أزمة كويت اليوم ومسارها المستقبلي

قراءة مستنبطة من التجارب المماثلة للمجتمعات المعاصرة

نشر في 03-05-2021
آخر تحديث 03-05-2021 | 00:04
أزمة كويت اليوم ومسارها المستقبلي
أزمة كويت اليوم ومسارها المستقبلي
تمرّ كل المجتمعات والاقتصادات، خلال مسیرتها، بمراحل ازدهار وتراجع، وأحیانا تمرّ بمرحلة ازدهار طويلة ثم تتبعها دائما، مع الأسف، أزمة حادة أو تراجع حاد یفرض علیها العودة إلى أرض الواقع، بعد انجراف طویل في أرض الخيال.
أحاول، في ورقتي هذه، أن أوضح بعض المفاهيم الاقتصادية، ومن خلالها أرسم تصوراً للطريق الذي ستسلكه الكويت على المديين القصير والبعيد. من خلال استقراء التجارب المماثلة للمجتمعات المعاصرة.

أولا:

اقتصاد الكويت نفطي 100 بالمئة، وما يسميه البعض نشاطاً اقتصادياً غير نفطي، ما هو إلا نشاط يخدم الدولة النفطية أو موظفيها أو من يخدمهم.

وما يطلق عليه الإيرادات الحكومية غير النفطية (الضرائب والرسوم)، ليس إلا أسلوب من أساليب خفض الإنفاق، لأنه استرجاع لبعض ما أنفقته الدولة، بمعنى آخر، الدولة تدفع راتب موظف 1000 دينار، وتأخذ منه ضريبة 100، فكأنها دفعت له 900 دينار.

الحقيقة هي أنه لا توجد إيرادات تُذكر لاقتصاد دولة الكويت، بخلاف إيرادات الصناعة النفطية وخدماتها التابعة، وفي حال توقفت هذه الإيرادات تماما، ستكون كويت اليوم أفقر من کویت ما قبل النفط، لأننا لم نعد نملك مهارات الماضي، حيث غدونا بعد فترة طويلة من الازدهار الممول من بئر نفط يعمل آليا، شعبا يحمل كل فرد فيه دلوه منتظرا حصته من بئر البترول، والأمر المؤلم أن الجميع يعلم بأن هذه البئر ستنضب يوما ما، وبأننا في ذلك اليوم سنواجه مشكلة، ولكن لا أحد يحرّك ساكنا.

هذا هو إشكال الكويت الحقيقي، أما الفرق بين الحكومات الجيدة والحكومات الأقل جودة، أو الحكومات مع هدر أو من دون هدر، أو مع سرقة أو من دون سرقة، فما هو إلا تأجيل للأزمة المحققة لمدة سنة أو سنتين.

ثانياً:

لا يوجد في التاريخ المعاصر دولة فقدت مكانتها المالية والتنافسية بعد أن كانت في سعة من الرزق، واستطاعت تدارك الأمر وإصلاح المسير، إلا بعد أن اصطدمت أو أوشكت على الاصطدام بحائط المأزق المالي الصعب.

فالشعوب، وبالتبعية السياسيون، لا يرغبون في التغيير المزعج والمؤلم، ولا يلجأون إليه إلا مضطرين، وحين تنحسر لديهم أي خيارات أخرى.

فلنأخذ مثلا بريطانيا، التي نستقي منها اليوم الخبرات والاستشارات الاقتصادية. بريطانيا سارت في طريق توسّع دور الدولة في الاقتصاد وتملّكها للأنشطة والشركات، إلى أن وصلت إلى حافة الإفلاس المالي، قبل أن يختار الشعب السيدة مارغريت ثاتشر لرئاسة الوزراء، وأعطاها الضوء الأخضر لإعادة هيكلة الاقتصاد وخصخصة الأنشطة، ومن ثم إعادة التنافسية إلى الاقتصاد البريطاني، ومع ذلك، لم تمرّ مرحلة التحول هذه من دون ألم ومعاناة، وإضرابات عمالية ومشاكل سياسية.

ومنذ وقت قريب، وصلت اليونان إلى حافة الإفلاس، وسقطت فيها 3 حكومات، قبل أن يقبل الشارع تطبيق برنامج الإصلاح الأوروبي، ومثلها الكثير کإسبانيا، ولبنان، وأيرلندا والاتحاد السوفياتي وغيرها.

