لبنان يعود إلى مفاوضات «الترسيم» مع إسرائيل بـ «محرك إقليمي»

نشر في 02-05-2021
آخر تحديث 02-05-2021 | 00:07
الجدار الحدودي بين لبنان وإسرائيل
الجدار الحدودي بين لبنان وإسرائيل
غريب حجم الارتباط اللبناني بما يجري إقليمياً ودولياً، إلى درجة أنه في بعض الأحيان لا يظهر ملموساً، أو يصعب على الكثيرين إيجاد دلائل ملموسة عليه، لكنه ينعكس سريعاً وفوراً على الوقائع والتطورات اللبنانية.

التغييرات التي طرأت على ملف المفاوضات مع إسرائيل حول ترسيم الحدود، كانت آخر دليل بارز على حجم هذا الارتباط الوثيق.

ومع سفر الوفد الأميركي، الذي يلعب دور الوساطة إلى بيروت، تُستأنف مفاوضات الناقورة، بعد غد الثلاثاء، بعد توقفها قبل فترة بفعل التصعيد الإيراني الأميركي.

وتأتي العودة إلى طاولة التفاوض على وقع حركة كبرى تشهدها منطقة الشرق الأوسط لا يمكن للبنان بأي شكل أن يكون بعيداً عنها، من المفاوضات الإيرانية-الأميركية في فيينا، إلى المعلومات عن حوارات سعودية- إيرانية، بالتزامن مع معلومات جديدة تؤكد تجدد النشاط الروسي على خطّ إجراء مفاوضات غير مباشرة بين سورية وإسرائيل.

وعندما قررت الدولة اللبنانية الذهاب إلى مفاوضات ترسيم الحدود الخريف الفائت، جاءت الخطوة بعد كمّ كبير من الضغوط التي تعرض لها لبنان، وحزب الله وإيران. قدم لبنان ورقته التفاوضية، وعقدت أربع جلسات في بلدة الناقورة الحدودية اللبنانية على البحر، حيث مقر قوات «اليونيفيل»، لكنها تعرقلت فيما بعد بسبب طرح لبناني يقضي بتوسيع الحدود عما هو معروض أميركياً (أي مساحة 860 كلم مربع)، إلى مساحة 2290 كلم مربع، وهو ما دفع الإسرائيليين إلى الانسحاب والأميركيين إلى التضامن مع المبدأ الإسرائيلي. وحينها أوصل الأميركيون رسالة واضحة للبنان بأنه يخرق الاتفاق، وهذا الأمر سيؤدي إلى خسارته على المدى الزمني لحقوقه.

وجاءت «عرقلة» مفاوضات الناقورة على إيقاع الانتظار الإيراني لما سيحصل مع إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وقد عادت المفاوضات، وتعتبر طهران أنها قادرة على تحقيق نتائج إيجابية، خصوصاً بعد زيارة أجراها وكيل وزارة الخارجية الأميركية ديفيد هيل الى لبنان، أكد خلالها للمسؤولين اللبنانيين بأنه لا خيار لديهم سوى التفاوض، لأن التأخير سينعكس سلباً على مصلحة بلدهم، بما أن إسرائيل أصبحت جاهزة خلال أشهر للبدء بعمليات استخراج النفط والغاز، وقد أنهت عمليات الاستكشاف، التي لم يبدأها لبنان بعد.

وتعتبر مصادر رسمية لبنانية أنه لا مجال إلا بنجاح المفاوضات، والأهم هو أن يعمل لبنان على تعزيز حقوقه وتوسيع الحصة التي سينالها، وتجاوز نقطة الـ 860 كلم، وإن لم يحصل على مساحة 2290 كلم مربع كاملة.

لكن هناك حقلاً أطلق عليه اسم «حقل قانا» لا بد من الحصول عليه كاملاً. وتشير المصادر الرسمية إلى أن هناك قناعة لدى القوى السياسية اللبنانية بأن لبنان قادر على تحقيق مساحة أوسع من 860 كلم مربع، مع طرح فكرة التراجع عن الـ 2290، إلا أن الجيش اللبناني حتى الآن لا يزال يتمسك بطرحه ووثائقه، وهو يفضل انتظار ما سيتم عرضه من قبل الأميركيين والإسرائيليين.

قبل التوجه إلى مقرّ الأمم المتحدة في الناقورة، سيعقد اجتماع بين رئيس الجمهورية ميشال عون، وقائد الجيش وأعضاء الوفد اللبناني المفاوض، للاتفاق على المنطلق الأساسي للتفاوض الذي سيرتكز عليه لبنان.

وتقول المصادر إن الوفد سيبقى بنفس أعضائه، رغم دعوة رئيس التيار الوطني الحرّ جبران باسيل لتوسيع الوفد وإعطائه طابعاً سياسياً واقتراحه أن يترأسه ممثل لرئيس الجمهورية، وأن يضم ممثلاً لرئيس الحكومة وللوزراء المعنيين بالملف.

ووُوجهت دعوة باسيل برفض مطلق من قبل حزب الله وحركة أمل، لأنهما يعتبران أن ذلك سيكون مقدمة لمفاوضات سياسية لا يريدها أحد، بينما الهدف هو إجراء مفاوضات تقنية مهمتها الأساسية حماية حقوق لبنان في البحر.

منير الربيع

back to top