حمد الجوعان... وتركة الوطن

نشر في 17-05-2021
آخر تحديث 17-05-2021 | 00:30
 محمد حمد الجوعان مرّت بالأمس الذكرى الخامسة لوفاة الوالد المغفور له بإذن الله، حمد عبدالله الجوعان. وتحلّ هذه الذكرى، على وجه الخصوص، والبلد يزداد إيلامًا من المرض الذي صار يتوغل في سائر جسده، فكم كان سيتألم المرحوم من واقع حالنا وهو صاحب المقولة: «مرض الجسد أقل إيلاماً من مرض البلد».

فهو الإنسان الذي غدا أيقونة وطنية للكفاح والتضحية وشخصية عصيّة على النسيان في ذاكرة عموم الشعب الكويتي الوفي. فكيف ينسى، وهو من اعتكف ستّة أشهر واختلى بنفسه ليسنّ قانون إنشاء مؤسسة التأمينات الاجتماعية ليلبسها «الغترة والعقال»؛ وهو من ترك المؤسسة بعد أن وضع لبنتها الأولى متجهاً إلى العمل البرلماني، متصدياً مُذّ وطئت قدماه قاعة عبدالله السالم للاعتداءات على المال العام؛ وهو الذي أصر على البقاء في الكويت مدافعاً عن السيادة والشرعية إبّان الغزو الغاشم، رغم إتاحة فرصة اللجوء للخارج؛ وهو من آثر على صحته وقطع رحلة علاجه في الولايات المتحدة ليعود إلى أرض الوطن، ليستأنف العمل البرلماني مع الثلّة الوطنية بعدما تمسكوا بالحياة الديمقراطية، رغم أزمة الانقلاب على الدستور التي شهدتها الكويت في الفترة السابقة على الاحتلال الغاشم.

فمن الطبيعي، إذن، أن يثور في هذا المقام السؤال الآتي: كيف يكون الوفاء لحمد الجوعان ورفاقه ممن قدّموا الغالي والنفيس لهذا الوطن؟ ولئن كان من العسير أن نختزل الجواب عن هذا السؤال في المقال المثال، إلّا أنه من الواجب - الذي لا مناص منه - أن نؤكد أن تضحيات السابقين تحتّم علينا أن نستكمل مسيرة النهوض بهذا الوطن ونتمسك بالثوابت الدستورية التي أرسى قواعدها الحاكم والمحكوم قبل حتى تحريرها في دستور ١٩٦٢. وأن نعي أننا مدينون للوطنيين من أبناء هذا الشعب الذين رحلوا إلى جوار ربهم بكل ما ننعم به اليوم في هذا البلد، وأنها كانت نتاجاً لتضحياتهم، لا هبة أو منّة من أحد.

وكما قال المرحوم في عنوان مقاله في جريدة القبس المنشور بتاريخ 30 أبريل 1992 «التركة وطن... والوارث مواطن»، فرحم الله حمد الجوعان وكل من قدّم جزءا - ولو بسيطا - لهذا الوطن، وأعان المواطن على حفظ الأمانة وصون تركة الوطن.

محمد حمد الجوعان

back to top