ثالثا:

إن برامج الإصلاح عادة ما تمر بمرحلة مخاض صعب، يتطلب من المجتمعات إعادة صياغة لنموذجها الاقتصادي والسياسي والتغيير في مبادئ ومفاهيم المجتمع للعمل والمخاطر والحياة. وعادة ما يمر هذا المخاض بأربع مراحل كالتالي:

1 - الإنكار

هي مرحلة عدم التصديق، وإنكار وجود أي مشكلة. وهي مرحلة عشناها، ولا نزال نعيش بعض مظاهرها في الكويت.

2 - الغضب

بعد تجاوز مرحلة الإنكار تأتي مرحلة قبول الحقيقة والدخول في مرحلة الغضب، وهي أصعب مرحلة وأكثرها حرجاً، وعادة ما تتسبب بسقوط وتنحي عدد من الحكومات، ويبحث من خلالها المجتمع عن كبش فداء من السياسيين والتشريعيين والإدارة التنفيذية وأعوانهم في السوق.

ومقدار عدم الاستقرار والتغيير في هذه المرحلة يختلف من دولة إلى أخرى، بحسب عمق المشكلة وطبيعة المجتمع وتركيبته، فقد يكون سقوطاً مدوياً لدولة عظمى، مثل الاتحاد السوفياتي، وقد يكون سقوطا للحكومات، كسقوط ثلاث حكومات على التوالي في اليونان، وقد تشل البلاد من غير حلول مثل لبنان وفنزويلا وإيران، وقد تغرق البلاد في عدم الاستقرار والاضطرابات مثل بريطانيا في بداية عهد السيدة تاتشر، وقد تكون أقل عنفاً، مثل إسبانيا بعد ازمة 2008 وايرلندا والمغرب وایسلندا. لكنها بالعموم جميعها مؤلمة.

3 - قبول الأمر الواقع

مع نهاية مرحلة الغضب، تخرج عادة البلاد بنموذج لعقد اجتماعي سياسي اقتصادي جديد، وبأسلوب إدارة أكثر كفاءة من النموذج السابق، أو هكذا يتوقع له على الأقل، كما سيخرج المجتمع أكثر واقعية لما هو مطلوب من الفرد فيه، وما يمكن للفرد أن يتوقعه مقابل ما يؤديه بحسب تميزه في الأداء أو تكاسله.

4 - البدء بالتعامل الجاد مع المشكلة

وهي مرحلة البدء بتنفيذ الحلول، وفي كثير من الأحيان هي حلول كانت مطروحة منذ زمن، إلا أنها لم تجد القبول في حينها.

الطريق المتوقع أن تسلكه الكويت للتعامل مع أزمتها

مع أن الحوار الفلسفي والاقتصادي دائما ما يتمحور حول إيجاد مصادر الإيرادات البديلة عن النفط، إلا أن الجزء الأكبر من الحلول التي ستنجزها الدول النفطية لمواجهة مشكلة تراجع الإيرادات النفطية خلال العقدين القادمين، سيكون من خلال رفع مستوى الإنتاجية والقدرة التنافسية وكفاءة التشغيل. بمعنى آخر، رفع كمية الناتج القومي للمستخرج من كل دولار من الإيرادات النفطية.

فإذا نظرنا إلى تجربة الغرب في السعي لإيجاد البديل عن النفط كمصدر أساسي للطاقة، فإننا نجد أن الغرب لم يبدأ التعامل الجاد مع هذا الموضوع إلا بعد صدمة حظر تصدير النفط عام 1973. فقد تطلب الأمر مثل هذه الصدمة، والألم والغضب المصاحب لها، ليبدأ الغرب التعامل مع هذه الأولوية بجدية، ومع ذلك لم يتكمن الغرب من حل المشكلة عن طريق اكتشاف البديل إلا بعد حوالي خمسين عاما من تلك الصدمة، فاليوم فقط، ونحن في عام 2021، بدأ العالم يلمح مستقبل بدائل جديدة للطاقة، وما زال الأمر يتطلب المزيد من الوقت والاستثمار. غير أن الغرب حقق الكثير في مجال رفع كفاءة استخدامه للنفط، بمعنی رفع حجم الناتج القومي الذي يمكن أن يستخرجه من كل برميل نفط، فحسب بيانات البنك الدولي، فإن كفاءة الاستخدام خلال الخمسين عاما الماضية تطورت بنسبة تفوق 400 في المئة، أي أن العالم اليوم ينتج أربعاً إلى خمس أضعاف الناتج القومي من كل برميل نفط مقارنة مع ما كان يحققه في منتصف السبعينيات.

