نحن والوقت

نشر في 07-05-2021
آخر تحديث 07-05-2021 | 00:00
 د. نبيلة شهاب قبل أشهر وأيام كنا في انتظار القادم الكريم ونحن يحدونا الأمل في أيام هادئة مريحة مليئة بالروحانية والسعادة، وجاء الشهر الفضيل ودون أن نشعر وجدنا أنفسنا في منتصفه، وكما انتظرنا قدومه ننتظر الآن أيام العيد المبهجة، يا له من تسارع في مرور الأيام نكاد نجزم أنه أكبر من تسارعنا وتسارع توقعاتنا.

والوقت كالملك المسيطر الذي لا يأبه لرأي أو أماني أحد، يمر دون أن يلقي بالاً على من ينتظر أو من يريده أن يمضي، ولا على من يأمل، يمر سريعاً دون توقف مهما كانت الظروف، فحين كنا صغاراً كنا نتمنى أن يسرع الوقت بنا بل يطير وتجري الأيام لنصبح كباراً أحراراً مستقلين، وحين كبرنا أصبحنا نتمنى لو يعود بنا الزمن الى الوراء قليلاً ويتركنا في مرابع الطفولة ويرحل!! نعرف أنها أحلام مستحيلة لكننا نظل نحلم بها دوماً.

الوقت الجميل السعيد يمر كالبرق يحمل معه كل التفاصيل الجميلة، وعلى العكس فإن الوقت الحزين يمر بطيئاً ثقيلا، وفي الحقيقة هي مشاعرنا دوماً تتحالف مع الوقت لتصبغه بالصبغة الخاصة بها، حتى يصبح الوقت جميلاً أو عكس ذلك حسب الظروف التي نمر بها وحالتنا النفسية.

آفة الوقت وفي الواقع هي آفتنا نحن ألا وهي التأجيل: (الآن الوقت لا يكفي لدراسة هذا المشروع، تأخر الوقت على زيارة فلان، غداً أبدأ دراسة)، وهكذا وتظل الكثير من أعمالنا التي تنجز اليوم ترحل إلى الغد، وما يجب إنجازه في الغد يرحل إلى ما بعد الغد، وقد يمر الوقت ولا يتم إنجاز ما تم تأجيله من أعمال.

ولا يشمل كلامنا هنا التأجيل القسري كالمرض والظروف القاهرة وغيرهما، بل التأجيل الاختياري الذي يكون سببه الرئيس الكسل والتهاون وعدم الجدية في التعامل مع أمور الحياة ومع مسؤولياتنا، ويستمر أغلبنا يحمل ضيق الوقت مسؤولية المهام غير المنجزة أو تقصيرنا في التواصل مع الآخرين أو حتى إيجاد وقت للراحة والاستجمام، وننسى أنه مهما كانت سلطة الوقت والزمن جبارة فإننا بتعاملنا بجدية وتنظيم للوقت وتنظيم الأولويات نستطيع بكل سهولة التغلب على ذلك.

الوقت ثمين ومن المهم استغلاله بالطريقة الصحيحة، فلا نعطي أمراً ثانوياً الكثير من وقتنا ومجهودنا، وقد يكون ذلك على حساب أمور أكثر أهمية منه، ولا نقوم بأعمال يستطيع غيرنا القيام بها، ومن المهم ألا نتباطأ في إنجاز أي عمل مهما صغر، على سبيل المثال اختيار ملابسنا للخروج للعمل أو غيره يجب ألا تأخذ وقتاً طويلاً وهكذا.

الأمر الأنكى والذي يخلق توتراً للآخرين وانزعاجاً أو حتى غضباً وحزنا، هو تأجيل قيامنا وإنجازنا لعمل يخص الآخرين أو الخروج مع أبنائنا أو غيرهم، فاستمرار تأجيل قيامنا برحلة مع أطفالنا مثلاً يخلق داخلهم الى جانب ما ذكرناه عدم ثقة بمن وعد، وفقدان كلامه لأي مصداقية، حتى تأخيرنا وقت الخروج له نتائج سلبية لأن هذا الطفل أو غيره لديهم خطط أخرى يجب القيام بها أو يحبون القيام بها.

احترام الوقت وتنظيمه واستغلال كل لحظة من لحظاته ينقل السلطة إلينا ونصبح نحن المتحكمين في أوقاتنا بكل اقتدار وراحة ونجاح قدر المستطاع.

د. نبيلة شهاب

back to top