صبية الدهليز تكشف سر بنت دليلة المحتالة (21- 30)

العجوز تُوقِع بعزيز في شراك ابنتها وتحبسه سنة

نشر في 06-05-2021
آخر تحديث 06-05-2021 | 00:00
No Image Caption
توقفت شهرزاد في الحلقة السابقة، عند حكاية وفاة عزيزة، وقيام محبوبة عزيز بزيارة قبرها، وبعدها خروج عزيز إلى أحد الأزقة قاصداً بستان محبوبته، لكنه يلتقي عجوزاً توقعه في شراك ابنتها بحجة قراءة مكتوب عليها، وفي هذه الحلقة، تسرد حكاية عزيز مع ابنة العجوز الصبية، التي تخيره بين الزواج منها أو قتله، وتكشف له سر محبوبته وأنها بنت دليلة المحتالة، كما تبدأ في سرد قصة غرام تاج الملوك بصاحبة صورة الغزال ابنة ملك جزائر الكافور.
ولما كانت الليلة الخامسة والتسعون بعد الستمئة، قالت شهرزاد: بلغني أيها الملك السعيد، أن الشاب قال لتاج الملوك: إن الصبية لما رأتني من داخل الباب بالدهليز أقبلت علي، ثم قالت لي: يا عزيزي أي الحالتين أحب إليك: الموت أم الحياة؟ فقلت لها: الحياة، فقالت: إذا كانت الحياة أحب إليك فتزوج بي، فقلت: أنا أكره أن أتزوج بمثلك، فقالت لي: إن تزوجت بي تسلم من بنت دليلة المحتالة، فقلت لها: ومن دليلة المحتالة؟ فضحكت وقالت: كيف لا تعرفها وأنت لك في صحبتها اليوم سنة وأربعة شهور -أهلكها الله تعالى-، والله ما يوجد أمكر منها، وكم شخصاً قتلت قبلك، وكيف سلمت منها ولم تقتلك أو تشوش عليك ولك في صحبتها هذه المدة؟ فلما سمعت كلامها تعجبت غاية العجب، فقلت لها: يا سيدتي ومن عرفك بها؟ فقالت: أنا أعرفها مثل ما يعرف الزمان مصائبه، لكن قصدي أن تحكي لي جميع ما وقع لك منها حتى أعرف ما سبب سلامتك منها، فحكيت لها جميع ما جرى لي معها ومع ابنة عمي عزيزة، وقالت: عوضك الله فيها خيراً يا عزيز فإنها هي سبب سلامتك من بنت دليلة المحتالة، ولولاها لكنت هلكت وأنا خائفة عليك من مكرها وشرها، ولكن ما أقدر أن أتكلم، فقلت لها: والله إن ذلك كله قد حصل، فهزت رأسها، وقالت: لا يوجد اليوم مثل عزيزة، فقلت: وعند موتها أوصتني أن أقول هاتين الكلمتين لا غير وهما: الوفاء مليح والغدر قبيح.

زواج عزيز

اقرأ أيضا

فلما سمعت ذلك مني، قالت: يا عزيز والله إن هاتين الكلمتين هما اللتان خلصتاك منها، وبسببهما ما قتلتك فقد خلصتك بنت عمك حية وميتة، والله إني كنت أتمنى الإجتماع بك ولو يوماً واحداً فلم أقدر على ذلك إلا في هذا الوقت حتى تحيلت عليك بهذه الحيلة وقد تمت وأنت الآن صغير لا تعرف مكر النساء ولا دواهي العجائز، فقلت: لا والله ، فقالت لي: طب نفساً وقر عيناً فإن الميت مرحوم والحي ملطوف، وأنت شاب مليح وأنا ما أريدك إلا بسنة الله ورسوله، ومهما أردت من مال وقماش يحضر لك سريعاً ولا أكلفك بشيء أبداً، ثم إنها صفقت بيدها وقالت: يا أمي أحضري من عندك، وإذا بالعجوز قد أقبلت بأربعة شهود عدول، ثم إنها أوقدت أربع شمعات فلما دخل الشهود سلموا علي وجلسوا فقامت الصبية وأرخت عليها إزاراً، ووكلت بعضهم في ولاية عقدها، وقد كتبوا الكتاب وأشهدت على نفسها أنها قبضت جميع المهر مقدماً ومؤخراً وأن في ذمتها عشرة آلاف درهم، وقالت: يا عزيز إن عندنا من الدقيق والحبوب والفواكه والرمان والسكر واللحم والغنم والدجاج وغير ذلك ما يكفينا أعواماً عديدة، ولا يفتح بابنا من هذه الليلة إلا بعد سنة، فقلت: لا حول ولا قوة إلا بالله. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