وعليه، فأغلب الظن أن الكويت، وبعد المرور بمراحل الصدمة والألم والغضب، سوف تبدأ مسيرة الإصلاح، والتي ستتسبب برفع كفاءة استخدامها للإيرادات النفطية، بحيث تسعى للمحافظة على مستويات المعيشة الحالية حتى مع تراجع الإيرادات النفطية، وذلك من خلال رفع كفاءة التشغيل وتنافسية وإنتاجية الفرد والمجتمع الكويتي.

وهنا يبرز سؤال مهم: هل هناك فرصة حقيقة أمام المجتمع والاقتصاد الكويتي لتطوير كفاءته وتنافسيته وإنتاجيته بنسبة تتراوح بين 400 و500 في المئة خلال عقدين؟ حسب قراءتي، بالتأكيد نعم!

حيث إن إنتاجية وتنافسية الاقتصاد الكويتي اليوم متخلفة جدا مقارنة بمتوسط الكفاءة والتنافسية العالمي او حتى بجاراتها الخليجية، فالفارق في الكفاءة والإنتاجية اليوم بين الكويت ودولة الإمارات مثلاً يصل إلى 300%، بمعنى أنه لو كانت إنتاجية الفرد والاقتصاد الكويتي اليوم بمستوى كفاءة دولة الإمارات، لكان الاقتصاد الكويتي اليوم ثلاثة أضعاف حجمه الحالي. وعليه، إذا ما استهدفت الكويت الوصول إلى متوسط الكفاءة العالمي بمقاييس اليوم، فإنها سوف تحقق خلال عقدين رفع كفاءة تصل إلى ما بين 400% إلى 500%، وذلك فقط باتباع خطى الآخرين دون الحاجة للابتكار!

إن رفع الكفاءة بنسبة 400% يعني أنه يمكن للفرد الكويتي أن يعيش بنفس مستوى دخله اليوم بربع مدخول الإيرادات النفطية، ولكن طبعا مع مستوى أعلى بكثير في ساعات العمل الجاد والتدريب، ومع مستوى أدني بكثير من الإسراف والهدر، سواء على مستوى الدولة أو الفرد أو الأسرة... ومع تطور تنافسية الفرد والاقتصاد الكويتي واقترابها من متوسط إنتاجية الفرد العالمية، سنبدأ حينذاك برؤية براعم صادرات من السلع والخدمات غير النفطية، كبوادر لاقتصاد جديد غير نفطي، ولكن ليس قبل ذلك.

تجارب المجتمعات الأخرى

إذاً، قياساً إلى تجارب المجتمعات الأخرى، مثل تعامل المجتمعات الغربية مع أزمات الطاقة، فإن الكويت مدعومة برؤية، أو مدفوعة بالضرورة والحاجة، سوف تضطر لأن تعالج الأمر على المديين المتوسط والطويل عن طريق رفع الكفاءة والإنتاجية والقدرة التنافسية، إذ لا يوجد أمامها حل آخر، وسوف تستخدم مثل سابقاتها من المجتمعات بعض الحلول التسكينية القصيرة الأجل لشراء الوقت إلى حين ظهور نتائج العلاج الرئيسي.

كما سوف يدرك المجتمع الكويتي وقيادته مع الوقت (أو سوف يسير في ذلك الاتجاه مجبراً) أن رفع الكفاءة والإنتاجية والتنافسية لا يمكن أن يتم إلا برفع حجم المنافسة الداخلية (داخل الكويت) إلى أعلى من مستويات المنافسة الداخلية في الدول التي تستهدف الوصول إلى مستواها أو التفوق عليها.

كمثال، إذا أرادت الكويت في بادئ الأمر أن تستهدف الوصول إلى (أو التفوق على) مستوى الكفاءة والإنتاجية والتنافسية لدولة الإمارات العربية المتحدة، فيجب عليها أن ترفع حجم المنافسة الداخلية إلى أعلى مما هو عليه في دولة الإمارات، فإن كان لدى دولة الإمارات سوقان ماليان رئيسيان متنافسان (بورصتان، وهما دبي وأبوظبي) فيجب أن تحرص الكويت على فتح تراخيص أسواق المال، وأن يكون لديها ما لا يقل عن ثلاث بورصات متنافسة بشكل مباشر وثلاث شركات مقاصة، كما يتوجب على الكويت إطلاق تراخيص شركات الطيران، ففي دولة الإمارات توجد أربع شركات طيران متنافسة، ويتوجب تحويل مباني الطيران الأربعة T1 إلى T4 إلى شركات إدارة متنافسة، تسعى كل منها لجذب خطوط الطيران والمسافرين وخدمات الشحن الجوي، ففي الإمارات توجد ثلاثة مطارات متنافسة، وهكذا للمواني البحرية، بحيث يتم تحويل مواني الشويخ والشعيبة وميناء مبارك (بوبيان) إلى ثلاث موانئ بإدارة خاصة، متنافسة بعضها مع بعض. والأمر نفسه ينطبق على إدارة المنافذ البرية، كذلك في قطاع الصحة والتعليم ومراكز خدمة العملاء بالدولة وغيرها الكثير.

