهن المشرع لدى حمايته التاجر وفق قانون الإفلاس الذي عني بحمايته من جانب، وتركه عرضة للحبس وفق قانون آخر هو قانون الجزاء، مما يستدعي مراجعة التشريع والنظر إلى كل أبعاده.

كاتب

back to top