حرب بيانات بين ميشال عون وسعد الحريري تدفن مبادرة بري

البطريرك بشارة الراعي يجدد دعوته إلى حكومة أقطاب ويرفض تسمية وزيرين مسيحيين ويدعو «الرئيسين» للتفاهم

نشر في 03-06-2021
آخر تحديث 03-06-2021 | 00:04
رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون مستقبلاً البطريرك بشارة الراعي بالقصر الرئاسي في بعبدا أمس  (دالاتي ونهرا)
رئيس الجمهورية اللبنانية ميشال عون مستقبلاً البطريرك بشارة الراعي بالقصر الرئاسي في بعبدا أمس (دالاتي ونهرا)
وضع لبنان قدماً جديدة في المجهول، بعد أن سقطت مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، وحراك البطريرك بشارة الراعي بالضربة القاضية، إثر تراشق بالبيانات المثقلة بالاتهامات والإهانات بين رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، حول الطرف المسؤول عن فشل مساعي تشكيل حكومة جديدة.
في خطوة تعني عملياً سقوط مبادرة رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، التي وصفت بأنها محاولة أخيرة لتشكيل حكومة لبنانية جديدة برئاسة سعد الحريري قبل القفز بالمجهول، اندلعت حرب بيانات شعواء بين رئاسة الجمهورية، وتيار المستقبل، الذي يتزعمه الحريري الذي كان شن مساء أمس الأول هجوماً لاذعاً على رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل صهر عون، الذي يعتبر كذلك وريثه السياسي.

وقبيل وصول البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي يحاول منذ أشهر تسوية الخلافات بين عون والحريري، وشارك في المشاورات التي ترافق مبادرة بري، إلى قصر بعبدا أمس للقاء عون، أصدر مكتب الإعلام في ​رئاسة الجمهورية​ بياناً هاجم فيه تيار "المستقبل" واتهم الحريري بالتعطيل والهروب من المسؤولية.

وجاء في البيان:" أولاً: إن استمرار هروب الرئيس المكلف ​سعد الحريري​ من تحمل مسؤولياته في تأليف حكومة متوازنة وميثاقية تراعي الاختصاص والكفاءة وتحقق المشاركة، يشكل إمعاناً في انتهاك ​الدستور​ ووثيقة الوفاق الوطني، وينم عن رغبة واضحة ومتعمدة في تعطيل عملية تشكيل الحكومة وفقاً لما أشارت إليه رسالة رئيس الجمهورية إلى مجلس النواب".

وأضاف البيان: "ثانياً: الادعاء دائماً بأن رئيس الجمهورية يحاول من خلال مواقفه الانقضاض على ​اتفاق الطائف​ ومفاعيله الدستورية هو قمة الكذب وخداع الرأي العام، لأن رئيس الجمهورية استند في كل مواقفه وخياراته إلى الدستور وطبقه نصاً وروحاً، وإلى وثيقة الوفاق الوطني بكل مندرجاتها. وثالثاً: يصر الرئيس المكلف على محاولة الاستيلاء على صلاحيات رئيس الجمهورية وحقه الطبيعي في احترام الدستور من خلال اللجوء إلى ممارسات تضرب الأعراف والأصول، وابتداع قواعد جديدة في تشكيل الحكومة منتهكاً صراحة التوازن الوطني الذي قام عليه ​لبنان​. والأنكى من كل ذلك أنه يلقي على رئيس الجمهورية تبعات ما يقوم به هو من مخالفات وتجاوزات تتنافى والحرص الواجب توافره في إطار التعاون بين أركان ​الدولة​ لما فيه مصلحة لبنان العليا، والثقة النيابية والشعبية الواجب توفيرها لأي حكومة في إطار التشكيل".

وتابع البيان: "رابعاً: يتعمد الرئيس المكلف وتياره تحميل عهد ​الرئيس ميشال عون​ مسؤولية ما آلت اليه الأوضاع الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني أن ما ورثه العهد من أوضاع مالية صعبة وديون هو ثمرة ممارسات فريق الرئيس المكلف وسوء إدارته لشؤون الدولة منذ مرحلة ما بعد الطائف حتى اليوم، بالتالي فإن المستنقع الذي يدعي بيان ​تيار المستقبل ​أن البلاد غارقة فيه، هو من إنتاج ​منظومة​ ترأسها تيار المستقبل وتسلطت على مقدرات البلاد. وخامساً: إن تيار المستقبل من خلال إطلاق النار مسبقاً على الاقتراح المطروح بالدعوة إلى عقد ​مؤتمر​ حوار وطني في ​قصر بعبدا​ لمعالجة الأوضاع في البلاد ومحاولة إيجاد حل للأزمة الحكومية الراهنة، إنما يريد قطع الطريق على أي محاولة إنقاذية لتأليف الحكومة​ وإجراء الإصلاحات اللازمة التي تؤمن للبلاد استقرارها وازدهارها".

وختم البيان أنه "لا بد من التأكيد على أن رئاسة الجمهورية هي اليوم على مفترق طرق مع من يخرج عن الدستور أو يبقى صامتاً حيال كل ما يجري، علماً أن مصلحة لبنان العليا تسمو فوق كل اعتبار، ومعها مصلحة الشعب الذي هو مصدر السلطات".