خفض تدخُّل الدولة

ومن أجل تحسين بيئة الأعمال، ولجذب رؤوس الأموال للاستثمار، وبالتالي خلق فرص للعمل، سوف تضطر إدارة الدولة للتقليل من تدخلها في مجال السيطرة على التراخيص، ولكون الدعم (دعم الكهرباء أو توفير الأراضي المجانية أو تراخيص العمل والإعفاءات الجمركية) هو السبب للبيروقراطية المقيدة، والتي فشلت في منع سوء استغلال الدعم، فإن الكويت سوف تسير على طريق إلغاء أغلب أشكال الدعم التجاري والصناعي والزراعي.

إن الدعم والحماية والاحتكار لا يفيد ولا يتسبب إلا بزيادة البيروقراطية وقلة الكفاءة وتراجع التنافسية وارتفاع الأسعار وتراجع الجودة، فالحماية والدعم لم يحميا سوق الكويت المالي (البورصة) من التراجع من كونه ثاني أكبر سوق إقليمي إلى الرابع، وانتقال القيادة إلى بورصة دبي والتي تعيش في جو تنافسي أكبر. وسنوات الحماية من منافسة البنوك الخليجية والأجنبية لم تحمِ القطاع المصرفي الكويتي من التراجع من ثاني أكبر قطاع مصرفي خليجي إلى قريب الرابع، بينما احتل مركز الصدارة القطاع المصرفي الإماراتي، والحماية والدعم لم تمنعا الخطوط الجوية الكويتية من السقوط من الأولى خليجيا في السبعينيات إلى آخر الصف تماما، بينما تحولت القيادة إلى طيران الإمارات، والتي تنافسها ثلاث خطوط طيران وطنية أخرى هي العربية، وفلاي دبي، والاتحاد.

توقعات

عموما، من المتوقع (إما بسبب رؤية، أو نتيجة فرض الظروف) أن تتوقف كل أشكال الدعم المختلفة، وسوف يتوقف العمل بتراخيص العمل المجانية، وسيستعاض عنها بتسعيرها حسب سعر السوق السوداء لهذه التراخيص اليوم (من 300 دينار إلى 500 دینار) مع رفع القيمة أو خفضها للسيطرة على عدد العمالة الوافدة بالنقص أو الزيادة. كما سيعي المجتمع بدون شك، مع توسع دور الأنشطة غير الحكومية، ضرورة تفعيل قوانین منع الاحتكار وتشجيع المنافسة ومحاربة الفساد، وإطلاق التراخيص في جميع المجالات، ومحاربة كل الأساليب المؤدية لمنع المنافسة أو تقليصها بأوجه غير شرعية، مثل التسعير دون التكلفة من قبل اللاعب الأكبر بالسوق، أو السيطرة عن طريق التملك على كل المنافسين (مثل ما هو حاصل بشركات توزيع البنزين)، أو تحديد الأسعار السري بين المتنافسين، والذي ترعاه إلى يومنا الحاضر وزارة التجارة في مجالات مثل تسعير خدمات فنادق الخمس نجوم لكن الإدراك الأهم هو التعامل مع أكبر مفسد للمنافسة، ألا وهو منافسة الدولة، لأن المجتمعات جميعها في وقت من الأوقات، وعند سعيها لجذب رؤوس الأموال للاستثمار وخلق فرص العمل خارج القطاع العام، تكتشف أن رؤوس الأموال لا تحب التنافس مع الدولة لعدة أسباب.

1 - المنافس المملوك للدولة مستعد أن يبيع دون سعر التكلفة، وتحقيق الربح ليس مهما بالنسبة له، فالمالية العامة تعوض خسائره، كما أنه يحصل على الدعم على شكل تمويل مجاني وأراض مجانية تماما مثل نموذج الخطوط الجوية الكويتية اليوم.

2 - لا يمكن أن تتطور أي لعبة عندما يكون المنظم والمدير لهذه اللعبة هو في نفس الوقت منافس رئيسي فيها، كأن يكون لحكام كرة القدم واتحاد الكرة مثلا فریق ينافس بالدوري العام! أي صاحب عقل سليم يرضى أن يشترك في مثل هذا الدوري؟!

