ماذا فعل «كورونا» بالتعليم؟

نشر في 04-05-2021
آخر تحديث 04-05-2021 | 00:09
ما يقلق في قضية التعليم سواء كان تقليدياً أو إلكترونياً لا ينحصر في القدرة على معالجة مؤشرات الجودة، ولا في قدرة المؤسسات التعليمية على مواكبة تلك المتطلبات، بل في استمرار التدخلات السياسية في عمل الإدارات التعليمية رغم المعرفة بحجم الأضرار التي تحدثها تلك التصرفات وإرباكها لمتخذي القرار.
 أ. د. فيصل الشريفي بعد أن قامت منظمة الصحة العالمية بتسمية مرض كورونا كوفيد19 بالجائحة وصنفته كوباء، اتخذت معظم دول العالم الكثير من التدابير الاحترازية الضرورية للسيطرة على انتشار المرض، والتي غيرت من منظومة الحياة السلوكية الاجتماعية، وتركت أثرها على الاقتصاد والتجارة العالمية، وشلت حركة التنقل والسفر.

لقد كان ومازال الغموض يكتنف هذا المرض بسبب تضارب المعلومات وقلة البيانات المتوافرة عن طريقة انتقاله ومدة حضانته وفترة العدوى وكيفية علاجه والوقاية منه، وخير دليل على ذلك فشل الكثير من الدول في السيطرة على الموجات المتكررة للمرض وقدرة الفيروس على التحور، ناهيك عن تضارب البيانات حول كفاءة وفاعلية اللقاحات في منع الإصابة بالمرض أو على تقدير معرفة الأضرار الجانبية المصاحبة له.

رغم كل التدابير الوقائية فإن هذا الوباء استطاع أن يمد جناحيه على مفاصل الحياة، ومنها القطاع التعليمي الذي عانى بشكل كبير، بحيث لم يعد بالإمكان العودة إلى النظام التعليمي التقليدي، مما أجبر دول العالم على اعتماد منظومة التعليم الإلكتروني "عن بُعد"، ودولة الكويت لم تكن مستثناة من هذه التدابير، بل إنها من أولى الدول التي عملت بتوصيات منظمة الصحة العالمية، حيث إنها عملت على فرض الحظر الكلي والجزئي وقننت نسبة الموظفين العاملين في القطاع الحكومي، ومنعت التجمعات البشرية بكل أشكالها، ومنها وقف الدراسة التقليدية الصفية في جميع المراحل التعليمية.

قرار عودة الطلبة إلى الدراسة جاء متأخراً ومن خلال منظومة التعليم عن بُعد، إلا أن هذه العودة صاحبها الكثير من التحفظات ولأسباب كثيرة مثل عدم الإلمام الكافي بالمنصات التعليمية، وأساليب التواصل الفعال بين الطواقم التعليمية والطلبة، ناهيك عن صعوبة تدريس وشرح المواد العملية والتطبيقية من خلال تلك المنصات وكذلك من السيطرة على ظاهرة الغش.

اليوم أصحاب القرار في المؤسسات التعليمية يعانون من حجم الضغوط السياسية والشعبية برفضهم فكرة الاختبارات الورقية تحت حجة الخوف من انتشار المرض تارة، وتارة أخرى التعذر بعدم قدرة الطلبة على دخول الاختبارات الورقية بعد تعودهم على التعليم الإلكتروني، وأنها لن تكون منصفة للطلبة وسوف تؤثر على درجاتهم النهائية. ما يقلق في قضية التعليم سواء كان تقليدياً أو إلكترونياً لا ينحصر في القدرة على معالجة مؤشرات الجودة، ولا في قدرة المؤسسات التعليم على مواكبة تلك المتطلبات، بل في استمرار التدخلات السياسية في عمل الإدارات التعليمية رغم المعرفة بحجم الأضرار التي تحدثها تلك التصرفات وإرباكها لمتخذي القرار وهذا ما لا نتمناه.

معاناة التعليم لن تتوقف ما لم تكن هناك خطة وبرنامج عمل تتوافق عليه الحكومة والمجلس، ويقوم على تنفيذه وتطبيقه جهاز تربوي فني وإداري على قدر من الكفاءة والمسؤولية، ويتابعه وزيرا التربية والتعليم العالي، وهنا فقط نبارك ونطالب مجلس الأمة بمراقبة الأداء ومحاسبة المقصر.

ودمتم سالمين.

أ. د. فيصل الشريفي

back to top