حوار كيميائي: هل تتحول الكويت إلى دولة صناعية متقدمة؟

نشر في 06-06-2021
آخر تحديث 06-06-2021 | 00:20
 د. حمد محمد المطر تناولنا في مقالنا الأسبوع الماضي أهمية أن تتحول الكويت إلى عاصمة النفط بالعالم، وفي هذا المقال نستكمل الحديث عن ذلك وعن أهمية تحول الكويت من دولة ريعية إلى دولة صناعية متقدمة.

فأمام التحديات الاقتصادية الضخمة، التي تواجهها الكويت، وأمام الوقائع والحقائق الجيواقتصادية المتمثلة في أن أي تطوير اقتصادي لابد أن يقوم على الاستثمار الأمثل للنفط - السلعة الاستراتيجية الوحيدة للدولة - يصبح لزاماً علينا في الكويت أن نفكر بطريقة مختلفة، وأن نغير سياساتنا الاقتصادية التي حكمت موارد الدولة طوال السنوات الستين التي مضت، من النظر إلى قياس الأداء النفطي بناء على كمية النفط والغاز المصدرين إلى اعتماد الاستثمار الأمثل والحديث للنفط، باتجاه صناعات نفطية متقدمة تنقل الكويت من دولة ذات اقتصاد ريعي يعتمد على تصدير الثروة الوطنية الخام، إلى دولة صناعية بامتياز تؤسس نهضتها الصناعية على أحدث الصناعات النفطية التي تشمل طيفاً واسعاً من الصناعات، تضعها في مصاف الدول المتقدمة المتخصصة بصناعات مميزة، شأنها في ذلك شأن الدول المتقدمة اقتصادياً في العالم.

لم يعد يجدي قياس أداء القطاع النفطي بعدد البراميل ومكعبات الغاز المصدَّرة، خصوصاً مع تقلبات أسعار النفط والتحديات الاقتصادية الضخمة المتمثلة بالظروف العالمية (كورونا) وحقول الطاقة المتجددة، التي تزاحم الطاقة النفطية، ومفاهيم العرض والطلب، التي تحكم هذه السلعة الوحيدة وتضعنا تحت رحمة احتياجات الآخرين إلى سلعة واحدة وحيدة ننتجها، وأصبح من الضروري تغيير نمط النظر إلى هذه السلعة، وتطوير الخطط بناء على رؤية جديدة، تحدث ثورة اقتصادية وتكنولوجية في القطاع النفطي، وتعتمد إنشاء مشاريع بتروكيماوية عملاقة، ومشاريع صناعية تعتمد النواتج البترولية، كصناعات: الإطارات، والمطاط والمستحضرات، والأسمدة والمواد الدوائية، والكثير من السلع الأساسية التي تدخل في مختلف الصناعات والأجهزة الحديثة. وسيكون العائد المالي للثروة النفطية عالياً، فعلى سبيل المثال: كل برميل نفط يحقق عند استثماره في البتروكيماويات المتطورة أكثر من ثمنه مُصدَّراً بـ ٢٠ ضعفاً، والأهم هو طيف الصناعات المتقدمة التي تجعل الكويت اقتصاداً ومجتمعاً دولة صناعية متقدمة، مع ما ينتج عن ذلك من قفزة في تطور القوى العاملة الكويتية، وخلق فرص استثمارية جديدة وكبيرة لكثير من الشركات العالمية الرائدة، وكل ذلك يصب في التطور الاقتصادي والتكنولوجي للكويت، ويخلق فرصاً وظيفية جديدة للشباب، واختصاصات وتكنولوجيات جديدة تحتاج إليها هذه الصناعة.

إن استمرار اعتماد اقتصاد الكويت على النفط وفق الرؤية الحالية القائمة على تصدير هذه السلعة، محفوف بالمخاطر، وقد بدأنا نتلمس هذه المخاطر من خلال الأزمات الاقتصادية وأزمة السيولة في الدولة، فضلاً عن اتساع قوة العمل وتطورها في الكويت، الأمر الذي يوجب فتح آفاق جديدة ومتقدمة لاستثمار هذه القوى والاستفادة منها.

الدول المتقدمة في العالم هي الدول الصناعية فقط، حتى الدول التي تتميز بطبيعة خاصة وثروات زراعية كبيرة أصبحت في آخر القائمة، إلا التي استطاعت أن تؤسس صناعات زراعية متقدمة، والكويت لا مفر أمامها من التحول إلى دولة صناعية متقدمة، ولا أساس لهذا التحول سوى النفط والصناعة النفطية المتطورة.

***

نهنئ "الجريدة" بمرور أربعة عشر عاماً على انطلاقتها؛ 14 شمعة أضيفت إلى شارع الصحافة وإلى توهج الإعلام الكويتي.

***

«Catalyst» مادة حفّازة:

إرادة سياسية + قرار سياسي = اقتصاد يحفظ الكويت

د. حمد محمد المطر

back to top