حصاد 8 أعوام من حكم حسن روحاني ... خيبات بالجملة

● الحقوق المدنية والحريات لم تتحسّن
● الاحتجاجات قُمعَت
● فشل اقتصادي بعد انهيار الاتفاق النووي

نشر في 16-06-2021
آخر تحديث 16-06-2021 | 00:00
حسن روحاني
حسن روحاني
انتخب حسن روحاني رئيساً للجمهورية في إيران عام 2013، واعداً بانفتاح دبلوماسي وتعزيز الحريات الاجتماعية، وأعيد انتخابه بحماسة عام 2017، لكنّ السياسي الوسطي المعتدل يستعد لطيّ صفحة عهد يختتم بخيبة أمل، بعد الفشل في تحقيق أي من هذه الوعود.

وفي حال صحّت التوقعات بفوز المحافظ المتشدد إبراهيم رئيسي بالانتخابات الرئاسية بعد غد، سيرسّخ ذلك تعثّر عهد روحاني الذي طبعت أعوامه الأخيرة أزمة اقتصادية واجتماعية تعود بشكل أساسي إلى العقوبات الأميركية التي أعيد فرضها منذ عام 2018.

ويقول الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية «إيريس» في باريس، تييري كوفيل، إن روحاني «أراد تحرير الاقتصاد الإيراني من خلال تعزيز دور القطاع الخاص وجذب الاستثمارات الأجنبية». ويضيف الخبير في الاقتصاد الإيراني أن هذا التوجه «أطاح به كليا» الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

في 14 يوليو 2015، أي مع انتصاف الولاية الأولى لروحاني، أبرمت إيران و6 قوى كبرى (الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وألمانيا) اتفاقا بشأن برنامج طهران النووي، أنهى أعواما من التوتر والمفاوضات، وفتح نافذة انفراج دبلوماسي في علاقة طهران مع الغرب. وبموجب الاتفاق، رفعت العديد من العقوبات التي كانت مفروضة على إيران مقابل تقييد أنشطتها في المجال النووي وضمان سلمية برنامجها.

وقوبل إبرام الاتفاق في فيينا بفرحة عارمة في طهران، حيث نزلت أعداد كبيرة من الناس إلى الشوارع احتفالا.

لكن مفاعيل الاتفاق ذهبت أدراج الرياح بالكامل تقريبا، اعتبارا من عام 2018، مع قرار ترامب الانسحاب منه بشكل أحادي وإعادة فرض عقوبات قاسية على طهران، ضمن سياسة «ضغوط قصوى» اعتمدتها إدارته حيالها.

وانعكست العقوبات سلبا على الاقتصاد الإيراني، وتسببت في ركود رافقه تراجع حاد في قيمة العملة المحلية. وزاد الوضع سوءا مع جائحة كوفيد-19، التي تعد إيران أكثر الدول تأثرا بها في منطقة الشرق الأوسط.

ووجد روحاني نفسه محط انتقادات من السياسيين المحافظين والتيار الأصولي المتشدد، الذين اتهموه بـ «عدم الفعالية» في مواجهة الأزمات.

كما لم يسلَم روحاني من انتقادات الإصلاحيين الذين تحالفوا معه في الحكومة، والذين اعتبروا أنه أخلف بالعديد من وعوده الانتخابية، لا سيما المتعلقة بالحقوق المدنية والفردية.

فواجه، على سبيل المثال، انتقادات لعدم تمكّنه من رفع الإقامة الجبرية المفروضة على مير حسين موسوي ومهدي كروبي، رمزَي «الحركة الخضراء» الاحتجاجية التي تلت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في 2009.

وفيما يتعلق بالإنترنت، أنجز روحاني تكبير سعة النطاق للاتصال بالشبكة، إلا أنه لم يتمكّن من الايفاء بوعده رفع الحظر المفروض على تطبيقات وسائل تواصل اجتماعي، مثل «فيسبوك» و«تويتر».

ولا يمكن النفاذ إلى هذه التطبيقات، كما هي الحال مع الكثير من المواقع الإلكترونية في إيران، من دون استخدام شبكات افتراضية خاصة «في بي إن».

وفي حين أن حضور ما اصطلح على تسميتها «شرطة الأخلاق» تراجع في الشوارع، شهد عهد روحاني قمع حركة احتجاج على إلزامية ارتداء الحجاب في الأماكن العامة عام 2018.

كما شهد عهده موجتَي احتجاجات على خلفيات اقتصادية، وذلك في شتاء 2017-2018 ونوفمبر 2019، تعاملت معهما السلطات بالقمع الدموي.

ولا تزال بعض الشخصيات التي نشطت في مجال الدفاع عن حقوق الانسان، وخصوصا منها حقوق النساء، في السجن. وواجه عدد منها تشديد العقوبة.

ويعتبر كوفيل أنه «على المستوى السياسي، الطبقة الوسطى المتعلّمة والمتحدرة من المدن الكبرى، تعاني خيبة أمل كبيرة من روحاني». ويضيف: «ربما يتفهم الناس ما حصل، لكنهم توقعوا منه أن يقاوم بشكل أكبر تقدّم المتشددين» سياسيا.

أما الصحافي الإصلاحي أحمد زيد آبادي، فيقول بنبرة تبرير أن استخلاص حصيلة عهد روحاني يجب أن يتم «من منظار (...) الصلاحيات» التي يتمتع بها رئيس الجمهورية في إيران، إذ تعود الكلمة الفصل في السياسات العامة إلى المرشد الأعلى علي خامنئي. وفي حين يحظى رئيس الجمهورية بصلاحيات تنفيذية، ويشكّل الحكومة، ثمة هيئات أخرى تتمتع بدور مؤثر في النظام السياسي، مثل مجلس الشورى (البرلمان) والسلطة القضائية، إضافة إلى الحرس الثوري.

ويرى المحلل السياسي المحافظ، حسين كنعاني مقدم، أن روحاني نفسه يتحمّل جزءا أساسيا من عملية تهميشه. ويقول لـ «فرانس برس» إن الرئيس الحالي أحاط نفسه بمجموعة ضيقة من المقربين الذين بالغ في الاعتماد عليهم، مما أدخل «الحكومة في طريق مسدود سياسيا».

وذكر الباحث الفرنسي، كليمان تيرم، المتخصص بالشأن الإيراني في المعهد الجامعي الأوروبي في فلورنسا، أن «النجاح الأكبر» الذي حققه روحاني، هو إبرام «تسوية دبلوماسية مع واشنطن في إطار الخطوط الحمر للنظام» السياسي للجمهورية الإسلامية. رغم ذلك فإن جزءاً كبيراً من المفاوضات كان قد تم قبل وصول روحاني الى السلطة، أي في عهد أحمدي نجاد. في المقابل، يعتبر أن «فشله الأساسي هو إضعاف الطبقة الوسطى وثورات الطبقات الشعبية» المتضررة من الأزمة الاقتصادية والاجتماعية.

back to top