مع ذكريات عيد الكيك

نشر في 13-05-2021
آخر تحديث 13-05-2021 | 00:19
 حسن العيسى تكاد أرقام تلفونات الراحلين من الأصدقاء والأقرباء في جهاز تلفوني تصبح أكثر من أرقام الأحياء منهم، حمد، عبدالعزيز، عصام، فايز، طلال، غازي... وتمضي أسماء الموتى تزاحم الأحياء، كما يمضي بنا قطار الزمن لمحطة النهاية، ماذا لو اتصلت بأحدهم؟! ماذا لو رد علي وقال "ها شعندك"...؟ في أحلامي، أشاهدهم وكأني جالس في صالة مسرح مظلم، أقول لأحدهم: كيف يحدث هذا أنت ميت، يرد: أبداً هذا غير صحيح، لم أمت كنت أمزح، أنا هنا في الشاليه... لا أحد يدري عن مكاني، فقط لا أريد ملاحقتي من الدائنين...!

في العيد، أي عيد كان، ننتظر بطفولتنا بصبر العيدية، يأتي الجواب من الكرماء: هذا عيد اللحم، عيد الأضاحي، لا توجد فيه عيادي، وفي عيد الفطر، يكون الجواب جاهزاً منهم: هذا عيد الكيك (الكعك) ماكو فيه عيادي... دائرة من حرمان العيدية، لا تنتهي... نردد بيأس أهزوجة الوالد بإيقاع: عادل يبي عيدية... عيديته نص روبية.

في منزل والدتي نتجمع مع إخوتي وأقربائي كل عيد، دائماً هناك قادم يحمل معه بوكيه ورد جميل، لا نعرف هذا الترف... بوكيه ورد ماذا يعني، لكن الراحل المهندس غازي حمد السلطان... دائماً يعرف الأصول التي تعلمها في "بمبي" (بومباي) أيام طفولته ودراسته، يحن للهند، ووالدتي نصف هندية.

تمضي الأيام... نتجول في الزمان - المكان... نكبر... يغزو البياض القطني الرأس... تتهدل الأجساد، يكتب الزمن مذكراته في أخاديد وجوهنا المرتخية... تصبح زيارة الأطباء المختصين منتظمة كالالتزام بمحاضرات الجامعة... هذا دواء للدهون... دواء للضغط... نقط لتراكوما العين... يتزاحم الرف بعلب الأدوية... ننسى ماذا يجب أن نأخذ في الصباح أو المساء... لماذا لا يصف لنا الأطباء أدوية للفرح... أدوية تعيد أيام زمان ولحظات الفرح، تغير واقعنا لأحلام لا تعرف الموت ولا تبدل الزمان... كانت من دون هموم اليوم ولؤم الناس... سأتصل غداً بأحد الراحلين... ماذا لو قال لي: ها أنا موجود... شعندك... سأبارك له بالعيد، وأسأله عن أحواله في مقبرة الصليبيخات وعن جيرانه الجدد هل تعرف عليهم؟

حسن العيسى

back to top