«المستقبل»: عون مجرد واجهة

وبعد أقل من ساعة، رد تيار "المستقبل" على بيان الرئاسة، معتبراً أن الرئيس عون "هو مجرد واجهة لباسيل".

وجاء في بيان "المستقبل"​ أنه "قد ثبت بالوجه الشرعي والسياسي و​الدستوري أن ​رئاسة الجمهورية​ تقع أسيرة الطموحات الشخصية لرئيس ​التيار الوطني الحر​ النائب ​جبران باسيل​، وأن رئيس الجمهورية العماد ​ميشال عون​ مجرد واجهة لمشروع يرمي إلى إعادة إنتاج باسيل في المعادلات الداخلية، وإنقاذه من حال التخبط الذي يعانيه".

ولفت البيان إلى أن "بيان ​القصر الجمهوري​ رداً على بياننا، يؤكد هذا الانطباع ويكشف حقيقة الدور الذي يتولاه جبران وفريق عمله، بإهانة موقع الرئاسة الاولى وما يمثله في الحياة الوطنية، واستخدامه في اجندات حزبية ضيقة اشعلت النزاعات السياسية في كل الاتجاهات، من النزاع داخل العائلة الى النزاعات المتدحرجة في التيار الوطني الحر وكتلة لبنان القوي​، وصولاً إلى مروحة النزاعات، التي نشبت في مختلف الساحات، وجعلت من عهد العماد عون هدفاً ترمى عليه السهام من كل حدب وصوب".

وأضاف البيان:"من المؤسف، أن يصبح موقع الرئاسة ممسوكاً من حفنة مستشارين، يتناوبون على كسر هيبة الرئاسة وتلغيمها بأفكار واقتراحات وبيانات لا تستوي مع الدور الوطني المولج بها، ومن المؤسف أن تسمح الرئاسة لرئيس تيار سياسي وحزبي، بمصادرة جناح خاص في القصر الجمهوري يخصص للاجتماعات الحزبية وإدارة شؤون الرئاسة، والأشد أسفاً أن يقبل رئيس البلاد التوقيع على بيان، أعده جبران باسيل شخصياً في حضور نادي مستشاري السوء الذي يقيم أيضاً في الجناح المذكور".

وتابع: "كل الحملات على رئاسة الجمهورية بطلها باسيل ومن زرعهم في القصر، تارة من خلال تعميم الخطاب الطائفي والمذهبي وطوراً باللجوء إلى ممارسات غريبة الأطوار وبعيدة كل البعد عن الدستور ووثيقة الوفاق الوطني في التعاطي مع الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، والتي أتى على ذكرها في رده على رسالة ​رئيس الجمهورية​ في ​مجلس النواب​، من تسريب شريط فيديو يتهم فيه رئيس الجمهورية، الرئيس المكلف، بالكذب، بخلاف الواقع، إلى سابقة مخاطبته عبر الشاشات، وصولاً إلى رسالة الدراج وورقة ملء الفراغ بالوزير المناسب، وما بينهما من مواقف مسيئة ترفع عنها الرئيس المكلف والتزم بأصول الدستور وواصل التشاور مع رئيس الجمهورية، لتشكيل حكومة تلبي تطلعات اللبنانيين، وليس حكومة تلبي تطلعات جبران باسيل، والجميع شهود على ذلك، وشهود على إحباط باسيل لكل المبادرات".

وشدد على أن "من يستولي على صلاحيات رئيس الجمهورية يا فخامة الرئيس، هو من يتاجر بها ويضعها في البازار السياسي للبيع والشراء بها، ويستدرج العروض بشأنها، كما هو حاصل من خلال احتجاز التوقيع على تشكيل الحكومة كرمى لعيون الصهر"، وتابع: "أوقف استيلاء من حولك على صلاحياتك، وأوقف محاولاتهم للاستيلاء على صلاحيات الآخرين، وعد إلى الدستور ووثيقة الوفاق الوطني، وجنب اللبنانيين كأس جهنم الذي بشرتهم به".

وبعد لقائه عون، قبيل سفره إلى روما تلبية لدعوة البابا فرنسيس من أجل قمة روحية مسيحية من أجل لبنان، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي في مؤتمر صحافي: «الحكومة فوق أي اعتبار، ولبنان بلد الحوار، لذلك علينا أن نتحاور دون أن نهين بعضنا».

وإذ شدد على أنه لا يقبل أن يسمّي وزيرين مسيحيين، قال الراعي: «للأسف نقف اليوم على الأعداد والحصص ومن يعين، وكل ذلك يبوخ أمام الواقع الذي يعيشه لبنان».

وجدد دعوته إلى تشكيل حكومة أقطاب، رغم إصراره على أنه لم يقم بطرحها على عون، مستشهداً بتشكيل رئيس الجمهورية الراحل فؤاد شهاب وزارة من 4 وزراء بعد ثورة 1958، وختم: «البلد يحتاج الى إنقاذ لا إلى قواص».

back to top