رئيسي يتبنى سياسة الانكفاء إلى الداخل

أعطى الأولوية لتحسين الاقتصاد... وتمنى عودة العلاقات مع السعودية

نشر في 22-06-2021
آخر تحديث 22-06-2021 | 00:08
رئيسي خلال مؤتمره في طهران أمس (أ ف ب)
رئيسي خلال مؤتمره في طهران أمس (أ ف ب)
في أول مؤتمر صحافي له، بعد فوزه في الانتخابات، استعرض الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي الخطوط العريضة للسياسات، التي ستعتمدها حكومته، وكان واضحاً في إعطاء انطباع بأن إيران تتجه إلى نوع من الانكفاء إلى الداخل، بعد 8 سنوات صاخبة.

وقال رئيسي، المحسوب على التيار الأصولي المتشدد، والذي أصر خلال مؤتمره، أمس، على أنه ترشح كمستقل للاستحقاق الرئاسي، إن سياسة حكومته ستركز على تحسين الاقتصاد المتداعي ومعالجة الأوضاع المعيشية المتردية ومكافحة الفساد واستعادة ثقة الشعب.

وشدد على أنه "سيعمل على تغيير الأوضاع الداخلية عن طريق استبدال النظم الإدارية بأخرى ديموقراطية، لكي تسير البلاد في طريق العدالة".

اقرأ أيضا

خارجياً، قال رئيسي، الذي يُنظر له على أنه الخليفة المحتمل للمرشد الأعلى علي خامنئي، إن أولوياته هي تحسين العلاقات مع دول الخليج المجاورة، والسعي لإعادة فتح السفارات مع الجارة السعودية.

ومن دون أن يتطرق إلى المحادثات الأخيرة، قال إنه "لا عقبات من الجانب الإيراني أمام إعادة فتح السفارتين واستعادة الحوار مع الرياض".

وأشار الرئيس المنتخب، الذي يشغل حالياً منصب رئيس السلطة القضائية، إلى أن بلاده تريد التفاعل الواسع والمتوازن مع كل العالم، لافتاً إلى أن العلاقات الإيرانية لن تكون مقيدة بـ"الاتفاق النووي".

وأعرب عن دعمه للمفاوضات غير المباشرة مع الولايات المتحدة في فيينا بشأن إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات، التي فرضها الرئيس السابق دونالد ترامب بعد انسحابه من الصفقة الذرية عام 2018.

وطالب الأميركيين بأن "يعودوا إلى الاتفاق ويفوا بالتزاماتهم"، لكنه حذر في الوقت نفسه من أنه لن يسمح بأن تكون المباحثات "استنزافية أو استعراضية".

وأعلن الرئيس المنتخب أن لا نية لديه للقاء نظيره الأميركي جو بايدن، حتى لو سمحت محادثات فيينا بتخفيف العقوبات عن إيران.

وابتعد رئيسي، الذي يوصف بأنه أحد صقور النظام الإيراني، عن لغة التصعيد، خلال رده على سؤال بشأن القضية الفلسطينية، قائلاً إن "موقفنا هو أن يقرر الشعب الفلسطيني مصيره".

وفي أول تعليق له على العقوبات الأميركية، المفروضة عليه بتهم تتعلق بالمشاركة في محاكمات أفضت إلى إعدامات جماعية بحق أنصار وعناصر منظمة "مجاهدي خلق"، قال إنه كان مدافعاً عن حقوق الإنسان منذ بداية مسؤوليته كرجل قانون.

في المقابل، تحدث مصدر من فريق رئيسي عن "حرب محاصصة" بدأت مبكراً على الوزارات في حكومة الرئيس المنتخب، بين زعامات التيار الأصولي والحرس الثوري وبعض رجال الدين، وهو الأمر الذي يُعقّد تشكيل الحكومة وقد يؤثر على طبيعة برنامجها والسياسات التي ستعتمدها.

وحسب المصدر، فإن السيناريو المفضل لدى رئيسي هو تشكيل حكومة تكنوقراط تضم عدداً كبيراً من الشباب وأغلبية أعضائها مقربون منه، إضافة إلى عدد قليل جداً من الشخصيات السياسية الأصولية الرفيعة التي كان وعدها بمناصب مهمة في حال فوزه، لكن بمجرد صدور نتيجة الاقتراع بدأت الضغوطات تنهال على الرئيس المنتخب من جهات متنوعة تطالبه بحصتها في الحكومة المقبلة مقابل الدعم الانتخابي الذي حصل عليه.

وقال المصدر إن رئيسي لم يكن يتوقع بأي حال أن تستعر حرب المحاصصة بهذا الشكل، مضيفاً أن حدة التنافس تسببت في مشادة كلامية في يوم التصويت تحولت إلى تضارب بالأيدي بين المساعد التنفيذي للمرشد الأعلى وحيد حقانيان ورئيس جهاز أمن المرشد في "الحرس الثوري"، لافتاً إلى أن كاميرات التلفزيون الرسمي نقلت الحادثة التي جرت عندما كان خامنئي يدلي بصوته.

ويوصف حقاني بأنه اليد اليمني لخامنئي، ولهذا التشبيه معنى خاص، إذ إن المرشد الأعلى يعاني شللاً في يده اليمنى على إثر محاولة اغتيال تعرض لها قبل 40 عاماً، وتسببت هذه الحادثة بشائعات مفادها أن المرشد قد يكون في نوع من الإقامة الجبرية من جانب حراسه.

وحسب المصدر، فإن رئيسي، الذي يعتبر أنه ضحى بالكثير بترشحه كي لا يخسر الأصوليون فرصة الفوز بالانتخابات، يجد نفسه أمام لوائح جاهزة بأعضاء الحكومة، فالحرس الثوري والتيار الأصولي لديهما تشكيلتان جاهزتان، في حين يريد مكتب المرشد فرض أسماء معينة لوزارات محددة، إضافة إلى مجموعة رجال الدين من مدينة مشهد، بقيادة أحمد علم الهدى والد زوجة رئيسي، ورجال الدين في قم، الذين يريدون حصتهم.

وأضاف أن المشكلة الأساسية أن رئيسي يريد إرضاء الجميع ولم يحسم موقفه، الأمر الذي يزيد حدة الخلافات ويجر الجميع إلى التصادم حتى قبل تسلمه السلطة في أغسطس المقبل.

وقال إن رئيسي يحتاج على الأقل إلى نحو 15 ألف مدير من الفئة الأولى يجب أن يعينهم بمجرد تسلمه السلطة، في حين أنه ليس لديه حتى 150 شخصاً يعتمد عليهم لتسليمهم هذه المناصب، نظراً لافتقاده الخبرة التنفيذية، إذ قضى حياته المهنية بأسرها في السلطة القضائية.

وأضاف المصدر أن الرئيس حسن روحاني وبعض الشخصيات الإصلاحية اقترحت على رئيسي الاستفادة من بعض الأشخاص أصحاب التجارب القيمة الذين أبدوا رغبتهم في العمل معه، ويمتلك هو تجاههم رؤية إيجابية، غير أنه بمجرد إشارته في إحدى جلساته الخاصة إلى نيته تشكيل حكومة، تجمع كل الأفرقاء السياسيين في البلاد حتى واجه عاصفة أصولية معارضة أجبرته على الانكفاء.

طهران - فرزاد قاسمي

back to top