عودة إلى البستان

وفي الليلة السادسة والتسعين بعد الستمئة، قالت شهرزاد: بلغني الملك السعيد، لما كملت السنة حملت مني ورزقت منها ولداً، وعند رأس السنة سمعت فتح الباب، وإذا بالرجال دخلوا بكعك ودقيق وسكر فأردت أن أخرج، فقالت: إصبر إلى وقت العشاء، ومثلما دخلت أخرج، فصبرت إلى وقت العشاء وأردت أن أخرج وأنا خائف مرجوف، وإذا هي قالت: والله ما أدعك تخرج حتى أحلفك أنك تعود في هذه الليلة، قبل أن يغلق الباب فأجبتها إلى ذلك وحلفتني بالإيمان الوثيقة على السيف والمصحف والطلاق أن أعود إليها، ثم خرجت من عندها ومضيت إلى البستان فوجدته مفتوحاً كعادته فاغتظت، وقلت في نفسي: إني غائب عن هذا المكان سنة كاملة وجئت على غفلة فوجدته مفتوحاً يا ترى هل الصبية باقية على حالها أولاً، فلا بد أن أدخل وأنظر قبل أن أروح إلى أمي وأنا في وقت العشاء، ثم دخلت البستان ومشيت حتى أتيت المقعد، فوجدت بنت دليلة المحتالة جالسة ورأسها على ركبتها ويدها على خدها وقد تغير لونها وغارت عيناها، فلما رأتني قالت: الحمد لله على السلامة وهمت أن تقوم فوقعت من فرحتها فاستحييت منها، وطأطأت رأسي.

انتظار

ثم تقدمت إليها وقلت لها: كيف عرفت أني أجيء إليك في هذه الساعة؟ قالت: لا علم لي بذلك والله إن لي سنة لم أذق فيها نوماً بل أسهر كل ليلة في انتظار، وأنا على هذه الحالة من يوم خرجت من عندي، ووعدتني أنك تجيء إلي وقد انتظرتك، فما أتيت لا أول ليلة ولا ثاني ليلة ولا ثالث ليلة فاستمررت منتظرة لمجيئك والعاشق هكذا يكون، وأريد أن تحكي لي ما سبب غيابك عني هذه السنة؟ فحكيت لها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

غضب

وفي الليلة السابعة والتسعين بعد الستمئة، قالت شهرزاد: فلما علمت أني تزوجت اصفرّ لونها، ثم قلت لها: إني أتيتك هذه الليلة وأروح قبل الصباح، فقالت: أما كفاها أنها تزوجت بك وعملت عليك حيلة وحبستك عندها سنة كاملة حتى حلفتك بالطلاق أن تعود إليها قبل الصباح، ولم تسمح لك بأن تتفسح عند أمك ولا عندي، ولكن رحم الله عزيزة فإنها جرى لها ما لم يجر لأحد وصبرت على شيء لم يصبر عليه مثلها، وماتت مقهورة منك وهي التي حمتك مني، وكنت أظنك تجيء فأطلقت سبيلك مع أني كنت أقدر على حبسك وعلى هلاكك، ثم بكت واغتاظت ونظرت إلي بعين الغضب.

انتقام

فلما رأيتها على تلك الحالة ارتعدت فرائصي وخفت منها وصرت مثل الفولة على النار، ثم قالت لي: ما بقي فيك فائد بعدما تزوجت وصار لك ولد، فأنت لا تصلح لعشرتي لأنه لا ينفعني إلا الأعزب وأما الرجل المتزوج فإنه لا ينفعني، والله لأحسرّنها عليك ثم صاحت فما أدري إلا وعشر جواري أتين ورمينني على الأرض، فلما وقعت تحت أيديهن قامت هي وأخذت سكيناً، وقالت: لأذبحنك ذبح التيوس، ويكون هذا أقل جزائك على ما فعلت مع ابنة عمك، فلما نظرت إلى روحي وأنا تحت جواريها وتعفر خدي بالتراب ورأيت السكين في يدها تحققت الموت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