سوف تبدأ الدولة بالخروج من المنافسة في الأسواق لا محالة، مجبرة أو مسيرة. وفي القطاعات التي لن تتمكن من الخروج الكامل منها مثل الصحة والتعليم- سوف تتخذ إجراءات لتحفيز المنافسة العادلة بين المتنافسين الحكوميين وغير الحكوميين، مثل نشر التأمين الصحي على جميع المواطنين، فتتساوى التكلفة بنظر المواطن بين القطاعين وينتشر التنافس بالجودة، وبالضرورة سوف تتم إزالة سلطة إدارة هذه القطاعات في الوزارات الحكومية (صحة وتعليم)، ومنح سلطة الإدارة الى هيئات مستقلة تدير القطاع وتحكم بين اللاعبين وتمنع اللاعب الحكومي من الممارسات المخلة بالمنافسة. وقواعد اللعبة هذه هي الخطوط العريضة المتاحة للكويت والمستقاة من تجارب المجتمعات المعاصرة في التعامل مع مشكلة التراجع المستمر في إيراداتها النفطية مقابل الزيادة الكبيرة في أعداد القادمين إلى سوق العمل، وستعتمد سرعة هذا الإنجاز وعمق حركة الإصلاح على حجم الأزمة المالية، فكلما كانت درجة التراجع في الإيرادات النفطية أعلى كان الإصلاح أعمق وأسرع.

الخلاصة

الدول والمجتمعات تضل السبيل، وتخطئ الطريق، ثم تستيقظ حين تجد نفسها على حافة الهاوية أو قريبة منها. عند ذلك. وبعد مرحلة غضب وألم تبدأ السير في طريق الإصلاح الحقيقي وتطوير نموذج إدارة وتنمية ومبادئ عمل جديدة، فالأزمات تشحذ الهمم وتوضح الأولويات، وتنهي النقاش الفلسفي العقيم، وتجرد الزائفين، وتعود بروح المبادرة وأخذ المخاطرة المحسوبة من جديد. ومن خلال مسيرة الإصلاح سوف تكتشف تلك المجتمعات أن الطريق الوحيد لبناء مستقبل زاهر هو في الإبقاء على الروح التنافسية وتحفيز العمل الجاد للمجتمع، ومحاربة الكسل، والحزم في مواجهة الفساد والاستغلال بأشكاله.

الحلول قصيرة الأجل

أما الحلول التسكينية القصيرة الأجل فسوف تتمحور حول:

1 - زيادة الرسوم والضرائب.

2 - الانتقال من تراخيص العمل المجانية إلى تسعيرها حسب سعر السوق السوداء كبداية.

3 - إلزام رب العمل بالتأمين الصحي للعمالة الوافدة، وتكريس خدمات الصحة العامة للمواطنين فقط، كما تم بالفعل مع التعليم.

4 - فتح باب الاقتراض من الأسواق المالية.

5 - السحب من «احتياطي الأجيال» بأشكاله المختلفة.

6 - بيع الأصول، مثل محطات الكهرباء والماء ومحطات تكرير المياه والمستشفيات والمدارس الفائضة على الحاجة، والأراضي والتراخيص.

7 - إصلاح الدعم بتوجيهه فقط للمستحق، وليس لإجمالي الجمهور، ولتحقيق ذلك لا بد من إلغاء دعم الأسعار وتعويمها، ودعم الأسر المستحقة بدعم نقدي.

عدنان عبدالعزیز البحر

لا إيرادات تُذكر لاقتصاد دولة الكويت بخلاف الصناعة النفطية وخدماتها التابعة

اليونان وصلت منذ وقت قريب إلى حافة الإفلاس وسقطت فيها 3 حكومات قبل أن يقبل الشارع تطبيق برنامج الإصلاح الأوروبي

برامج الإصلاح عادة ما تمرّ بمرحلة مخاض صعب تتطلب من المجتمعات إعادة صياغة لنموذجها الاقتصادي والسياسي

هل هناك فرصة حقيقية أمام المجتمع والاقتصاد الكويتي لتطوير كفاءته وتنافسيته وإنتاجيته بنسبة تتراوح بين 400 و500% خلال عقدين؟ حسب قراءتي: بالتأكيد نعم!

من أجل تحسين بيئة الأعمال، ولجذب رؤوس الأموال للاستثمار وبالتالي خلق فرص للعمل، سوف تضطر إدارة الدولة للتقليل من تدخلها في مجال السيطرة على التراخيص
back to top