أهوى المراسلة وجمع الطوابع

نشر في 08-06-2021
آخر تحديث 08-06-2021 | 00:18
 حسن العيسى من يذكر جرائدنا العربية أيام زمان، في عهود أنظمة الاستبداد والرأي الواحد، والتي مازالت تقبع على قلوب شعوبها، كانت الجرائد العربية المملوكة للدولة أو تحت إشرافها المباشر تزخر بصفحات شكاوى القراء، وهي قضايا مسطحة خاوية من النقد الجدي فرضتها السلطة لإلهاء الناس وتسليتهم بالسخافات، وكانت الصفحات المقابلة في الجريدة مخصصة لصفحة التعارف نجومها يهوون المراسلة وجمع الطوابع.

جرائدنا بعدد كبير كتابُها من ماركة "كت آند بيست" (اقطع والصق من الإنترنت أو من خبر عادي في الصحافة) اليوم ومنذ عام 2014 تقريباً- وبعد إسهال مسلسل قوانين القمع في نصوص الإحالة لقانون الجزاء والمدونات والنشر... إلخ- ومعهم كذلك نجوم وسائل التواصل الاجتماعي، وهؤلاء الآخرون أكثر شجاعة وتحرراً من قيود ملاك الصحف ومصالحهم ومجاملاتهم لهذا أو ذاك الشيخ، وللوزير الفلاني وغيره، ليس أمام الجميع غير النقد "المباح" المدجن الذي لا يقود صاحب الرأي -إن كان يملك أساساً رأياً حراً- إلى قصر العدل.

شوارع خربانة، فساد في معظم أجهزة الدولة وشكاوى مكررة، بيروقراطية سمجة في الإدارات العامة مستبدة كسلانة لا تعمل، لا أحد يصغي، الوزير الشيخ وغير الشيخ يبقيان في مناصبهما لأن أهل السلطة راضون بهم والسلطة لا تحب التغيير، ومن غير المعقول حسب ثقافة المشيخة أن تنصت للناس العاديين، وآخر الأمر تختصر كل قضايا الدولة التي تزداد هامشيتها في الداخل والخارج برئيسي المجلسين، مرزوق الغانم وصباح الخالد، وإذا تم تغييرهما، فهناك مارد فانوس علاء الدين الذي سيحل كل مشاكل الدولة من بداية العمل بالدستور حتى يوم وفاته من منتصف الستينيات.

هل هي قضية أفراد أساؤوا استعمال السلطة لمزيد من حصانة السلطة؟ أم هي قضية السلطة ذاتها وليست القضايا المتفرعة من ممارساتها واختياراتها؟ هي وحدها تلك السلطة التي تقرر، هي التي تملي، هي التي لا تهتم بأزمة الاقتصاد المدمرة والسياسة، وتعتقد أنهما بإجازة مفتوحة، هي لا تدري "وين الله حاطها..." هي في حيص بيص اليوم، ولا يبدو أنه في القريب ستتغير قدرتها الفكرية في الاستيعاب، والله يكون بعون شعب "يا رب لا تغير علينا"، لنبق نجتر كل قضايا الأمس واليوم دون نهاية.

فمن منكم يهوى المراسلة وجمع الطوابع فليكتب لأهل البخاصة ويخبرهم أن هذا حدنا وهذا حدكم.

حسن العيسى

back to top