روح عزيزة

وفي الليلة الثامنة والتسعين بعد الستمئة، قالت شهرزاد: ثم إن الشاب عزيز قال لتاج الملوك: ثم استغثت بها فلم تزدد إلا قسوة، وأمرتهن أن يكتفنني فكتفنني ورمينني على ظهري وجلسن على بطني وأمسكن رأسي، وقامت جاريتان فأمرتهما أن يضرباني فضرباني حتى أغمي علي وخفي صوتي، فلما استفقت قلت في نفسي: إن موتي مذبوحاً أهون علي من هذا الضرب، وتذكرت كلمة ابنة عمي حيث قالت: كفاك الله شرها، فصرخت وبكيت حتى انقطع صوتي ثم سنت السكين، فألهمني الله أن أقول الكلمتين اللتين أوصتني بهما ابنة عمي وهما: الوفاء مليح والغدر قبيح، فلما سمعت ذلك صاحت وقالت: رحمك الله يا عزيزة سلامة شبابك، نفعت ابن عمك في حياتك وبعد موتك، ثم قالت لي: والله إنك خلصت من يدي بواسطة هاتين الكلمتين، ثم رفستني برجلها فقمت وما قدرت أن أمشي فتمشيت قليلاً قليلاً، وأنا غائب عن الوجود، فلما صحوت وجدت نفسي مرمياً على باب البستان.

بكاء الأم

فقمت وأنا أتضجر وتمشيت حتى أتيت إلى منزلي فدخلت فيه فوجدت أمي تبكي علي، وتقول: يا هل ترى يا ولدي أنت في أي أرض؟ فدنوت منها ورميت نفسي عليها فلما نظرت إلي ورأتني وجدتني على غير استواء وصار على وجهي الاصفرار والسواد، ثم تذكرت ابنة عمي وما فعلت معي من المعروف وتحققت أنها كانت تحبني فبكيت عليها وبكت أمي، ثم قالت إلي: يا ولدي إن والدك قد مات فازددت غيظاً وبكيت حتى أغمي علي، فلما أفقت نظرت إلى موضع ابنة عمي التي كانت تقعد فيه فبكيت ثانياً حتى أغمي علي من شدة البكاء وما زلت في بكاء ونحيب إلى نصف الليل، فقالت لي أمي: إن لوالدك عشرة أيام وهو ميت فقلت لها: أنا لا أفكر في أحد أبداً غير ابنة عمي لأني أستحق ما حصل لي حيث أهملتها وهي تحبني فقالت: وما حصل لك؟ فحكيت لها ما حصل لي فبكت ساعة، ثم قامت وأحضرت لي شيئاً من المأكول فأكلت قليلاً وشربت وأعدت لها قصتي، وأخبرتها جميع ما وقع لي، فقالت: الحمد لله حيث جرى لك هذا وما ذبحتك، ثم إنها عالجتني وداوتني حتى برأت وتكاملت عافيتي، فقالت لي: يا ولدي الآن أخرج لك الوديعة التي أودعتها ابنة عمك عندي فإنها لك، وقد حلفتني أني لا أخرجها لك حتى أراك تتذكرها وتحزن عليها وتقطع علاقاتك من غيرها. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وديعة عزيزة

وفي الليلة التاسعة والتسعين بعد الستمئة، قالت شهرزاد: قالت الأم: الآن رجوت فيك هذه الخصال ثم قامت وفتحت صندوقاً وأخرجت منه هذه الخرقة التي فيها صورة هذا الغزال، وهي التي وهبتها لها أولاً فلما أخذتها وجدت مكتوباً فيها هذه الأبيات:

أقمتم عيوني في الهوى وقعدتم

وأسهرتم جفني القريح ونمتم

وحللتم بين الفؤاد وناظـري

فلا القلب يسلوكم ولو ذاب منكم

وعاهدتموني أنكم كاتمو الهوى

فأغراكم الواشي وقال وقلتـم

فبالله إخواني إذا مت فاكتبـوا

على لوح قبري أن هذا متـيم

فلما قرأت هذه الأبيات بكيت بكاء شديداً ولطمت على وجهي، وفتحت الرقعة فوقعت منها ورقة أخرى ففتحتها فإذا مكتوب فيها: إعلم يا ابن عمي أني جعلتك في حل من دمي، وأرجو الله أن يوفق بينك وبين من تحب ولكن إذا أصابك شيء من دليلة المحتالة فلا ترجع إليها ولا لغيرها، وبعد ذلك اصبر على بليتك ولولا أجلك المحتم لهلكت من الزمان الماضي، ولكن الحمد لله الذي جعل يومي قبل يومك، وسلامي عليك واحتفظ بهذه الخرقة التي فيها صورة الغزال ولا تفرط فيها، فإن تلك الصورة كانت تؤانسني إذا غبت عني، وإن قدرت على من صورت هذه الصورة ينبغي أن تتباعد عنها ولا تدعها تقرب منك، ولا تتزوج بها وإن لم تقدر عليها ولا تجد لك إليها سبيلاً فلا تقرب واحدة من النساء بعد، واعلم أن التي صورت هذه الصورة تصور في كل سنة صورة مثلها وترسلها إلي أقصى البلاد لأجل أن يشيع خبرها وحسن صنعتها التي يعجز عنها أهل الأرض وأما محبوبتك دليلة المحتالة، فإنها لما وصلت إليها هذه الخرقة التي فيها صورة الغزال صارت تريها للناس وتقول لهم: إن لي أختاً تصنع هذا مع أنها كاذبة في قولها، هتك الله سترها، وما أوصيتك بهذه الوصية إلا لأنني أعلم أن الدنيا قد تضيق عليك بعد موتي وربما تتغرب بسبب ذلك وتطوف البلاد، وتهيم بصاحبة هذه الصورة فتتشوق نفسك إلى معرفتها، واعلم أن الصبية التي صورت هذه الصورة بنت ملك جزائر الكافور. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

ابنة الملك

ولما كانت الليلة السبعمئة، قالت شهرزاد: إن عزيز قال تاج الملوك: فلما قرأت تلك الورقة وفهمت ما فيها بكيت وبكت أمي لبكائي، وما زلت أنظر إليها وأبكي إلى أن أقبل الليل ولم أزل على تلك الحالة مدة سنة، وبعد السنة تجهز تجار من مدينتي إلى السفر وهم هؤلاء الذين أنا معهم في القافلة، فأشارت علي أمي أن أتجهز وأسافر معهم، وقالت لي: لعل السفر يذهب ما بك من هذا الحزن وتغيب سنة أو سنتين أو ثلاثاً حتى تعود القافلة فلعل صدرك ينشرح، وما زالت تلاطفني بالكلام حتى جهزت متجراً وسافرت معهم وأنا لم تنشف لي دمعة مدة سفري، وفي كل منزلة ننزل بها أنشر هذه الخرقة قدامي وأنظر إلى هذه الصورة فأتذكر ابنة عمي وأبكي عليها كما تراني، فإنها كانت تحبني محبة زائدة وقد ماتت مقهورة مني، وما فعلت معها إلا الضرر مع أنها لم تفعل معي إلا الخير، ومتى رجع التجار من سفرهم أرجع معهم وتكمل مدة غيابي سنة وأنا في حزن زائد، وما زاد همي وحزني إلا لأني جزت علي جزائر الكافور وقلعة البلور، وهي سبع جزائر والحاكم عليهم ملك يقال له شهرمان، وله بنت يقال لها دنيا، فقيل لي إنها هي التي تصور صورة الغزلان وهذه الصورة التي معك من جملة تصويرها.

حلم العودة

فلما علمت ذلك زادت بي الأشواق وغرقت في بحر الفكر والإحتراق، فبكيت على روحي ومن يوم فراقي لجزائر الكافور وأنا باكي العين حزين القلب ولي مدة على هذا الحال، وما أدري هل يمكنني أن أرجع إلى بلدي وأموت عند والدتي أو لا وقد شبعت من الدنيا ثم بكى، ونظر إلى صورة الغزال وجرى دمعه على خده وسال، وأنشد هذين البيتين:

وقائل قال لـي لا بـد مـن فـرج

فقلت قل لي متى لا بد مـن فـرج

فقال لي بعد حين قلت ياعجـبي

من يضمن العمر لي يا بارد الحجج

وهذه حكايتي أيها الملك فلما سمع تاج الملوك قصة الشاب، تعجب غاية العجب، وانطلقت من فؤاده النيران حين سمع بجمال السيدة دنيا.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

