حكومة

نشر في 04-06-2021
آخر تحديث 04-06-2021 | 00:00
 دانة الراشد المؤسسة الحكومية؛ مرتع الرداءة البيروقراطية ومقبرة أحلام الشباب. يموت الموظف موتاً بطيئاً بين جدرانها، ويتوه المراجع بين دهاليزها بلا وجهة ولا نتيجة.

إن كنت موظفاً في المؤسسة الحكومية، فكن على استعداد لتلقي العديد من خيبات الأمل، فغيرك "سيسرق" عملك حتماً، كما يسرق من المال العام بكل أريحيّة، أو ستُركن أفكارك بعيداً في الأدراج حفاظاً على الكراسي ومستوى الرداءة العام! بل وسيطال الأمر تقييمك السنوي، فلن تحصل على "الامتياز" إن كنت تشكّل نوعاً من التهديد في لعبة الكراسي التافهة تلك. كم أشفق على مَن كان أقصى طموحه الحصول على منصب حكومي كرئاسة قسم أو غيره، فالحياة أوسع بكثير من ذاك الأفق الضيق.

وبالطبع، فلا يمكننا أن نتناول الجهاز الحكومي دون أن نذكر تلك الضبابية المتعمدة، والتي تسهل للفاسد فساده، بينما تترك الموظف "الأبيض" في الظلام، فهو لا يدرك مهامه الوظيفية حتى، وليس له دراية بكيفية عمل الدورة المستندية، فهنالك تجهيل متعمّد يبدأ بالضبابية السالفة الذكر، وينتهي بعدم تدريب الموظفين أو إعطائهم أي مسؤوليات تُذكر، فيصبح المهندس "سكرتيراً" – مع احترامي لجميع الوظائف بالطبع - يقوم بكتابة الكتب الرسمية فحسب، أو يقوم بأعمال "إشرافية" تهمّش دوره وتعطي صلاحيات كبرى لمكاتب وجهات خارجية، وذلك كجزء من منظومة التنفيع والضبابية المتعمدة.

وشيئاً فشيئاً، تتلاشى قدرات الموظف، بدلاً من أن تتطور مع زيادة سنوات خبرته، فينسى أغلب المهارات التي تعلّمها في الجامعة أو في سنوات تدريبه الميداني، ثم تتساءل هذه المؤسسات ذاتها: لماذا الموظف الكويتي "يبصم ويمشي"؟ وتضع حلولاً تعالج الأعراض السطحية لا جذر المشكلة نفسها، كتشديد قوانين الحضور والانصراف دون النظر في جودة عمل الموظفين أو حشد قدراتهم عن طريق وضعهم في المكان الصحيح.

لكن، مع الأسف، فإن تطبيق هذه القوانين مغلوط، حيث توجد العديد من الثغرات التي تمكن الموظفين ذوي "الواسطات" من البقاء في بيوتهم وتسلّم المعاش كاملاً دون أي مجهود يُذكر.

النتيجة هنا ستكون واضحة، وهي تنفير الكفاءات من القطاع الحكومي، وتهجيرها إلى القطاع الخاص، مما يؤدي إلى تقوية كفّة التجار مقابل وهن المؤسسة الحكومية، في معادلة مربكة تؤدي إلى ما لا تُحمد عقباه.

في نهاية المطاف، يبقى أملنا الوحيد في الدماء الشابة التي لم تستسلم لخيبات الأمل في المؤسسات الحكومية، فسيتقلد أولئك المجتهدون مناصب قيادية عاجلاً أم آجلاً، ومن هنا نتمنى أن تأتي رياح التغيير.

●دانة الراشد

back to top