الزائفون

نشر في 28-05-2021
آخر تحديث 28-05-2021 | 00:00
 د. نبيلة شهاب «راسك يعورك؟ من شنو؟ عندي لك طريقة تخلي العوار يروح وما يرجع!!»

«أنا جربت دوا أحسن من اللي عطاك إياه الطبيب ومفعوله أسرع!!»

«هذي الأعشاب تفيد في تخفيف الوزن»

«تبي ترتاح من الضيقة سافر أو تجاهل كل المشاكل وعيش لنفسك بس». و... و....إلخ.

للعلم الناصحون ليسوا أطباء وليسوا متخصصين نفسانيين، لكنهم متخصصون في فرض أفكارهم وتجاربهم الخاصة على الآخرين حتى إن كانت غير صحيحة، شخصياتهم الفضولية المتطفلة الاستعراضية الزائفة لا تشعر بالراحة إلا عن طريق التدخل بتفاصيل الآخرين وادعاء معرفتهم كل شيء كالطب والمشاكل والأمراض النفسية وغيره.

أدعياء العلم والمعرفة الاستعراضيون الزائفون وجودهم مزعج، فخلاف أنهم يتدخلون ويفرضون آراءهم وقناعاتهم على الآخرين يظهرون بمظهر العالم بما يتحدث فيه، وهم نوعان: الإنسان الذي يتحدث بغير تخصصه، والآخر يتحدث بتخصصه، لكنه في حقيقة الأمر لا يعرف من تخصصه أكثر مما يعرفه أي إنسان عادي!!

وتأثير المتخصص الجاهل بعلمه أخطر على الآخرين ممن يفتي بغير تخصصه، وذلك لثقة الآخرين بالمتخصص وتصديقهم له والاعتداد بكلامه ومفاهيمه اعتقاداً منهم أنه أكثر دراية وعلماً بما يعمل وما يقول خصوصا عند البسطاء من الناس.

وغالباً ما يكون سبب هذا التظاهر بالمعرفة والاستعراض المقيت هو الشعور بالنقص، فالتعويض بادعاء المعرفة بما هو جاهل به يساعده على التخلص من هذا الشعور عن طريق جذب الانتباه والحصول على المديح والثناء والشهرة، وإن كانت مبنية على أسس من ورق، جل اهتمامه أن يشار له بالبنان كأفضل طبيب أو معالج نفسي.

طب أو علم نفس أو طب نفسي أو أيٍّ من التخصصات الأخرى، إن أفتى فيها من لا يعرف بدقة تفاصيلها وجوهرها وعميق مفاهيمها، فقد أساء لنفسه وظلمها وظلم الآخرين وأضرهم بقصد وغالباً دون قصد، ولذا فإن التشخيص الخطأ خطير جداً، ورسم خطة العلاج الصحيحة أو وصف الدواء تعتمد اعتماداً كلياً على التشخيص الصحيح.

ومع وجود الأزمة الصحية الحالية أصبح البعض في حالة خوف وتوتر مما دفعهم للاتجاه لاستشارة الأطباء والمتخصصين وتبني آرائهم الطبية والنفسية، ولا يعتبر ذلك خطأً، لكن النصائح الطبية والنفسية غير الصحيحة أو غير الدقيقة تكون وبالاً على الجميع، على سبيل المثال تجد بعض الأطباء النفسانيين يحاولون إقناع الآخرين عن طريق استخدام الكلمات المنمقة وبعض المصطلحات الطبية والنفسية والتي لا يفقهون تفاصيلها العلمية الدقيقة، بطرق وأساليب غير مناسبة وخصوصا في الأزمات.

الجاهل مدعي العلم لا يجني على نفسه فقط بل يجني على الآخرين أكثر، ويتفاوت تأثير سلوكه السلبي من مجرد مشكلة وتنتهي الى نتائج وخيمة على الصحة الجسدية أو النفسية.

● د. نبيلة شهاب

back to top