دنيا

ولما كانت الليلة الواحدة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: ثم إن تاج الملوك قال للشاب: والله لقد جرى لك شيء ما جرى لأحد مثله، ولكن هذا تقدير ربك وقصدي أن أسألك عن شيء، فقال عزيز: وما هو؟ فقال: تصف لي كيف رأيت تلك الصبية التي صورت الغزال؟ فقال: يا مولاي إني توصلت إليها بحيلة، وهى أني لما دخلت مع القافلة إلى بلادها كنت أخرج وأدور في البساتين وهي كثيرة الأشجار، وحارس البساتين شيخ طاعن في السن، فقلت له: لمن هذا البستان؟ فقال لي: لابنة الملك تتفرج في البستان فتشم رائحة الأزهار، فقلت له: أنعم علي بأن أقعد في هذا حتى تمر علي أن أحظى منها بنظرة.

فقال الشيخ: لا بأس بذلك فلما قال ذلك أعطيته بعض الدراهم وقلت له: اشتر لنا شيئاً نأكله ففرح بأخذ الدراهم وفتح الباب وأدخلني معه، وسرنا وما زلنا سائرين إلى أن وصلنا إلى مكان لطيف وأحضر لي شيئاً من الفواكه وقال لي: اجلس هنا حتى أذهب وأعود إليك وتركني ومضى فغاب ساعة ثم رجع ومعه خروف مشوي فأكلنا حتى اكتفينا وقلبي مشتاق إلى رؤية الصبية، فبينما نحن جالسون وإذا بالباب قد إنفتح، فقال لي: قم اختف واختفيت، وإذا بطواشي أسود أخرج رأسه من الباب، وقال: يا شيخ باب البستان وإذا بالسيدة دنيا طلعت من الباب فلما رأيتها ظننت أن القمر نزل في الأرض فاندهش عقلي وصرت مشتاق إليها كاشتياق الظمآن إلى الماء، وبعد ساعة أغلقت الباب ومضت. وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

وفي الليلة الثانية بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: عند ذلك قال عزيز: خرجت أنا من البستان وقصدت منزلي وعرفت أني لا أصل إليها ولا أنا من رجالها، فقلت في نفسي: إن هذه ابنة الملك وأنا تاجر فمن أين لي أن أصل إليها، فلما تجهز أصحابي للرحيل تجهزت أنا وسافرت معهم وهم قاصدون هذه المدينة، فلما وصلنا إلى هذا الطريق اجتمعنا بك وهذه حكايتي وما جرى لي والسلام.

وأدرك شهرزاد الصباح فسكتت عن الكلام المباح.

عشق على السماع

في الليلة الثالثة بعد السبعمئة، قالت شهرزاد: فلما سمع تاج الملوك ذلك الكلام اشتعل قلبه بحب السيدة دنيا، ثم ركب جواده وأخذ معه عزيز وتوجه به إلى مدينة أبيه، وأفرد له داراً ووضع له فيها كل ما يحتاج إليه، ثم تركه ومضى ودموعه جارية على خدوده، لأن السماع يحل محل النظر والاجتماع، وما زال تاج الملوك على تلك الحالة حتى دخل عليه أبوه فوجده متغير اللون فعلم أنه مهموم ومغموم، فقال له: يا ولدي أخبرني عن حالك وما جرى لك حتى تغير لونك، فأخبره بجميع ما جرى له من قصة دنيا من أولها إلى آخرها، وكيف عشقها على السماع ولم ينظرها بالعين، فقال: يا ولدي إن أباها ملك وبلاده بعيدة عنا، فدع عنك هذا وأدخل القصر.

الجريدة - القاهرة

الصبية تخير عزيز بين الزواج والقتل

عزيز ينجب ولداً ويهرب إلى البستان ويندم عقب وفاة عزيزة

تاج الملوج يبحث عن ابنة ملك جزائر الكافور

دنيا صاحبة صورة الغزلان تكره الرجال بسبب كابوس مزعج

عزيز لم يستطع تحمل صدمة خبر وفاة والده فبكى حتى أغمي عليه
back to top