ثقافة النواب الدستورية والأقصى في ضمير الكويت وغضبة التعيينات

نشر في 24-05-2021
آخر تحديث 24-05-2021 | 00:09
 أحمد يعقوب باقر ● التجمعات:

التهديد الذي وجهه بعض النواب وتلفظ به أحد الشباب بأسلوب غير لائق لوزير الداخلية يدل على عدم الفهم السليم لأحكام الدستور، حيث تبين أنهم يعتقدون أن التجمعات في الميادين العامة هو حق دستوري يمكنهم من التجمع في ساحة الإرادة متى شاؤوا، ولا يحتاج تجمعهم الى ترخيص مسبق، ولذلك هددوا الوزير بالاستجواب والطرد من الحكومة، وهذا خطأ فادح لأنهم لو رجعوا إلى أحكام المحكمة الدستورية بشأن تفسير المادة (٤٤) من الدستور التي نصت على: "للأفراد حق الاجتماع دون حاجة لإذن أو إخطار سابق ولا يجوز لأحد من قوات الأمن حضور اجتماعاتهم الخاصة، والاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات مباحة وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون"، لوجدوا خلاف ما صرحوا به.

فقد تم الطعن في دستورية قانون التجمعات الذي صدر بالمرسوم بقانون 65 لسنة 1979، أي أثناء فترة حل مجلس الأمة بحجة عدم دستوريته، فقضت المحكمة في حكمها بتاريخ 7 مايو 2006 بإلغاء المادتين 1 و4 من هذ القانون لأن هاتين المادتين جعلتا أن الأصل هو المنع في الاجتماعات الخاصة والعامة التي يقيمها المواطنون في الدواوين إذا زاد العدد على عشرين شخصاً. إذاً فالتجمعات في الدواوين وجمعيات النفع العام لا تحتاج إلى إذن أو ترخيص.

وفي حكم المحكمة الدستورية الثاني رقم 5 لسنة 2014 بشأن القانون نفسه ومدى توافقه مع المادة 44 من الدستور أكدت المحكمة أن التجمع في الميادين العامة والمسيرات والمواكب لابد له من ترخيص وذكرت: "أن الدستور لم يطلق حق هذا التجمع بل جعل جانب التنظيم فيه أمراً مباحاً"، و"أن من مقتضيات التنظيم الحصول على الترخيص من السلطة الإدارية المختصة"، و"ذلك بالنظر إلى أن مصلحة الفرد لا تتوازى مع مصلحة المجموع"، و"وما عسى أن يترتب على ذلك من إخلال بمقتضيات الأمن العام". إذاً ولهذه الأسباب وغيرها مما ذكرته المحكمة فالتجمع في الميادين العامة والمسيرات يحتاج الى ترخيص مسبق. لذلك كان الأحرى بالإخوة النواب الالتزام بالحكم الصحيح للدستور وفق أحكام المحكمة الدستورية وعدم الدعوة لمخالفته وتثقيف الشباب بضرورة وأهمية الفهم السليم للدستور، وأن ممارسة الحق لا تعني الخروج على القانون، مع ضرورة حسن اختيار الألفاظ في العمل السياسي ومخاطبة الآخر حتى يتم الارتقاء بأسلوب النقاش والحوار حتى في أثناء الخلافات.

● بيت المقدس:

الوقفة الشعبية الكبيرة التي وقفها الشعب الكويتي مع إخوانه المظلومين في فلسطين المحتلة وخصوصاً بيت المقدس تدل على معدن هذا الشعب الأصيل، الذي لم تكن وقفته في سبيل مصلحة دنيوية أو سمعة أو جنسية أو حزب، وإنما كانت من أجل قضية إسلامية عادلة وإنسانية يقف العالم القوي بأسره ضدها، وفي هذه المناسبة نتقدم بالدعاء إلى الله تعالى أن يثيب كل من قام بأي دور في هذه الحملة، وتعاطف وتبرع وتضرع بالدعاء لإخوانه في فلسطين من المواطنين والمسؤولين وجمعيات النفع العام وأخص بالشكر المشايخ الأعزاء د. عثمان الخميس وناظم سلطان ومحمد السنين ود. نايف العجمي ود. سعود الربيعة وفايز الشمري ود. محمد الطبطبائي، وكل المشايخ الأفاضل الذين وجهوا الجماهير الوجهة الإسلامية الصحيحة، ونسأله تعالى أن يجعل عملهم خالصاً لوجهه الكريم وفي ميزانهم يوم يلقونه، وللشهداء الفردوس الأعلى عند ربهم يرزقون.

● قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون حرمه فهو شهيد". (مجموع الفتاوى، صحيح).

● التعيينات الحكومية:

تشهد البلاد موجه اعتراض على التعيينات الحكومية الأخيرة، وللأسف أخذت بعض هذه الاحتجاجات أسلوب التشهير والسخرية من العمر وطول سنوات الخدمة، وللأسف ليست هذه هي المعايير السليمة لنقد هذه التعيينات لأن طول العمر والخدمة قد يكونان مصدراً للخبرة وقد يكونان سجلاً لمجموعة من الإنجازات، لذلك فإن الانتقاد يجب أن يكون منصباً على العمل والإنجاز لكل اسم مثل الإيرادات التي حققها للميزانية والقوانين التي بادر فيها ومكامن الفساد والمخالفات التي اكتشفها، وذلك مقابل عدم الإنجاز والإخفاق أو الواسطات أو مخالفة القانون لأسماء أخرى.

لذلك كان على رئيس الوزراء أو الوزير المختص بكل تعيين أن يواجه الناس ويبين سبب اختيار كل اسم وخبراته وانجازاته وصلاحيته للمنصب المعين فيه. وبناء على ذلك سيعلم الشعب أن بعض الأسماء التي عُينت يوجد أو لا يوجد أي إنجاز لها.

● أوكار الحسابات المسيئة:

تحية لرجال الداخلية الذين كشفوا اللثام عن وكرين من أوكار الحسابات السرية والوهمية، ونشروا للشعب الكويتي أجهزتهم وصور حجورهم التي كانوا يمارسون فيها رذيلة الإشاعة والطعن والتشهير والإيقاع بين المواطنين، والمطلوب الآن هو كشف من يقف وراءهم ومن يمولهم ويزودهم بالمعلومات الصحيحة أو الكاذبة ومن المستفيد من عملهم الفاسد والمفسد. والآن المطلوب من وزير الداخلية وفريقه ألا يتركا أي حساب وهمي آخر يعبث بالبلاد دون اكتشافه وتقديمه هو ومن وراءه للعدالة. والله الموفق.

أحمد باقر

back to top